ديلي تلغراف: الحياة السياسية في مصر تعرضت للاغتيال

يقول الكاتب الصحفي المصري : ياسر رزق في مقال له بجريدة أخبار اليوم بتاريخ 22 يناير / 2019:

(… أظن أمامنا عشر سنوات مرحلة انتقالية لاستصلاح التربة السياسية لحرث الأرض في الفضاء السياسي الفسيح، وغرس البذور والشتلات، وتعهدها بالري والرعاية، حتى تنبت وتثمر، ويحين أوان الجني والحصاد، ويتجدد.

 

عشر سنوات، على غير ما يحسب البعض، هي مدة زمنية قياسية في عرف الإصلاح السياسي، كالفترة التي استغرقها شق الفرع المزدوج لقناة السويس.

 

هي أشبه بمدة الإنضاج داخل جهاز «الميكروويف، يختصر الزمن المفترض في الأفران التقليدية، وتحقيق الغرض، وهو في هذه الحالة تجهيز نظام سياسي مهيأ للاستقرار وقابل للاستدامة.

 

<<<

 

قلت هنا منذ أسبوعين، إن تداول السلطة في أعقاب ثورة 1952، ظل بقوة السياسة أو بسياسة القوة، مرهوناً بين الجيش وجماعة الإخوان.

تلك حقيقة لا تقبل الجدل.

 

لعل أكثر الأمثلة وضوحاً، هو ما جرى في ثورة 25 يناير وحتى ثورة 30 يونيو وبيان 3 يوليو.

 

بصراحة، نحن لم نعرف أبداً مبدأ التداول الديمقراطي للسلطة.

 

حتى قبل ثورة 1952، وخلافاً لما يسوَّق ويروَّج، لم يكن هناك تداول حقيقي للسلطة) انتهى

 

ونقول :

في نقاط سريعة نختلف ونتفق مع الكاتب في التالي:

 

– يقترح أو يتوقع أو بتعبيره “يظن” أن أمامنا – يقصد في مصر – عشر سنوات مرحلة انتقالية لاستصلاح التربة السياسية لحرث الأرض في الفضاء السياسي ..ألخ

 

– ونتساءل بأي مقياس يقيس الكاتب توقعاته وظنونه إنه يحدس ويتوقع وأن النتائج لا يمكن أن تقاس بحدسه وتخمينة وتمنياته فإنك لو حرثت البحر وزرعته فلن ينتج زرعا أبد الدهر ولا كذلك الأراضي الخبيثة أو الفاسدة.

 

–  فلئن كنت ضربت المثل بالتربة السياسية وتهيئتها وغرس بذور فيها وشتلات إلخ فإننا نرجع إلى نفس المثل ونقول متى كانت التربة التي نزرع فيها مواتية وصالحة فإن الأمر سينتج لا محالة وإن كانت غير مواتية فإن منا تزعم أنه مدة قياسية لن ينتج شيئا ولا في أضعافه زمنا.

 

– عمر بن عبد العزيز مكث سنتين وبضعة أشهر ليرسي دعائم دولة القانون ودولة العدل ومن ثم حصد الرخاء.

 

– وعشر سنين كانت كافية لتدين نصف الدنيا من قبله لعمر بن الخطاب.

 

– ثم عن أي استصلاح تتحدث؟!

 

– ما علاماته الحالية؟ ما مدلولاته في الممارسة؟

 

– هل مثلا يتم احترام آراء المخالفين، أو حتى المؤيدين إن خرجوا عن السيطرة؟

 

– الأمثلة كثيرة ولعل منها شركاء 3 يونيو الذين يتم التخلص منهم واحدا تلو الآخر كانوا في السلطة أو قريبا منها كانوا في رأس الهرم كنواب رؤساء للنظام أو وزراء بوزارات سيادية أو رؤساء أجهزة مهمة وسيادية.

