القبطان شحتة قورة

قبطان مصري: “إيفر جيفن” عزلت قاطراتنا في الشمال عن مثيلاتها في الجنوب ولهذا استعنا بالآخرين

تعرف على كيفية إدارة هيئة قناة السويس للأزمات داخليًا ومدى فاعليتها

حوار: أبوبكر أبوالمجد

احتفى المصريون برجال هيئة قناة السويس الذين شاركوا في تعويم السفينة العملاقة الشاحطة “إيفر جيفن”، واحتفلوا بخروجها حيث مستقرها الأخير؛ لكن ظلت الكثير من الاستفسارات والتفاصيل حول ما حدث في الأيام السبع التي أغلقت فيها القناة، يطمع ويطمح المصريون في معرفتها، ولذا حاورت الأمة أحد القباطنة المشاركين في هذه المهمة الفريدة.

شحتة قورة، هو قبطان تاني بهيئة قناة السويس، قبطان على القاطرة (عزت عادل)، وهي قاطرة انقاذ من أكبر القاطرات في الشرق الأوسط، والهيئة تمتلك قاطرتين (عزت عادل وبركة 1)، طراز سارفيتش.

متى بدأت أزمة شحط السفينة “إيفر جيفن”؟

بدأت الأزمة يوم 22 مارس الجاري، الساعة السابعة والنصف صباحًا، حيث دخلت القناة، في الكيلو متر 151.

كيف حدثت الأزمة؟

السفينة “إيفر جيفن” من أكبر 7 سفن عملاقة في العالم، وحدث لها أن قيادتها فقدت السيطرة عليها، فاستعرضت وحدث لها جنوح، وشحط، أي ارتطام بالأرض، وفي هذا اليوم كانت الريح قوي للغاية، وبالتالي التيار كان شديدًا جدًا، ولمن لا يعلم، فإن المنطقة التي حدث فيها الجنوح تصل قوة التيار إلى 4.5 عقدة، أي ما يوازي 7 كم/ ساعة.

إضافة أن الريح في هذا الوقت كانت قد وصلت لـ40 عقدة، وهذه السفينة حدث لها (Failer) وبالتالي أصبح هناك صعوبة شديدة في السيطرة عليها، وارتطمت بالأرض، وخاصة وأن الغاطس الخاص بهذه السفينة 16 متر تحت سطح المياه.

القبطان شحتة قورة
القبطان شحتة قورة

ما هي آلية إبلاغكم بمشكلات من هذا النوع؟

لدى هيئة قناة السويس إدارة عليا مختصة بتأمين وتمرير وعبور السفن، وتنظيم دخولها من الشمال (بورسعيد) و (السويس)، ونحن تابعون لها، وعند حدوث أي أزمة كهذه أو حادث ملاحي، تصدر أوامرها بتحريك إحدى القاطرتين العملاقيتين أو كلاهما، حسبما تستدعي الأزمة، وإذا تطلب الأمر وجود قاطرات أخرى أقل حجمًا وقدرة على التعويم، تعطي نفس الإدارة تعليماتها للتوجه لذات المنطقة.

ماذا يعني مصطلح التعويم؟

آلية التعويم قصة طويلة جدًا، فهناك إدارة إنقاذ يتبع لها غاطسون بقيادة مهندس، تكون مهمتهم الغطس حول السفينة وجس الأرض حولها، ومدى العمق الذي ارتطمت به السفينة بالأرض.

بناء على هذا العمق ومساحة السفينة نسبة إلى المساحة المرتطمة وحمولتها يتم عمل حسبة خاصة لتحديد المساحة الشاحطة (الغاطسة)، وذلك لتحديد الكم المطلوب لتفريغه من الوقود أسفل السفينة أو الماء لتعطي طفوًا بمقدار محدد.

يتم عمل هذه الحسبة، وبناء عليها يتم اتخاذ القرار بتوجيه كم قاطرة لازمة للتعويم، ونوعها، ومهمة كل منها.

 

السفينة إيفر جيفن
السفينة إيفر جيفن

هل لدى هيئة القناة قدرة على مواجهة مثل هذه الأزمات حال تكرارها؟

للعلم.. فإن قدرات الهيئة تفوق بكثير حجم هذه الأزمة، وأكبر منها؛ ولكن للأسف كانت بعض المعدات والقاطرات والمراكب في مهمات أخرى.

هذه السفينة أغلقت المجرى الملاحي بالعرض، فكانت مقدمتها في اتجاه الشرق من القناة، ومؤخرتها في اتجاه الغرب، فكل القاطرات القوية كانت مصاحبة للسفن الأخرى العالقة، وهذا ما أطال أمد الأزمة؛ لكن في المعتاد عند حدوث مثل هذه الأزمات، تكون القاطرة (بركة 1) في اتجاه الشمال، والقاطرة (عزت عادل) في اتجاه الجنوب، وكانتا كافيتان تمامًا لتعويم السفينة، بالإضافة إلى قاطرات الهيئة الأخرى.

