هلال العبيدي

خلايا إيران تتحرك في سرية تامة داخل البلدان العربية بدهاء ووفق خطة فارسية قديمة

الإعلام العربي والأوروبي كثف النشر عن اغتيال خاشقجي وأعطى ظهره لتفجير باريس!

إيران جيت فضحت علاقة طهران بإسرائيل والتنسيق بينهما

إبراهيم رئيسي مجرم وسجله في ملف حقوق الإنسان ينذر بعزلة إيرانية

حوار: أبوبكر أبوالمجد

إيران تلعب دورًا خبيثًا في الداخل العربي بهدف نشر التشيع وجعل العرب تابعين لنظام الولي الفقيه، وهي لم تكتف بتوغلها في لبنان وسوريا والعراق واليمن؛ بل تتحرك في سرية ووفق مخطط فارسي قديم وبدهاء لاستهداف دولًا أخرى بهدف شق صفها.

وفي هذا الحوار الذي يصحبنا فيه الكاتب والمحلل السياسي، هلال العبيدي، المقيم في باريس، والذي له عديد من المقالات بالصحف العربية، والمقابلات بالفضائيات لتحليل العلاقات الدولية والشرق الأوسط تحديدًا.. ومشكلات إيران مع أوروبا ودول الخليج، سنكشف كيف تستهدف إيران الشباب العربي لتشييعهم خاصة في دول المغرب العربي، إضافة للعديد من الملفات الأخرى الهامة.

الدور الخبيث لإيران وخلاياها في المنطقة العربية ليس خافيًا فما سر غياب الدور العربي في مواجهة هذا الدور؟

الدور الخبيث لإيران في الدول العربية لا يخفى على أحد، فإيران لم تكتف بالدول العربية القريبة منها أو المجاورة لها كالعراق أو سوريا أو دول الخليج بل ذهبت لأبعد من ذلك، حيث شرعت في التدخل في شؤون الدول العربية في شمال افريقيا، عن طريق تغيير مذهب هذه البلاد، وطرح عقيدة التشيع، وهذا يحدث عن طريق بعض الجمعيات في أوروبا، التي تتبنى طرح الفكر الشيعي، ويكون المستهدف هم العرب من أبناء دول المغرب العربي، كتونس وليبيا والجزائر، وحتى المصريين، بهدف استدراج أبناء هذه الدول إلى حسينيات إيران، كي يكون هؤلاء نواة المشروع الإيراني في بلادهم وامتداد مشروع ولاية الفقيه، وهو مشروع لا يؤمن بالأوطان، ويستهدف أن يكون الولي الفقيه في طهران هو المسؤول عن كل المسلمين بالعالم!

فمشروع إيران هو مشروع أممي، وللأسف ليس هناك دور عربي لمواجهة هذا المشروع الصفوي الفارسي.
كان هناك محاولة للتصدي لهذا المشروع، وأول تصدي واجهه كان عن طريق العراق من العام 1980 وحتى الهدنة عام 1988؛ لكن للأسف لم يصمد أمام مكائد إيران واستغلالها للغزو الغربي بقيادة الولايات المتحدة للعراق في 2003.

واستطاعت إيران الولوج إلى لبنان وسوريا والعراق واليمن وتأسست كيانات موازية داخل هذه الدول، كحزب الله في لبنان، إضافة للحشد الشعبي في العراق، والحوثيين في اليمن، ومليشيات عدة في سوريا، وكل هذه الكياتات العسكرية تمنع قيام دولة موحدة قوية، لولائها للولي الفقيه في إيران، ما يجعل السيادة في هذه الدول ناقصة.

وجاءت الثورات العربية لتزيد من ضعف الدول العربية وتجعلها تنشغل أكثر بنفسها وشؤونها الداخلية والانكفاء على نفسها، ما أعطى للتحركات الإيرانية في الدول العربية لنشر التشيع حرية أكبر خاصة وأنها تتم في سرية شديدة.

