أكد الدكتور إبراهيم الكاروري، الأمين العام لهيئة علماء السودان، أن أزمة بلاده تعود لرغبة القوي اليسارية المفتقدة للجماهيرية في الشارع السوداني لعرقلة عقد الانتخابات لإدراكها أنها لن تخرج رابحة من هذا المشهد فضلا عن سعيها الدءوب لافتعال صراع بين العسكر والإسلاميين.

الأمة – الخرطوم – خاص

ونبه الكاروري في حوار مع جريدة «الأمة الاليكترونية» إلي أن المكون العسكري يجيد المناورة ويعمل علي استمرار التناقض بين مكونات اليسار والقوي الإسلامية والوطنية وهي تناقضات قد تؤدي في النهاية إلى انفضاض الدعم الدولي عن قوي اليسار فضلا عن إشعال صراع مفتعل مع الإسلاميين يكرس انفراد العسكري بالمشهد

المكون العسكري وقوي دولية يحاولون توظيف الصراع بين اليسار والإسلاميين للهيمنة علي مقدرات السودان

‏ ولفت لوجود تناقض في الموقف الدولي حيال السودان فهناك من يدعم الاستقرار شريطة ابعاد الإسلاميين عن المشهد وهناك من يدعم الاضطرابات والفوضى لاستنزاف مقدرات السودان والسطو علي ثرواته.

‏ورجح أمين عام اتحاد علماء السودان إمكانية صعود التيار الإسلامي في السودان مستغلا فشل اليسار في إدارة المرحلة الانتقالية لاسيما إذ أخفقت محاولات افتعال صراع مع العسكر مشددا في الوقت نفسه علي أهمية وجود مراجعات جادة للتيار تستطيع إنتاج خطاب سياسي قوي يستطيع إعادة الاعتبار للشعار الإسلامي.

الدكتور إبراهيم الكاروري تطرق لقضايا عديدة نعرضها السطور التالية:

‏• يبدو السودان في مفترق طريق في ظل إخفاق ما يسمي القوي المدنية أو مجلس السيادة حسم الموقف لصالحه وتحول السودان إلي ساحة لتصفية ومناصرة الفريق الذي يخدم مصالحه.. كيف ستجاوز السودان هذه الحالة

•• السودان الآن متنازع بين عدد من القوى على المستوى الداخلي والخارجي أولا:

هناك القوى اليسارية والتي هيمنت على المشهد بعد الثورة

وهذه قوى تستمد قوتها من تحالفها مع العسكر لأول الأمر

واحتكار الحديث عن الثورة وهي ضعيفة من حيث البعد الشعبي ولذلك تعمل بكل جد واجتهاد من أجل تعطيل قيام انتخابات.

‏ الحاضنة الدولية لليسار ستتهاوي بفعل استمرار الصراع مع العسكر

القوى الأخرى في مشهد السلطة وهي القوى العسكرية وهي قوى تجيد المناورة وتستثمر في التناقض بين القوى اليسارية والقوى الإسلامية والوطنية وهي قوى الآن خارج مشهد الحكم بل أن هذا التناقض والاضطراب في الساحة تعمل على استمراره بعض القوى الدولية والإقليمية والتي تخشى عودة الإسلاميين والقوى الوطنية من خلال الانتخابات وبسبب فشل قوى اليسار.

تطورات الأوضاع في السودان

• في ظل هذا الوضع المعقد كيف تري سيناريوهات المستقبل القريب؟

•• سوف تتسع درجة التناقض بين القوى العسكرية والقوى اليسارية المسماة مدنية

وسوف تتفكك الحاضنة الدولية جراء التناقض لمصلحة العسكر وسيبدأ الصعود للتيار الإسلامي الوطني جراء فشل المرحلة السابقة

وربما تحاول بعض القوى الدولية والإقليمية صناعة صراع وإشعال فتنة بين العسكر والقوى الإسلامية لقطع الطريق أمام صعود التيار الإسلامي الوطني.

التيار الإسلامي مطالب بإجراء مراجعات جادة تعيد الثقة لشعاراته واسترجاع الأرضية الشعبية

غير أن الوعي بطبيعة المرحلة واستحقاقاتها سوف يجنب البلاد مصير كثير من الدول التي عانت من فتن وعلل ما بعد الثورة.

• الحديث عن افتعال صراع بين العسكر والإسلاميين كيف تري تداعياته علي الوضع في السودان وهل تتوقع كالعادة انتصار العسكر؟

•• لا يوجد صراع أصيل بين العسكر والإسلاميين..

العسكر يتحدثون عن الانتخابات والإسلاميون يطالبون بالانتخابات.

