يلجأ البعض لاتهام الآخرين بعدم الحيادية إذا ما اختلفت الآراء. في نظري ليس هناك ما يدعى حيادا إلا إذا كنت خارج اطار قضية أو معركة بالكامل. فأنت مثلا تحكم في شجار بين أبنائك، أو تلاميذك، أو مشكلة بين دولتين لست طرفا فيها. أما إن كنت أحد أطراف القضية، فيتحول تعريف الحياد إلى كلمة (عدل). فحين تنتمي لدين أو لوطن من الطبيعي بل والواجب أن تنحاز له، ولكن عليك ان تنحاز انحيازا عادلا وأن تحارب جور نفسك على عدوك.

 

والعدل يتطلب العلم. فلن تكون عادلا مالم تكن عالما بكل تفاصيل القضية، متابع لكل أحداثها، وإلا سيكون حكمك يجانبه الصواب. وهذا العلم أيضا يمكنك من الحكم على من يشاركونك الاهتمام والتفاعل في ذات القضية.

 

أما أن تقف على خط فاصل بين الأبيض والأسود، أو أن تقف على جسر ضيق جدا بين واد ثعابين وبين بساتين، أن تقف على الصراط بين جنة ونار، مدعيا أنك مثقف، واع، وترى نفسك بذلك لا تظلم أحدا، فذلك هو الظلم بعينه. أن تصور لحظة قتل جنود في حرب، أو غزال تنهشه الأسود، فهذه ليست فضيلة.

 

يقول فرنسيس بيكون: الوقوف على الحياد في الصراع بين القوي والضعيف لايعني الحياد ولكن يعني الوقوف مع القوي.

 

يقول زكي نجيب محمود: موقف الحياد هو موقف العاجز الذي يريد لنفسه السلامة والهدوء.

 

ويقول أدهم الشرقاوي: أخطر الناس على فكرة أولئك الذين يقفون على الحياد بين أنصارها وأعدائها!

 

ويقول ديزموند توتو: إذا كنت محايدا في حالات الظلم فقد اخترت أن تكون بجانب الظالم.

 

وإذا كنت تدافع عن دينك، في عالم كشر عن أنيابه للمسلمين (السنة) بالذات، بل وقالوها صريحة في مواقف مختلفة، ولكن قنواتنا تخجل من نقل هذه المقاطع، فكيف لا تنحاز لفريق يتيم هو وفقط من يدافع عن هذا الدين؟!

 

وإن كنت ممن يتابعون أحواله وغيره من المتصدرين للمشهد منذ ثمان سنوات، قراءة في التاريخ، ومتابعة للأحداث، واطلاع مستمر، ثم ترى شيئا يحاك ضده، ولا تنفعل، فهذا شئ ينافي الطبيعة الانسانية حتى!!!!

 

إن الحيادية الزائفة هي ما أتت على أخضر ما اكتسبته مصر بعد يناير، من رئيس اسلامي، وبرلمان به غالبية اسلامية.

 

انظروا إلى العالم من حولكم، انظروا لمن سرقوا حريتكم، أنظروا لأعدائكم، هل تجدون من يقتلون فرسانهم غيرنا؟!!!!!!