ولا يظن أحد أن هذه الجماعات السرية غير موجودة، فهي موجودة في مصر وتونس والجزائر والمغرب وليبيا ووصلت حتى إلى السودان، وهذه الجماعات تتحرك بأوامر من الحرس الثوري الإيراني، ومنه تحصل على التمويل ثم على السلاح إن لزم الأمر بعد ذلك!

وكل هذا لإسقاط المشروع العربي، والهيمنة على مقدراتها، ولا يجب أن ننسي كراهية هؤلاء الفرس للعرب، وهو أمر معلن ويجاهرون به ليل نهار، والمنظمات التابعة لهذا الفكر الشيعي يسمون العرب بدوًا أو همجًا!

لذلك يجب على الدول العربية التيقظ لهذا المشروع، والتصدي له لخطورته الشديدة على الهوية العربية، ويتم رسم خطوط استراتيجيته بدهاء فارسي معروف وعبر سنين طويلة.

يتجاذب الإسرائيليون والإيرانيون الأراضي العربية ويبحثون عن اختراق الصف العربي فأيهما أقدر على ذلك؟

يصعب على اسرائيل اختراق المجتمعات العربية بنفس التسلل الذي تقوم به المنظمات الإيرانية لأنها مرفوضة عربيًا، وثمة موانع نفسية حتى بعد التطبيع تحول بين اسرائيل وتغلغلها في العالم العربي إلا بنسب قليلة هنا وهناك.

أما إيران فهي تلعب باسم الإسلام وتستغله لضرب الهوية العربية في الصميم، وأنا أعتقد بشكل جازم أن هناك تخادم بين إيران وإسرائيل وتخابر يتم على أعلى مستوى بين البلدين، وفضح ذلك إيران جيت وكيف كانت إسرائيل تصدر السلاح إلى نظام الملالي، الأمر الذي كشف ما لم يكن يراد كشفه، وأوضح أن ثمة اتفاق بين البلدين على تقاسم النفوذ في المنطقة العربية، وحتى التلاسن الإسرائيلي الإيراني، أو التهديدات المتبادلة بينهما، ليس لها أي صدى حقيقي على أرض الواقع.

ففيلق القدس ذبح السوريين في سوريا والعراقيين في العراق واللبنانيين في لبنان، وحتى في اليمن، وهو آداة الهيمنة على المليشيات الشيعية الموالية لطهران، وقيادته هي التي تدرب وتعطي المال والسلاح؛ لكن لا يوجد قتيل إيراني واحد سقط دفاعًا عن فلسطين.

حتى في حرب غزة الأخيرة في رمضان الماضي لم نجد أي ممن يعلنون أنهم في محور المقاومة أو الممانعة ولم نسمع لهم ذكرًا!

ما السر وراء عدم وجود دعم عربي للمعارضين الإيرانيين؟

لم يكن هناك موقفًا عربيًا موحدًا من المقاومة الإيرانية، وهنا لا بد أن نمايز بين المقاومات الإيرانية؛ لأنها مختلفة ومتنوعة، فهناك مقاومة عرقية محلية داخل إيران، كالبلوش والأحوازيون، وينقسمون لعدة فصائل تقاوم الاحتلال الإيراني لمناطقهم العربية، وهناك الأكراد كذلك ولديهم مقاومات تريد تحرير إقليم كردستان الإيراني من السيطرة والهيمنة الفارسية، لذلك يصعب أن تجتمع هذه المقاومات في مقاومة واحدة.

إضافة لمقاومين فارسيين، كمجاهدي خلق، والذين يؤمنون بوحدة إيران وأن هذه المناطق السالف ذكرها تابعة لدولة إيران الكبرى، ولا يجب التخلي عنها.

