الأمة| حمل على ظهره الحقيبة وارتدى زيًا كما لو كان سائحًا، ثم عقد العزم وشد الرحال صوب المدن الصينية ليوثق جانب من عمليات الاضطهاد والظلم الذي تمارسه السلطات هناك ضد مسلمي الإيغور.

«غوان غوان»، ناشط صينيِ يقيم داخل «تايوان» تلك الجزيرة التي تقع جنوب شرق آسيا، ويفصلها عن الصين مضيق «فورموزا» بحوالي 140 كيلومترًا، تمكن -غوان غوان- عبر كاميرات صغيرة -لا يراها أحد- وضعها داخل حقيبته، من توثيق عددًا من «السجون السرية» أو ما تُعرف باسم «معسكرات الاحتجاز وإعادة التأهيل» التي شيدتها السلطات الصينية لمسلمي الإيغور في 8 مدن.

وثق «غوان»، عبر فيديو مدته 20 دقيقه نشره على حسابه بـ«يوتيوب»، جانب من الحملة الوحشية التي يقودها الرئيس الصيني «شي جين بينغ» ضد الأقلية المسلمة «الإيغور» في تركستان الشرقية بعد احتلالها وتغيير اسمها إلى «إقليم شينغيانغ».

وفقًا لصحيفة «الجارديان»، البريطانية، فإن الناشط الصيني، سمع من خلال تقارير إعلامية عن «السجون السرية» أو «المعسكرات» وما يتعرض له مسلمو الإيغور من حظر لغتهم في المدارس، حينما كان يتجول منذ عامين في جميع أنحاء «شينغيانع»، وهو ما دفعه للعودة من جديد وتصويرها بكاميرات سرية لإثبات وجودها على أرض الواقع.

18 معسكرًا سريًا لا تظهرهم الخرائط

اكتشف «غون» خلال رحلته الخطرة داخل عاصمة الإقليم «أوروميتشي» التي وصفها البعض بـ«الشجاعة»، 18 معسكرًا -سجنًا سريًا- بـ8 مدن صينية، من بينهم أحد مراكز الاحتجاز الضخمة، يبلغ طوله حوالي 900 متر، ومزين بشعارات وهمية مثل «الإصلاح من خلال العمل».

وأظهر الناشط التايواني، من خلال كاميرته معسكرات سرية لم تظهر على الخريطة لكنها كانت محاطة بأسلاك شائكة وأبراج حراسة ونقاط تفتيش شرطية وثكنات للجيش ومركبات عسكرية.

كاميرت مراقبة وسط الأشجار

وخلال تجوله في حي «شينشي» داخل عاصمة الإقليم، لاحظ «غون» العشرات من كاميرات المراقبة مزروعة بين الأشجار الطويلة المنتشرة على الرصيف جنبًا إلى جنب وسط تحصينات قوية على الطريق ومراكز الاعتقال المحاطة بأسوار معدنية تعلوها الأسلاك الشائكة.

تأتي زيارة الناشط الصني عقب تداول صورًا وخرائط أقمار صناعية نشرها موقع «بازفيد»، الأمريكي، تُظهر احتجاز الصين مسلمين من أقلية الإيغور داخل المعسكرات دون تحديد أي مواقع حقيقية لهذه الأماكن على أرض الواقع.

معسكرات تخفيها جدران خرسانية عالية

كان يخشى «غون» من أن تلتقطه إحدى الكاميرات السرية أو تعتقله السلطات الأمنية، لذلك قضى معظم رحلته بمنطقة «قاحلة» جنوب المدينة، زاحفًا على بطنه، حتى يتمكن تصوير المعكسر الجديد مترامي الأطراف -يستوعب ما لا يقل عن 10 آلاف شخص إضافي-، الذي جرى بناءه خارج العاصمة وتحديدًا بمنطقة «دابانتشنغ».

يقع المعسكر الجديد بالقرب من أحد المعسكرات القائمة بالفعل ويسجن به قرابة 30 آلف شخص، إذ تمتد مبانيه على مسافة ميل تقريبًا،  خلف جدران خرسانية يبلغ ارتفاعها نحو 25 قدمًا.

عقب «قاحلة»، توجه «غوان»، إلى محطته الأخيرة تحديدًا في منطقة «يانكي»، ووثق عبر كاميرته السرية التي يضعها وسط الحقيبة خلف ظهره، معسكرًا آخر بأسوار سلكية، تعلوه أبراج مراقبة شاهقة تم إنشاءها حديثًا.

 

لم تكن كاميرا «غون» هى الأولى التي وثقت سجون الصين السرية لمسلمي الإيغور، بل نشرت وسائل إعلام ومنظمات حقوقية عالمية مئات التقارير التي تؤكد اضطهاد الأقلية المسلمة في إقليم تركستان الشرقية، من بينها تقرير إحدى اللجان الحقوقية التابعة للأمم المتحدة في أغسطس منذ 3 أعوام، كششف عن اعتقال السلطات الصينية نحو مليون مسلم من الأويغور داخل معسكرات سرية بإقليم تركستان الشرقية -شينغيانغ-، الذاتي الحكم.