ليبيا.. مجلس الطوارق يحذر من خطورة المجموعات الأجنبية المسلحة بالجنوب

دعا رئيس المجلس الأعلى لطوارق ليبيا، مولاي قديدي، الحكومات الليبية، سواء في الشرق أو الغرب، إلى “استثمار الأحداث الجارية في الجنوب، بحيث تتخذها نقطة للتلاقي، ونسيان الماضي، والعمل على توحيد كل الجهود العسكرية والسياسية”.

وتشهد مدينة سبها (جنوب)، منذ 25 فبراير/ شباط الماضي، اشتباكات متقطعة تتضارب تقارير بشأن أطرافها، بين من يقول إنها مواجهات قبليتي “التبو” و”أولاد سليمان”، ومن يردد أنها معارك بين “الجيش الليبي” وقوات أجنبية، بينها مجموعات تشادية مسلحة.

وأضاف قديدي، “نرفض نقل معارك دول الجوار مع معارضتها المسلحة إلى الجنوب (الليبي)، والقدر ذاته نرفض وجود صراع بين الشرق الليبي والغرب الليبي على ساحة الجنوب، ففي النهاية سيكون الميت منا والدية علينا، كما يقول المثل الليبي”، وفق، “الأناضول”.

ومنذ سنوات، يعاني البلد الغني بالنفط من فوضى أمنية وصراع سياسي على السلطة انحسر حاليا بين حكومتين، هما: حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا، في العاصمة طبرالس (غرب)، و”الحكومة المؤقتة” في مدينة البيضاء (شرق)، ولكل منهما قوات مسلحة.

وعن حقيقة تواجد مجموعات مسلحة أجنبية في الجنوب الليبي، قال قديدي: “قد يحسب البعض أن القضية في الجنوب بين قبيلتين، وهذا غير صحيح”.

وتابع: “القبيلتان هما وقود لمشكلة أكبر، باعتبار أن قبيلتيي التبو وأولاد سليمان توصلا إلى تفاق برعاية من حكومة الوفاق، وقد حضرنا كطوارق مراسم توقيع الاتفاق (في روما عام 2017) كشهود، وليس طرف”.

ومضى قائلا: “نبهنا إلى أنه بمجرد التوصل إلى أي اتفاق ستتحرك أطراف أخرى لا تريد الاستقرار للجنوب ولا لليبيا عامة، وستحاول التشكيك في الاتفاق، وضرب النسيج الاجتماعي لأطياف الجنوب، ويبدو أن هذا ماحصل، عبر البدء في زعزعة الأمن والاستقرار من خلال إثارة المشاكل”.

وشدد قديدي على أن “المجموعات المسلحة الأجنبية موجودة على الساحة، وهي التي بدأت تأجيج الموضوع.. هذه القوة (الأجنبية) أصبح لها مكانتها في المنطقة، وتهدد الأمن والاستقرار.. وجود قوات من دول الجوار في الجنوب (الليبي) ليس سرا”.

وأردف: “مسؤولون تشاديون صرحوا بوجود معارضة (تشادية مسلحة) في ليبيا.. ولا يُستبعد التدخل لضرب هذه المعارضة داخل أرضنا، لتصبح ليبيا ساحة معركة لتصفية حسابات بين حكومات دول الجوار ومعارضتها، وهذه نقطة خطيرة جداً”.

وتابع بقوله: “حسب المعلومات المتوفرة فإن جزءا من هذه المجموعات المسلحة (الأجنبية) تم استدعاؤه لنصرة طرف ليبي (لم يسمه) على آخر، منهم (المجموعات الأجنبية) من استُخدم في السابق من أطراف الصراع في ليبيا، وهذه ليس أمرا غريبا لمن يعي ما يجري داخل المنطقة”.

وبشأن دور الحكومات في مسألة الجنوب، قال قديدي إن “موقف حكومات الشرق والغرب وجيوشها من هذا الصراع لايزال موقف المتفرج، رغم بعض الإجراءات التي نسمع بها، ويبدو أنها لا تسمن ولا تغني من جوع”.

وأضاف: “لا نعلم بما ستتخذه الحكومات.. نسمع عن تجهيزات والهدف منها غير واضح، ونأمل ألا تصبح هذه التجهيزات هاجسا يخشى منه أهالي الجنوب في نقل الخلافات الموجودة (في الشرق والغرب) إلى الجنوب”.

والطوارق هم قبائل غير عربية من المسلمين السُنة، ويقطن أغلبهم في الجنوب ، خاصة مناطق أوباري وسبها وغات ودرج وأوال وغدامس وادري‎، ويبلغ عددهم في ليبيا، وفق تقديرات غير رسمية، حوال 15 ألف نسمة من أصل قرابة خمسة ملايين نسمة، بحسب آخر إحصاء، عام 2006.

وكخطوة أولى لمعالجة الوضع في الجنوب، شدد قديدي على أنه “لا بد من التهدئة بين قبيلتي التبو وأولاد سليمان، لتكون نقطة انطلاق لمواجهة الخطر الخارجي سوايا”.

واستدرك: “هناك من يعتقد أن المشكلة بين القبيلتين.. ليس صحيحا حديث التبو عن أنه لا توجد مشكلة لهم مع أولاد سليمان وكذلك ما يروجه البعض من أن هذه المجموعات (الأجنبية) ليست في خط التماس في الصراع بالجنوب.. المعطيات على الأرض تؤكد وجود مشكلة، فكلما يتم الاقتراب من إيجاد حل يتم خرق الاتفاق من جهات وأطراف أخرى غير القبيلتين”.

ومضى قائلا: “نؤكد وجود مجموعات مسلحة أجنبية في سبها، وهذه مسألة واضحة للعيان، والقبيلتان ضحية لما يحدث في الجنوب ووقود لهذه المشكلة، وأعتقد أن التدخلات الأجنبية تقف ورائها دول أجنبية (لم يسمها)”.

وتابع: “نتحرك للتوصل إلى اتفاق ومصالحة بين القبيلتين، وبدأنا في التواصل مع كل الأطراف، ونتدخل كداعمين، وليس كبديل عن الأجسام الموجودة الآن، وننتظر ما تستطيع الحكومات أن تفعله تجاه هذه القضية، أما مسألة مواجهة المجموعات المسلحة الأجنبية فلكل حادث حديث”.

ولفت إلى أن “الطوارق سبق وأن حذروا، عام 2014، من تواجد هذه المجموعات، عندما شهدت بلدة أوباري (جنوب) صراعا مسلحا بين التبو والطوراق.. حينها لم يقتنع أحد بوجود مجموعات مسلحة أجنبية شاركت في القتال ضد الطوارق”.

وختم قديدي بأن “بعض التصريحات في تلك الفترة، والتي كانت تنفي وجود هذه المجموعات الأجنبية، كان هدفها هو تغطية الواقع.. والآن انشكف هذا الواقع، ولم تعد المسألة خافية على أحد”.