الأمة| يعاني لبنان، المنهك ماليًا من ارتفاع التضخم، من بعض المشكلات الاقتصادية التي يجب التغلب عليها في العام الجديد.

تهدف السلطات إلى تنفيذ برنامج التعافي بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي لإنقاذ البلاد من الأزمة.

وبينما ارتفع معدل التضخم في البلاد إلى أكثر من 1400 بالمئة منذ بداية الأزمة الاقتصادية في 2019، تواصل الليرة اللبنانية الهبوط إلى مستوى قياسي منخفض مقابل الدولار.

واستجابة لهذه الصعوبات الاقتصادية، تهدف الحكومة إلى الشروع في خطة “التعافي الاقتصادي” بإجراءات وقوانين ضريبية تهدف إلى تسريع النمو وسد عجز الموازنة في البلاد، حيث يتم استيراد 80 في المائة من احتياجاتها.

يعاني لبنان من أزمة اقتصادية حادة منذ 3 سنوات، صنفها البنك الدولي كواحدة من أخطر ثلاث أزمات شهدها العالم على الإطلاق. وبحسب التقارير الرسمية، يعيش نحو 80 بالمائة من سكانها تحت خط الفقر.

تعزيز الإيرادات 

قال وزير المالية اللبناني يوسف الخليل قال لوكالة الأناضول، إن المواضيع الاقتصادية العام المقبل ستكون تحديد سعر موحد لسعر الدولار، وتنفيذ إصلاحات هيكلية أساسية لتعزيز النمو الاقتصادي ووقف انخفاض قيمة العملة المحلية.

وبخصوص موازنة 2023 المقبلة، أوضح خليل أن الميزانية سترتكز على خطة التعافي الاقتصادي والإصلاح التي تتبناها الحكومة.

وشدد الوزير اللبناني على أن “مسالة زيادة الإيرادات تبقى المحور الأهم لاستعادة القدرة التمويلية للدولة، وإعادة الإنتاجية للمؤسسات الحكومية، وتأمين الخدمات العامة مع التركيز على القضايا الاجتماعية”.  

وأوضح خليل أن مسار الانتعاش الاقتصادي على المدى القصير سيبدأ بتنفيذ بنود موازنة 2022 على أن يتم استكمالها في مسودة موازنة 2023، تماشيا مع خطة الحكومة، واستعادة ثقة المجتمعين العربي والدولي. 

المفاوضات مع صندوق النقد الدولي

يذكر أن معظم الإجراءات الحكومية المتوقعة هي شروط صندوق النقد الدولي الذي يدعو إلى إصلاح اقتصادي ومالي مقابل قرض قيمته 3 مليارات دولار من المقرر سداده في غضون 4 سنوات مع لبنان.

ومن أبرز هذه الإصلاحات إعادة هيكلة القطاع المالي والمصرفي، وإصلاح مؤسسات الدولة، لا سيما قطاع الطاقة، وتعزيز الحوكمة، ومكافحة الفساد.
توصل لبنان إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي في أبريل 2022، ولكن بعد 5 أشهر (في سبتمبر) صرح صندوق النقد الدولي أنه تم إحراز تقدم بطيء للغاية في تنفيذ الإصلاحات.

تحديد سعر الدولار

من المقرر أن يرفع لبنان سعر الصرف الرسمي للدولار من 1500 ليرة لبنانية إلى 15 الف ليرة لأول مرة منذ 30 عاما في شباط 2023.

حافظت الليرة اللبنانية على قيمتها مقابل الدولار منذ عام 1992 بسبب سياسة تثبيت سعر الصرف. ومع ذلك، أدت الأزمة الاقتصادية في عام 2019 إلى إنشاء سوق موازية لتداول الدولار.

ومن الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي توحيد السعر الرسمي مع سعر الدولار، مع الأخذ بعين الاعتبار السعر المطبق من قبل البنوك والسوق الموازية.

بينما بلغ سعر صرف الدولار 45 الف ليرة في السوق الموازية في الأيام الماضية، بلغ سعر الدولار نحو 31 الف ليرة بحسب البنك المركزي.