لكن بسبب أن القاطرات الخاصة بالهيئة كانت بصحبة السفن الأخرى شمالًا، والسفينة أغلقت المجرى، فلم تستطع الهيئة دفع قاطرات في اتجاه الجنوب، وهذا ما جعل الهيئة تستعين بقاطرات أخرى.

بعد هذا الموضوع كانت القاطرات الخاصة بالهيئة في اتجاه الشمال، فكان لزامًا أن يتم الاستعانة بقاطرات لها نفس القدرة على التعويم بنفس قدرة قاطرات الهيئة، فتم الاستعانة بالقاطرة الهولندية، والقاطرة الإيطالية.

وهنا أؤكد أن القاطرة الهولندية العملاقة التي يفترض أنها تحقق 250 طن شد، حققت 135 طن فقط، وهي نفس قدرة قاطرتي الهيئة.

وهنا أريد أن أطمئن المصريين أن الأداء في هيئة قناة السويس بمنتهى الأمانة عالمي، سواء الكراكات التي عمقت، أو أطقم قاطرات الانقاذ، أو قاطرات المناورة، أو اللانشات التي شاركت في توصيل الأطقم العاملة بالمهمة، أو الإدارة الهندسية التي عمقت.

صف لنا صميم المشكلة الخاصة بهذه السفينة؟

مشكلة هذه السفينة لم يكن طولها وحده أو وزنها، وأنها إحدى أضخم 7 سفن بالعالم؛ لكن المشكلة أنها حينما فقدت التوجيه وحدث لها الشحط (الاصطدام بالأرض)، أغلقت القناة، فحجزت قاطرات الانقاذ الخاصة بالهيئة التي في الشمال وأبقتها مكانها، والتي في الجنوب مكانها أيضًا، ولولا هذا لاستطعنا تعويمها في ظل هذا الريح، وهذه ليست المرة الأولى.

المركب 400 متر بارتفاع حوالي 60 متر، بهذه الحمولة الضخمة، فلو شديت من الشمال وهي تحتاج إلى قوة شد كبيرة للغاية، ففي هذه الحالة ستنحرف للجنوب، وإذا شديت من الشرق ستتجه ناحية الغرب، فيمكن أن تسبب مشكلة في الغرب، ولذا يجب أن تنزل بهدوء في منتصف القناة وتقف، فالنزول لا بد أن يكون تدريجيًا، وهذه هي الحرفية، وبهذا تستكمل رحلتها في أمان وهذا ما تم.

ما أكثر ما أسعدك وآلمك في هذه المشكلة؟

أكثر ما أسعدني، نجاحنا في تعويم هذه السفينة، فهذه لحظة خاصة في حياتي، ولكن ساءني وزملائي، هذه الكوميكسات والاستهزاء بالكبّاش الذي كان يحفر على جانبي مقدمة السفينة في باديء الأزمة.

فصورة الكبّاش التي سخر منها كثيرون دل على جهل المستهزيء، وأثرت للأسف على أداء العاملين بالهيئة وثقتهم بأنفسهم، فللعلم كي تعمق في مياه 16 متر، فالحفر يبدأ أولًا بالكباش على مستوى متر أو اثنان أو ثلاثة، تمامًا كما حدث في حفر القناة الجديدة، وكما رأى الصحفيون حينها، هكذا تكون البداية دائمًا، ثم بعد ذلك تأتي كراكات تعمق إلى 10 أو 12 متر، بعد ذلك تدخل الكراكات العملاقة حتى 26 مترًا.

أمر آخر آلمني، وهو تصريح للرئيس الأمريكي، جون بايدن، والذي قال: أن لدى الولايات المتحدة قاطرات تستطيع إنهاء هذه الأزمة سريعًا، وأنا أقول له: إذا كان لديك معدات أو قاطرات تستطيع تعويم السفينة، فمصر بها رجال يستطيعوا فعل ما لا تستطيع الولايات المتحدة كلها أن تفعله.

اقرأ المزيد

قبطان بقناة السويس: أداء الهيئة عالمي والسخرية من صورة الكبّاش أغضبتنا

تفاصيل تعلن لأول مرة.. الأسباب التي أخرت تعويم السفينة “إيفر جيفن”

صفوت بركات: المصريون قهروا التحديات بعد تعويم «إيفر جيفن»

 

من أبوبكر أبوالمجد

صحفي مصري، متخصص في الشئون الآسيوية