يواجه رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبي، فايز السراج، معارضة غير معلنة من أطياف سياسية ومسلحة في طرابلس للاتفاق الذي عقده مع اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، برعاية إماراتية الخميس الماضي.

وقال مصدر رفيع في طرابلس لـ”العربي الجديد”، إن السراج تلقى رفضا من ثلاثة فصائل مسلحة ومن قبل المجلس الأعلى للدولة لمشروعه التوافقي مع حفتر على إنهاء المرحلة الانتقالية وفق مصالحهما، لافتا إلى أن الأطراف الرافضة واقعة تحت ضغوط محلية وخارجية شديدة للقبول بالاتفاق.

وأعلنت البعثة الأممية في ليبيا الخميس الماضي عن اتفاق السراج وحفتر على إنهاء المرحلة الانتقالية وإجراء انتخابات عامة. لكن إعلان البعثة لم يوضح تفاصيل الاتفاق مما دفع بالكثير من المراقبين إلى التساؤل حول شكل الاتفاق ومضمونه وعن اعتماده بشكل نهائي. وقال مصدر دبلوماسي مقرب من وزارة خارجية حكومة الوفاق إنه “لم يكن اتفاقا نهائيا، بل ما جرى هو صياغة محضر اتفاق يتم المصادقة عليه من قبل السراج وحفتر، بعد تمكن الأول وداعميه من إقناع أطراف سياسية ومسلحة في طرابلس وغرب البلاد بالقبول بالاتفاق”، مضيفا أن بعض الأطراف طالبت بضرورة حفظ مقاعد لها في الاتفاق ما يعني إمكانية إدخال تعديل عليه.

وبشكل أكثر تفصيلا، قال المصدر إن “الاتفاق نص على تشكيل مجلس عسكري أعلى بثلاثة أعضاء، لكن المجلس الأعلى للدولة يطالب بأن يضاف له كرسي رابع يشغله أحد أعضاء المجلس الدولة، كما طالب بأن يشغل عضو آخر من مجلس الدولة أحد كراسي المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، إثر إعادة تشكيله بموجب الاتفاق بواقع ثلاثة أعضاء مع بقاء السراج رئيسا له”.

وأوضح أن “الاتفاق ينص على رئاسة حفتر للمجلس العسكري، وأن يتولى اختيار وزير الدفاع بالحكومة الجديدة واختيار أحد أعضاء المجلس الرئاسي، لكنه لا يزال يرفض وجود عضوية أي من قيادات التيار الإسلامي المتحكم في المجلس الأعلى للدولة”.

وعن المليشيات المسلحة في طرابلس، قال الدبلوماسي إن “صيغة جديدة لإعادة تدويرها موكلة لوزير الداخلية تمنح بعض القيادات حق السفر أو تولي مناصب بعيدة عن المشهد مقابل قبولهم بحل مليشياتهم، والحال أن بعض هؤلاء القادة أصبح غير راغب في البقاء في المشهد، وأن مطلبه الوحيد ضمان عدم تعرضه للمساءلة القانونية”.

ولم تصدر حتى الآن أي مواقف رسمية في ليبيا تجاه الاتفاق المعلن عنه في أبوظبي، الخميس الماضي، باستثناء تعليق مقتضب للمجلس الأعلى للدولة يؤكد فيه على تمسكه باتفاق الصخيرات، داعيا “الشريك الوحيد في الاتفاق السياسي مجلس النواب، للعمل على استكمال الخطوات المتبقية المتوافق عليها لإنهاء الانقسام السياسي وتوحيد المؤسسات”، في إشارة لرفضه الضمني للاتفاق الجديد.

الدبلوماسي أكد أن السراج يواجه صعوبات كبيرة في فرض بنود الاتفاق في طرابلس، وأن مسألة إعادة صياغته باتت مؤكدة للقبول به من معارضي حفتر. وعن كيفية إنهاء المرحلة الانتقالية قال المصدر إن “المجلس العسكري والمجلس الرئاسي الجديد سيكونان الأجسام الحاكمة في المشهد إلى حين الوصول إلى موعد الانتخابات، وهو الموعد الذي سيقرره الملتقى الوطني الجامع، والذي سيحل بديلا عن مجلسي الدولة والنواب”.

وأكد الدبلوماسي أن البعثة الأممية تضغط على الأطراف الليبية للموافقة على الاتفاق، وستتكفل بمنحه الشرعية من خلال دعوة عدد من ممثلي الأطراف الليبية لعقد الملتقى الوطني الجامع لتقريره، تمهيدا لرفعه لمجلس الأمن واستصدار قرار يحصنه ويطالب بضرورة تنفيذه.

كما كشف الدبلوماسي أن البعثة تتحرك بحرية الآن بعد توافق فرنسي إيطالي على بلورة رؤية موحدة بشأن مصالحهما في ليبيا، والاتفاق على تثبيت حفتر كقائد للجيش والسراج كرئيس للسلطة المدنية، لتتفق الأطراف بعدها على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية. لكن الخلاف بين الدولتين حاليا على موعد الانتخابات التي ترى باريس أن يتم في سبتمبر/ أيلول المقبل، بينما ترى روما أن الوقت لا يزال مبكرا.

وخلص الدبلوماسي إلى أنه “رغم كل الظروف التي يبدو أنها تشير إلى تهيئة الأجواء لتوافق السراج ــ حفتر، إلا أن صعوبات كبيرة لا تزال تواجه الاتفاق، فمعارضو حفتر لا يبدو أنهم متفقون على أجندة موحدة، ويطالب كل طرف بحفظ وجوده بشكل يختلف عن الآخر، فرغم ضرورة تعديل الاتفاق قبل الإعلان عنه إلا أن شكل التعديل سيبقى عائقا حتى الآن”. وفي الوقت ذاته أشار إلى أن الاتفاق الحالي لا يشبه الاتفاقات السابقة في باريس وباليرمو بسبب تغير المعطيات على الأرض، وتحديدا تهديد حفتر العسكري للعاصمة طرابلس.