الزيادات في أسعار السلع

يتوقع البنك الدولي أن يصل متوسط ​​التضخم إلى 186٪ في عام 2022، وهو من أعلى المعدلات في العالم. يشعر خبراء لبنانيون بالقلق من أن عام 2023 سيكون عام التضخم المرتفع في البلاد، على غرار العام الحالي.

ومن المتوقع أن يؤدي هذا الوضع إلى زيادة أسعار الخبز والوقود والمنتجات الغذائية. يتوقع الخبراء أن يؤدي رفع سعر الدولار كأساس في الجمارك من 1500 إلى 15 الف ليرة إلى زيادات إضافية ستؤدي إلى مزيد من الضيق في حياة الناس.

في سبتمبر / أيلول، اعتمد مجلس النواب اللبناني مشروع الموازنة العامة لعام 2022، والتي تتضمن تنظيم سعر الصرف الذي يجب أن يؤخذ كأساس في الجمارك، يتم فيه احتساب قيمة الرسوم والضرائب.

هيكلة القطاع المصرفي

ومن المتوقع أن تقدم الحكومة مشروع قانون إلى البرلمان لإعادة هيكلة القطاع المصرفي بما يتماشى مع إجراءات الإصلاح وشروط صندوق النقد الدولي.

ويستند المشروع المسمى “إعادة موازنة النظام المالي” إلى الكشف عن العجز المالي في الجهاز المصرفي وانعكاساته على المودعين، مع إعادة ثقة المودعين وتأمين حقوقهم.

من خلال هذا المشروع، من المتوقع تصفية بعض البنوك العاملة في لبنان أو دمجها مع بنوك أخرى. ومن المتوقع أن ينخفض ​​عدد البنوك في الدولة، والذي يبلغ حاليًا نحو 60 بنكًا.

فرضت البنوك اللبنانية قيودًا على أموال المودعين بالعملات الأجنبية لأكثر من 3 سنوات، كما وضعت قيودًا صارمة على عمليات سحب الليرة اللبنانية.

دعا البنك الدولي في تقريره عن لبنان في تشرين الثاني (نوفمبر) إلى إعادة هيكلة عادلة للقطاع المصرفي لتحسين اقتصاد البلاد.

زيادة رسوم الكهرباء

لا يزال هناك نقص خطير في الطاقة في لبنان بسبب نقص العملة الأجنبية لاستيراد الوقود لتوليد الكهرباء. وهذا يدفع اللبنانيين إلى استخدام مولدات خاصة لتوفير الكهرباء.

تسبب نقص الوقود منذ نحو عام ونصف، بسبب انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي في البنك المركزي، في إغلاق معظم محطات الكهرباء الحكومية. وقد أدى ذلك إلى انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة في المؤسسات والمنازل.
ستبدأ هيئة الكهرباء اللبنانية في تنفيذ قرار حكومي مطلع عام 2023 يقضي بزيادة فواتير الخدمات العامة من 0.5 سنت إلى أكثر من 20 سنتًا للكيلوواط لتأمين الأموال اللازمة لاستيراد الوقود.

التنقيب عن النفط والغاز في لبنان

ويتوقع لبنان، الذي وقع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل في تشرين الأول (أكتوبر)، الكشف عن ثروة النفط والغاز كعامل مهم للخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية.

انخرطت بيروت وتل أبيب في مفاوضات غير مباشرة لمدة عامين، بوساطة أمريكية وبرعاية الأمم المتحدة، من أجل منطقة غنية بالنفط والغاز تبلغ مساحتها 860 كيلومترًا مربعًا في البحر الأبيض المتوسط.

أعلنت شركة “توتال إنرجيز” الفرنسية، في كانون الأول / ديسمبر، أنها التزمت، بناءً على العقد الموقع مع لبنان، بإجراء التنقيب عن الغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، لا سيما في بلوك 9، اعتبارًا من العام المقبل.

لكن في تقريره الأخير الذي نشره البنك الدولي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ذكر أن الدخل المحتمل الذي سيحصل عليه لبنان من النفط والغاز لا يزال غير مؤكد وقد يستغرق الوصول إلى هذا الدخل سنوات.

من عبده محمد

صحفي