نَقَلَ أحد الكِرام من الفُقَهاءِ بصيغةِ “الإخبار”: (أنَّ الاستعداداتِ تتمُّ وتتجهَّزُ في غُرَفِ الاتِّحاد العالمي لعلماءِ المسلمين بإصدارِ فتوىً للمسلمينِ لزيارةِ فِلسطينَ المحتلَّةِ، وكذلك فتوىً في جوازِ المشارَكَةِ في انتخاباتِ الكِنيستِ الإسرائيلي).

 

وَأنا بصفتي عضواً لمجلس أمناءِ الاتِّحاد ورئيساً لِلَجْنة الأقلِّيَّات، ولي صِلَةٌ وتَوَاصلٌ وثيقٌ برئيسِ لجنةِ الفَتوى في الاتِّحادِ فضيلةِ الأستاذِ الدُّكتور “نور الدِّبن الخادمي”؛ أُحِبُّ التَّأكيد على مسألتَيْنِ مِن بابِ التَّوضيحِ وَالبَيان:

 

أوَّلاً: لا صِحَّةَ لهذهِ الدَّعوى لا مِن قَريبٍ وَلا مِن بعيدٍ، وَقَد أكَّدَ لي رئيسُ اللَّجْنَةِ ذَلِكَ مُسْتَغْرِبَاً مِن ترويجِ هذا الكلام.

 

ثانياً: الاتِّحاد يضمُّ عشراتِ الآلافِ مِن العُلماء في قارَّاتِ العالمِ، وَهُوَ مُؤسَّسةٌ لا تَعْمَلُ بِنظامِ الغُرَفِ التي أَشَارَ إليها فضيلةُ الشَّيخِ، وَهِيَ لا تحجرُ على أيِّ عالمٍ مِن أَنْ يقولَ مَا يَرَاهُ رَاجِحَاً وَصَوَابَاً، إلَّا مَا كَانَ مُخَالِفَاً لثَوَابتِ الشَّرع، ما دامَ يَسْتَنِدُ على دليلٍ معتَبَرٍ، وَلكِنْ لا يُنْسَبُ للاتِّحاد -كمؤسَّسةٍ مدنيََةٍ، وشخصيَّةٍ اعتباريَّةٍ – إلَّا مَا كانَ بياناَ رسميَّاً، أو فتوىً مِنْ لجنته المتخصِّصةِ، وَلا يَخْفَى أنَّ تعميمَ الحُكْمِ ظُلْمٌ.

 

ثالثاً: رئيسُ الاتِّحادِ وقيادَتُهُ – بِحَسَبِ معْرِفَتِي بِهِم – يَقْبَلُونَ؛ بَلْ يَفْرَحُونَ بكلِّ نُصحٍ صادِقٍ، ونَقْدٍ راشدٍ، وَلكِنْ حبَّذا لَوْ صَاحبَ النُّصْحَ أدبٌ وترفُّقٌ، وسبقَ الاتِّهامَ تَبْينٌ وَتثبتٌ، بِخَاصَّةٍ مِن فضلاءَ حَمَلَةِ الشَّريعةِ، كَمَا أنَّ التَّصريح بِزِيارةِ فلسطينَ أَوْ غيرها مِنْ أَحْكامِ نوازلِ السِّياسةِ الشَّرعيَّةِ، تحكُمُها أدواتُ البحثِ العلميِّ وضوابِطُهُ، وأصولُ الفقهِ وقواعدهُ، والحُكْمُ عليها قبولاً ورفضاً – إِنْ هي صَدَرَتْ – إِنَّما يكونُ على أساسٍ عِلْمِيٍّ موضُوعيٍّ ،وعلى بساطِ الحِوار ومناهجِ النَّظرِ ، ولا تُعالجُ بأحكامٍ مُسبقةٍ، أو سوابقٍ مُتحكِّمة.

 

أخيراً؛ ليسَ كلُّ إفسادٍ بقصدٍ، وَليْستْ كلُّ نميمةٍ بلسانٍ، فربُّ مفسدٍ نوى النُّصحَ، وربَّ عَيْنٍ أَنَمُّ مِن لسانٍ! فعلى طلبةٍ العلمٍ والفقهاءٍ التَّنبُّهُ لمآلاتِ أقوالِهم وأفعالِهم، وأَنْ لا يكونوا سبباً في تقويضِ أعمالِ الخيرِ، وتشويهِ الخَيِّرينَ وَهُم لا يَشْعُرُون؛ فالاتِّحادُ هُوَ تجمُّعٌ لطبقاتٍ مِنَ العُلماءِ، يتفاوتونَ في العلمِ والفضلِ، ولكنَّهم كغيرهِم مِن البشرِ يجتهدونَ فيصيبونَ ويخطئونَ، وَحَسْبُهم أنَّهم يعملونَ لخِدمَةِ قضايا الأمَّةِ بتطوُّعٍ واستقلاليَّةٍ، وأنَّهم عاهدوا اللهَ سبحانهُ على الآيةِ المرقومَةِ في شعارِهِمُ المبارك: “الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا”.

وصلَّى الله على محمِّدٍ وآلهِ وسلَّم.