الجانب العربي بصراحة كان مترددًا كثيرًا في دعم أي مقاومة إيرانية حتى لا تفتح المجال لإيران لكي تتدخل بالمثل في شؤون هذه الدول، خاصة دول الخليج التي اعتقدت أنها بمحاباة إيران وعدم التدخل في شؤونها أن إيران لن تتدخل في شؤون الدول العربية؛ لكن ما نراه هو العكس تمامًا.

فالخلايا الإيرانية الولائية موجودة في الكويت، والبحرين والمملكة العربية السعودية وحتى في الإمارات.

وكذلك المقاومات الإيرانية متعددة، ويصعب على العرب دعم مقاومة هنا وأخرى هناك، الأمر الذي من شأنه إثارة إيران، وبعض الدول لم يكن بمقدورها أساسًا التفكير في ذلك لكونها مخترقة أساسًا من إيران، كلبنان والعراق وسوريا، لذلك لا تستطيع تبني أي مقاومة كما فعل نظام صدام حسين يومًا، وتبنيه لعناصر مجاهدي خلق الذي هاجر أغلب أعضاؤها اليوم لأوروبا.

وفي ظل الانقسام العربي، وعدم وجود موقف موحد حيال دعم المقاومات الإيرانية، يصعب على بلد عربي مواجهة إيران وحده، وفي ذات الوقت الحفاظ على الأمن الإقليمي الهش.. فالأمن الهش هذا كان أفضل عند دول كثيرة من لا أمن.

لماذا لا نجد تكثيفًا إعلاميًا عربيًا أو دوليًا حول إدانات لعناصر استخباراتية إيرانية في عمليات تفجير واغتيالات ومؤامرات تهدد أمن واستقرار الدول العربية؟

أغلب الدول العربية تستخدم سياسة الفعل ورد الفعل، ولا يوجد إستراتيجية واضحة للتعاطي مع التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية، ولا عنوان موحد لكيفية الرد على إيران وفق رؤية موحدة.

حتى على مستوى الإعلام، فهو يستخدم سياسة النعامة التي تخفي رأسها في الرمال لعدم مواجهة المشكلة، حتى في أوروبا هناك اعتراض على عدم تسليط الضوء على حوادث القتل والتفجير التي يقف وراءها المخابرات الإيرانية، والتي كان آخرها محاولة تفجير تجمع المعارضة الإيرانية في باريس عام 2018، لذلك أنا أعتقد أنا هناك مهادنة ومواراة للجانب الإيراني في هذا الموضوع.

فالصحافة التي كتبت بكثافة عن مقتل جمال خاشقجي على سبيل المثال، لم تهتم كثيرًا بمحاولة تفجير تتم في أوروبا أو محاولة اغتيال!

لم نرها بنفس الحماس والاهتمام لكشف المؤامرات الإيرانية في أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط.

وبالعودة إلى المواجهة العربية للمؤامرات الإيرانية فإن مرجعه لفقدان الثقة بالنفس ربما، أو للضعف، وحال استمر هذا الوضع فإنه سيتسبب في انهيار قيمي لمنظومة الأمن العربي. ويجب أن يتم التعامل مع إيران بالمثل، وتهديد أمنها كما تهدد هي أمن الدول العربية.

ما هو توقكم لمفاوضات فيينا؟

مفاوضات فيينا وصلت إلى طريق مسدود هناك الجولة السابعة وتولي الرئيس رئيسي رئاسة الجمهورية في إيران، والمعروف عنه أنه مجرم وسفاح وأحد القضاة الأربعة الذين أصدروا أحكام الإعدام الجماعية دون أدلة قانونية عام 1988، 1989، ضد معارضين إيرانيين، والعدد ربما نختلف عليه لكنه ليس أقل من 6 آلاف معارض، وبحسب منظمة مجاهدي خلق فالعدد يصل إلى أكثر من 40 ألف!

