كارم عبد الغفار

♦ يقولون إن الشيخ الغزالي مات فجأة في حوار مُوجع مع أحد المستشرقين، والحقيقة أن الغزالي انذبح صدره بالبطيء عبر وخزات طويلة على مر السنين، إثر فواجع عاينها وعاش بها فسدت مسارات الدماء وخنقت القلب الكبير.

–  يقول في همومه المبثوثة قبل أربعين عامًا:

♦ «أطلب من عباد الله الصالحين أن يصيخوا السمع للنذير العريان، قبل أن يأخذنا الطوفان، فإن الأقدار تقتص من المستضعفين المفرطين، كما تقتص من المجرمين المعتدين».

♦ «ووالله أسمع دعاة أسأل الله أن يخرس ألسنتهم، لأنهم فضيحة للإسلام عندنا أزمة في الفقهاء الذين يشرعون، عندنا أزمة تربية، غياب الأزهر كان مصيبة هائلة، كيف نعيده تاني؟! جم إخوانا في السعودية حبوا يعيدوا جابوا شوية الغلاة بتوع الوهابيين أو بتوع الحنابلة لا يصلحون لشيء لأن دول جماعة عقولهم أد كده، تعبانين عقليًا وفكرهم الإسلامي محدود فما يصلحوش» [مقتطف من محاضرة له].

♦ «إننا عشنا لنرى دك مدن عظام وتمزيق أمة كبيرة وغيبوبة الوعي الإسلامي بإزاء آلام تحرك الرواسي، ومع النشاط الهائل الذي يسود جبهة الأعداء فقد رأيت بني قومي لا يزالون يمضغون خلافات جوفاء، وتسيطر عليهم أفكار ضحلة، وتسيرهم أهواء قاتلة وشهوات غبية، ومن حقي وأنا أحد المشتغلين بالدعوة الإسلامية أن أصرح بأشجاني وأبث همومي».

♦ «الذي يقع داخل الأرض الإسلامية يثير الريب حول القيمة الإنسانية لرسالة الإسلام ومدى انتفاع أهل الأرض منها، وتلك مصيبة طامة، أن يعمل الإنسان ضد نفسه وسمعته !! وسواء درى أم لم يدر؛ فتلك نتيجة تُسوّد الوجوه».

♦ «في عالم يبحث عن الحرية نصور الإسلام دين استبداد، وفي عالم يحترم التجربة ويتبع البرهان نصور الدين غيبيات مستوردة من عالم الجن وتهاويل مبتوتة الصلة بعالم الشهادة، وفي عالم تقارب فيه المتباعدون ليحققوا هدفًا مشتركًا، فلا بأس أن يتناسوا أمورًا ذات بال، في هذ الوقت نرى ناسًا من الدعاة يجترون أفكارًا بشرية باعدت بين المسلمين من ألف عام، ليشقوا بها الصف ويمزقوا بها الشمل».

♦ «إن الثقافة الإسلامية المعروضة تحتاج تنقية شاملة، وإن الدعاة العاملين في الميدان التقليدي يجب أن يُغربَلوا لنعدم السقط وننفي الغلط».

♦ «المشكلة التي نطلب من أولي الألباب حلها هي معالجة نفر من الناس يرون الحق حكرًا عليهم وحدهم، وينظرون إلى الآخرين نظرة انتقاص واستباحة. الواقع أن الأمراض النفسية عند هؤلاء المتعصبين للفرعيات تسيطر على مسالكهم، وهم باسم الدين ينفسون عن دنايا خفية، وعندما يشتغل بالفتوى جزار فلن تراه أبدًأ باحثًا إلا عن ضحية».

♦ «ورأيت نفرًا من هؤلاء يغشون المجامع مذكرين بحديث أن أبا الرسول صلى الله عليه وسلم في النار، وشعرت بالاشمئزاز من استطالتهم وسوء خلقهم، قالوا لي: كأنك تعترض ما نقول؟ قلت ساخرًا: هناك حديث آخر يقول: [وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا!]، فاختاروا أحد الحديثين، قال أذكاهم بعد هنيهة: هذه آية لا حديث، قلت: نعم جعلتها حديثًا لتهتموا بها، فأنتم قلما تفقهون الكتاب».

♦ «إن الغفلة عن القرآن الكريم والقصور في إدراك معانيه القريبة أو الدقيقة عاهة نفسية وعقلية لا يداويها إدمان القراءة في كتب السنة، إن السنة تجيء بعد القرآن، وحسن فقهها يجي من حسن الفقه في الكتاب نفسه».

♦ «إن العقول الكليلة لا تعرف إ لا القضايا التافهة، لها تهيج، وبها تنفعل، وعليها تصالح وتخاصم، هززت رأسي أسفًا وأنا أرمق مسار الدعوة الإسلامية».

♦ «إن العري عن الأخلاق، وإبطان الكره للآخرين والعجب بالنفس هو الجريمة التي ارتكبها نفر من فقهاء الفروع، غرتهم بضاعتهم فقدموها للناس مقرونة بالغلو، ولم يبالوا بما تتركه من فرقة.. وفساد المتدينين من أهل الكتاب صدر عن هذا المنبع، زوقوا الشعارات وخربوا القلوب».

[مقتطفات من «هموم داعية»]

كارم عبد الغفار

من كارم عبد الغفار

عضو اتحاد الكتاب المصري، باحث في التاريخ