لكن المشكلة أن التأثير الخارج هو الذي يؤثر على تفكير ومواقف العسكر وتتغير مواقفهم وفق ذلك،

ويصنعون هامشا للمناورة يضيق ويتسع وفق المتغيرات،

ومن هنا يجب التأكيد علي أن صناعة صراع حاد بين الإسلاميين والعسكر سوف يؤدي إلى اضطراب له تأثير خطير للغاية،

وهذا ما ظل يتحاشاه الإسلاميون ومع هذا لا أتوقع اتساع دائرة الصراع في حالة التطور الطبيعي للمسار السياسي والسير نحو الديمقراطية.

• كيف تري نقاط قوة التيار الإسلامي في السودان لاستعادة أرضيته؟

•• أهم نقاط قوة التيار الإسلامي الوطني.

امتلاكه للغالبية الصامتة.

دعوته للانتخابات العاجلة.

تصديه للخطط اليسار المتحدية لمشاعر الغالبية المسلمة.

قوي دولية تراهن علي الفوضى  للهيمنة علي السودان وقطع الطريق علي عودة الإسلاميين


‏ الانتخابات المبكرة والأغلبية الصامتة  والتصدي لمخططات اليسار أوراق قوة التيار الإسلامي

• في ظل المساعي لإيجاد صراع مفتعل بين الإسلاميين والعسكر كيف تري مستقبل التيار الإسلامي في السودان؟

•• مستقبل التيار الإسلامي في السودان ينبني على مجموعة قضايا ينبغي الانتباه لها:

 أولا، إقصاء الإسلاميين عن طريق ثورة كيفما كانت فهذا يمثل كلفة عالية قيميا وأخلاقياتنا أهمية التجديد في الوسائل والآليات لتواكب المتغيرات

ثالثا، أحداث مراجعات قوية وشاملة وجريئة

ثالثا، إعادة إنتاج خطاب قادر على التواصل الشعبي وإعادة الثقة في الشعار الإسلامي.

رابعًا، عدم انتهاج أيدلوجية سلطوية والتحرر من عراقيل الماضي وإعادة طرح مشروع وطني إسلامي مواكب.

وخامسا، عدم التعامل بالأحقاد ومحاولة الانتقام وتبرئة الذات وإنكار واقع ما بعد الثورة في ضوء ذلك يمكن أن يسود هذا التيار ويقود والساحة مواتية لذلك.

انقلاب السودان

علاقات السودان الخارجية

• لكن هناك قوي دولية وإقليمية ستعمل بكل قوة لعرقلة هذه العودة والعمل علي حماية مصالحها في السودان؟

•• أولا هناك قوي دولية متباينة المصالح في السودان فهناك من يرى مصلحته في صناعة الاستقرار

بشرط إبعاد التيار الإسلامي ويفضل العسكر ومن يرى صناعة الفوضى لأنها الوسيلة الوحيدة لاستنزاف الموارد وقطع الطريق أمام الإسلاميين.

‏قوي غربية تسعي لفرض صراع بين العسكر والإسلاميين لتكريس الفوضى واستنزاف الثروات

واعتقد أن أمريكا تبحث فقط عن مصالحها ولا تهتم كثيرا بمن يحكم بل بمن يضمن لها مصالحها ويستمر في التطبيع مع «إسرائيل» واعتقد أن تركيا يمكن أن تصنع موازنة طيبة لقوتها وحضورها في المنطقة وللثقة التي تتمتع بها في السودان

أما فيما يتعلق بقدرة الإسلاميين علي التعامل مع هذا الوعي فأحب التشديد علي إن وعي التيار الوطني الإسلامي بتحديات المرحلة هو القادر على تغيير مسار العلاقات الخارجية إلى الاتجاه الإيجابي

• في هذه الأجواء ما تقييمك لدور بعثة الأمم  في إعادة السودان للمسار الصحيح واحتمالات النجاح؟

•• بعثة الأمم لن تأتي بخير. وتجاربها في الإقليم تدل على ذلك.

وهي تحاول الآن الظهور بمظهر المصلح والمعين وهي إنما تتحسس مواطن أقدامها ومتى ما وجدت فراغا تعددت فيه بأجندتها المشبوهة والمسمومة.

واشنطن مهتمة فقط بمصالحها واستمرار التطبيع وتركيا تستطيع إحداث التوازن


‏ بعثة الأمم المتحدة لن تحمل الخير للسودان وأجندتها المشبوهة حاضرة بقوة

زيارة حميدتي لإثيوبيا

• برزت خلال الفترة الأخيرة زيارة حميدتي لأثيوبيا وهل تنجح في تحجيم التوتر بين البلدين وتأثيره علي قضية سد النهضة؟

•• زيارة حميدتي اعتقد أنها في باب صناعة التحالفات وتوسيع دائرة المناورة في العلاقات الدولية والإقليمية وربما أعطت إشارة لتعزيز العلاقة مع محور روسيا وإرسال رسالة لأمريكا. وذلك أن أمريكا لم تساند أبي احمد في حربه الأخيرة وربما وجد ذلك من روسيا وتركيا