ورئيسي يمثل التيار المتشدد في إيران كما هو معروف عنه، وأعتقد أن هذه الجولة السابعة ستحمل أهم وأخطر القرارات التي يجب على إيران اتخاذها ومنها دورها المقبل في منطقة الشرق الأوسط وعلاقتها مع الدول الأخرى وتحديد نفوذها، إضافة إلى برنامج الصواريخ الباليستية.

هذان الملفان لا تريد إيران أي مساس بهما، وتحاول إيران فرض رؤيتها من حلال اعتداء المليشيا التابعة لها على القواعد العسكرية الأمريكية في العراق، ولي ذراع أمريكا باستعراض القوة هذا بأنها موجودة على الأرض وبإمكانها تهديد المصالح الأمريكية، ولذا تحاول إيران بالاحتفاظ ببرنامج الصواريخ الباليستي ونفوذها بدول الشرق الأوسط الذي تزايد عقب توقيع الاتفاق النووي مع إدارة أوباما عام 2015.

وأعتقد أن إدارة بايدن لن تسمح بتكرار خطأ الديمقراطيين مجددًا بمنح إيران فرصة جديدة للتلاعب بها، وتحقيق أغراضها في المنطقة، وهناك لوبي إسرائيلي وعربي معارض لمنح إيران أي امتياز من شأنه أن يسمح لها بالتلاعب مجددًا بأمن المنطقة، ويرفض هذا اللوبي التوقيع على أي اتفاق نووي دون التطرق لهذين الملفين وحسمهما، وكذا السيطرة على حراك المليشيات الموالية لإيران في المنقطة العربية والشرق الأوسط.

إذا ثمة قرارات لا بد لإيران من اتخاذها إذا كانت راغبة بصدق للعودة إلى المجتمع الدولي ورفع العقوبات عنها، فما حدث في 2015 لن يتكرر بسبب المتغيرات على الأرض.

ما هو تقييمكم للداخل الإيراني ومستقبل الدبلوماسية الإيرانية في عهد إبراهيم رئيسي؟

ما نشهده من انتفاضات في الداخل الإيراني أعتقد أنه إشارة إلى قرب حدوث تغيير سياسي في إيران.

وما نشهده من انتفاضة الثوار الأحوازيين ستتبعها بقية المناطق، وهي انتفاضة ليست موجهة فقط للنظام الإيراني، وإنما هي انتفاضة ضد تولي رئيسي لرئاسة إيران رغم عدم توليه رسميًا.

وهذا الرئيس سوف يفشل في إدارة إيران بسبب سجله الإجرامي، وكثير من الدول سترفض استقباله بسبب التظاهرات الشعبية التي ستخرج رفضًا له، فأنا لا أتخيل أن هذا الرئيس يمكن استقباله في باريس أو الولايات المتحدة الأمريكية أو أي دولة أوروبية، فهذا رجل مجرم متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية فستكون التظاهرات موجودة أينما حل وارتحل.

وأعتقد أن العلاقات مع الدول الأوروبية وأمريكا والعرب ستزداد سوءًا في ظل حكم هذا الرجل، إضافة إلى الأخبار المتداولة عن صحة خامنئي ودور رئيسي في تكريس هذا النظام وفي تولي ابنه مجتبى لدور علي خامنئي كمرشد أعلى أو توليه هو نفسه لهذا المنصب.

فأعتقد أن القادم في إيران غير مطمئن وعلى الدول العربية أن تأخذ زمام المبادرة وتتوحد كلمتها في مواجهة هذا الخطر، وتفعيل على الأقل الأمن القومي العربي برؤية إستراتيجية قادرة على الحد من خطر إيران في المنطقة.

اقرأ المزيد

مقتل ٤ من عناصر الحرس الثوري في اشتباكات مسلحة جنوب شرقي إيران

مقتل مسلم من الأحواز خلال مسيرة نقص المياه في إيران

أكاديميو إيران يدعمون احتجاجات خوزستان المنددة بشح المياه

من أبوبكر أبوالمجد

صحفي مصري، متخصص في الشئون الآسيوية