 

– فعن أي تربة تتحدث؟

 

– ثم مقولتك غير البريئة عن عشر سنوات تجعلنا نتساءل: لأي شيء تمهد ومن سيقوم بهذا الدور خلال عشر سنوات؟

 

– وكيف يتسنى أن تنقل حلمك وحلم رئيسك و يتم التداول للسلطة!

 

-فهل الإصلاح السياسي بالطريقة الحالية سيكون ملزما لمن يأتي وكأنه فرض عليه مثلا أم يتم وضع نصوص وخطط فوق دستورية كما كان مقترحا من قبل؟

 

–  الإصلاح دائما عملية مقننة ينظمها الدستور والقانون ويحميه الحرية وينميه الإبداع

 

–  بينما الآن يخاف الجميع من الاتهام بالعمالة أو حتى بتقييد حريته وأن يفتح له قضية يلقى بسببها في غياهب السجون ولا ينفعه أنه كان له أية قيمة في المجتمع أو أن اسمه كان محلى بلقب اللواء أو الفريق أو رئيس الأركان  أو المستشار أو الوزير.

 

– تلك البيئة التي تتحدث عن استصلاحها وتتوقع لها عشر سنوات!

 

– ونقول لك هذا الحال لا يمكن أن يثمر ما دامت الإرادة السياسية مدعية ومغيبة.

 

– وهي التي قامت بالأساس على اختراق الحقوق وعدم الشفافية والتوسع في الاتهامات وبسط اليد الأمنية دون رقابة  وإلقاء البشر بسجون الانتقام ثم الادعاء بأن ليس هناك مساجين سياسيين فكل هؤلاء متهمون أو مدانون في قضايا.

 

– هل تحب أن أدرج اسمك في قضية – أو حتى قضايا – من خلال مقالك هذا؟

 

– سهل جدا فيمكن مثلا أن نتهمك بمقولتك في المقال: (بصراحة، نحن لم نعرف أبداً مبدأ التداول الديمقراطي للسلطة)

– بأنك تكدر السلم العام أو شيئا مشابها وهي مقولة -بالمناسبة- مما نوافقك عليه في مقالك.

 

– نعم لم تعرف لبلد هذا التداول وخاصة في النظام الحالي وإنما قام النظام بوأد التداول السلمي بالقضاء على التجربة الوحيدة التي تمت بعد ثورة 25 يناير ولا يزال رئيس البلاد مغيبا في قضايا لا يمكن أبدا ادعاء أنها شفافة أو نزيهة

 

– أما المقولة التي لا نعرف كيف صغتها كدليل على أن ثمة استخدام للقوة في فرض الأوضاع فهي مقولتك: إن تداول السلطة في أعقاب ثورة 1952، ظل بقوة السياسة أو بسياسة القوة، مرهوناً بين الجيش وجماعة الإخوان.

 

تلك حقيقة لا تقبل الجدل

 

– ولا ندري أي رهن لقوة السياسة أو سياسة القوة التي لا تقبل الجدل والتي تدعي أن الإخوان كانت طرفا في لعبة القوة.

 

– هل تنتبه حضرتك إلى أنهم منذ عرفهم الجيش وهم الطرف المضطهد دائما ؟

 

– قد نلومهم على ممارسات لكنهم بكل الأحوال لم يكونوا الطرف المستخدم لقوة السياسة رغم قوتهم على الأرض

 

– فقط بسبب انعدام الإرادة الحقيقة لممارسة حياة سياسية صحيحة.

 

–  ولئن كنا نقول هذا على الدولة الكبرى في المنطقة فليس مقولتنا هذه ببعيدة عن غيرها من الدول الشقيقة والصديقة.

 

–  فالجميع واقع تحت نير تلك المعضلة لأنهم جميعا ببساطة أعضاء في النظام العالمي وقوى الدول المتنفذة  المتحكمة في الدول المختلفة من وراء الستار.

 

– فكيف سيتم استصلاح البيئة السياسية والحصاد في كل تلك البيئات غير المواتية أبدا أيها الكاتب الهمام ؟.