كشفت وثائق مسربة عن قلق الولايات المتحدة بشأن التهديدات الصينية والروسية لسيطرة أميركا في مجال الفضاء، وفقا لتقرير لصحيفة “واشنطن بوست”.

ومن المرجح جدا أن “يتضاءل برنامج الفضاء الروسي المضطرب خلال العقد المقبل”، حيث يواجه منافسة عالمية متزايدة، وعقوبات أميركية، وصعود شركة سبيس إكس، التي التهمت جزءا كبيرا من عائدات روسيا، وفقا لوثيقة استخباراتية عالية السرية حصلت عليها الصحيفة.

في الوقت نفسه، طورت الصين قدرات كبيرة “لتعريض الأصول الفضائية الأميركية والحلفاء للخطر”، وستنشرها في أي صراع مع تايوان، وفقا لوثيقة مسربة أخرى.

والسباق إلى التسلح في الفضاء ليس بجديد، فاعتبارا من 1985 استخدمت وزارة الدفاع الأميركية صاروخا لتدمير قمر اصطناعي خلال تجربة، وفقا لـ”فرانس برس”.

ومنذ ذلك الحين يظهر منافسو الولايات المتحدة أنهم يملكون القدرات نفسها فقد أقدمت الصين على ذلك في 2007 والهند في 2019.

في نهاية العام 2021 دمرت روسيا أحد أقمارها الاصطناعية بواسطة صاروخ أطلقته من الأرض، واعتبر ذلك عرض قوة رأى فيه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، ينس ستولتنبرغ، “سلوكا غير مسؤول”.

الصين تتقدم
تقول إحدى الوثائق المسربة إن “الاستراتيجية العسكرية الصينية الشاملة لتأسيس الهيمنة المعلوماتية والحفاظ عليها في الصراع تدفع بكين لتطوير قدراتها الفضائية”.

وكجزء من ضربة عسكرية لتايوان، من المحتمل أن تقوم الصين بتشويش أقمار الاتصالات والاستخبارات التي يمكنها الرؤية من خلال السحب، و “تحطيم أو تدمير الشبكات الأرضية الفضائية” و “تدمير أقمار الإنذار المبكر للصواريخ الباليستية”، كما جاء في الوثيقة.

روسيا تتراجع
بينما يتقدم برنامج الفضاء الصيني بشكل مطرد، تقلص البرنامج الروسي، وفقا للوثائق الاستخباراتية المسربة.

إلى جانب المنافسة العالمية، تقول إحدى الوثائق: “من المحتمل جدا أيضا أن تكون الشراكات الغربية المقطوعة وتعطل سلاسل التوريد قد أعاق قدرات برنامج الفضاء الروسي، والذي كان في تراجع منذ عام 2020 على الأقل”.

ودون ذكر “سبيس إكس” بالاسم أشارت الوثيقة إلى أنه في عام 2020، “تم اعتماد شركة تجارية أميركية لنقل رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية، وذلك بعدما دفعت الولايات المتحدة 75 إلى 85 مليون دولار لكل مقعد على مركبة فضائية روسية”.

وأشارت الوثيقة إلى أن “العملاء الأجانب ألغوا عمليات الإطلاق المخطط لها على الصواريخ الروسية وغيرها من الأنشطة ذات الصلة بالفضاء”، مما أزال مصدر دخل رئيسيا.

ولم تتمكن روسيا بسهولة من الحصول على مكونات فضائية بسبب العقوبات الغربية، مما أدى إلى تأخير إنتاج “الأقمار الاصطناعية العسكرية والمدنية”، وفقا للوثيقة.

وقالت الوثيقة إن موسكو قبل 2014 خفضت أولويات الإنتاج المحلي لمكونات الفضاء لأن التكنولوجيا الغربية المتفوقة كانت متاحة بسهولة”.

والآن، تسعى موسكو إلى زيادة المساعدة المادية من الصين للحفاظ على صناعتها الفضائية، كما جاء في الوثيقة.

وتؤكد الوثيقة أن “الشركات الروسية حاولت إنشاء مكونات محلية فضائية لأقمار صناعية مختارة، لكن الجودة المنخفضة للمكونات أدت إلى حدوث أعطال في المدار”، دون تحديد أوجه القصور.

وهذا العام، واجهت روسيا مشاكل خطيرة مع اثنتين من مركباتها الفضائية.

واضطرت شركة “روسكوزموس” إلى إرسال مركبة فضائية بديلة من طراز سويوز إلى محطة الفضاء الدولية بعد أن تعرضت مركبة أخرى لثقب في أحد خطوط المبرد الخارجية الخاصة بها مما أدى إلى حدوث تسرب.

ثم تعرضت مركبة فضائية أخرى، تستخدم للشحن فقط، لتسرب مماثل، ولم يتضح ما إذا كانت قد أصابتها نيازك دقيقة أو بها عيوب في التصنيع.

وتظهر الوثائق مجتمعة الأهمية المتزايدة للفضاء في الحرب الحديثة، والتي أبرزها الصراع في أوكرانيا، وتؤكد على أنواع التهديدات التي يحذر منها المحللون العسكريون منذ سنوات.

من أبوبكر أبوالمجد

صحفي مصري، متخصص في الشئون الآسيوية