السيسي وبايدن

أسهم إعلان البيت الأبيض -عن اعتزام الرئيس الأمريكي جو بايدن زيارة مدينة شرم الشيخ المصرية والمشاركة في أعمال قمة المناخ المقرر أن تحتضنها مصر منذ السادس من نوفمبر حتي الرابع عشر منه- في خلط الأوراق وزيادة حالة الغموض التي تشهدها الساحة المصرية في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة وانطلاق دعوات لمظاهرات 11/11وبروز اجتهادات حول أسباب تفسير هذه الزيارة المفاجئة ما بين وجهتي نظر مختلفتين لتفسير الزيارة .

وجهة النظر الأول تتمثل في تفسير زيارة بايدن لمصر  تأتي في سياق رسالة دعم للنظام المصري بقيادة السيسي  في ضوء دعوات التظاهر التي يطلقها خصومه من أجل اسقاط نظامه في ظل التراجع الحاد في  شعبية النظام وانهيار قيمة الجنيه المصري وتزايد معدلات التضخم والبطالة ومعها تراجع مستوي معيشة الأغلبية الساحقة من المصريين بحسب معارضي النظام حيث تأتي زيارة بايدن بمثابة إعلان  تأييد للنظام وتجاهل تام للدعوات للتظاهر وبل تأكيد علي ثقة واشنطن في استمرار في السلطة وفي استمرار هيمنته علي المشهد .

مظاهرات سلمية في التحرير والمحافظات تطالب برحيل السيسي

 

ومما يعزز وجهة النظر هذه ان هناك من ربط بين الإعلان المفاجئ عن زيارة بايدن لشرم الشيخ ولقائه بالسيسي بين ضغوط مورست علي ساكن البيت الأبيض من قبل دوائر صهيونية للقيام بهذه الزيارة بعد حالة من الغموض حول المشاركة في قمة المناخ لاسيما ان الزيارة ستأتي بعد أيام من بدء القمة وبل مغادرة عدد من الزعماء الكبار لشرم الشيخ في مقدمتهم الرئيس الفرنسي ماكرون  ورئيسة الوزراء الايطالية ميلواني  ونظيرها الهولندي روتا ورئيس الوزراء الصهيوني يائير لابيد .. لذا لا معني الا النظر للزيارة باعتبارهها رسالة دعم للسيسي ضد معارضيه

وتري هذه المصار ان النظام المصري قد راهن علي دعم الكيان الصهيوني لتجاوز هذا المخاض العسير حيث زعم أن وجوده في السلطة يحافظ علي حالة الاستقرار الهش في المنطقة ويقطع الطريق أمام عودة القوي المتطرفة “الإخوان المسلمون وحلفاؤهم للسلطة وهو أمر قد يثير قلق الغرب علي مصير الكيان لاسيما أن أي تغيير في مصر سيكون له تأثير علي مستقبل حلفاء واشنطن في بلدان الخليج مما يدفع للتمترس خلف النظام والرهان عليه حتي اخر لحظة وهو ما ظهر جليا في دفع بايدن لزيارة القاهرة وتجديد ثقة واشنطن في النظام ومعها أوراق اعتماده من جديد .

بايدن وديكتاتور ترامب المفضل

فيما يري أصحاب وجهة النظر المغايرة أن زيارة بايدن لشرم الشيخ في نفس يوم الدعوة للتظاهرات يمثل تأييدا من قبل الرئيس الأمريكي الديمقراطي  الذي لا يحمل مشاعر ود تجاه السيسي الذي كان يصفه بايدن خلال حملته الانتخابية بديكتاتور ترامب المفضل  للمتظاهرين ولمحاولات أبعاد السيسي عن المشهد في ظل تبنيه مواقف معارضة للمصالح الأمريكي من دعم بوتين وتأييد قرار الرياض بخفض انتاج النفط

 

حيث تشكل الزيارة ووجود عدد كبير من القادة والزعماء العالميين والمئات من منظمات المجتمع المدني والنشطاء  طوق نجاة للمتظاهرين وقطع الطريق علي قمع المتظاهرين باعتباره ستشكل احراجا للنظام أمام الشركاء الدوليين وبل قد يجبر هؤلاء النظام علي بدء إصلاح سياسي واقتصادي حقيقي يفتح الباب للحريات ويطلق سراح آلاف السجناء السياسيين ويخرج البلاد من أزمتها الاقتصادية

وأيا كانت وجهة النظر الأعلي قامة  فيما يتعلق بزيارة بايدان لشرم الشيخ  فإنها تثير تساؤلات عديدة حول جدوي الدعوة لتظاهرات الحادي عشر من نوفمبر وما إذ كانت قادرة علي إحداث اختراق في المشهد المصري يعيد إلي الأذهان نجاح ثورة 25يناير عام 2011في إسقاط مبارك أو ان يقتصر الأمر علي مجرد هبات شعبية قد تدفع نظام السيسي علي اعادة النظر في خياراته والكف عن ما يسميه مشروعاته القومية المثيرة للجدل التي كلفت الموازنة العامة المصرية ما يزيد علي تريليون جنيه في وقت لم تكن مصر بحاحة ماسة الي مشاريع افتخارية لا تمثل أي قيمة مضافة للاقتصاد المصري.

 

تظاهرات 11/11وفرض الإصلاح

ولعل من يثير الشكوك حول جدوي هذه التظاهرات يري انها تفتقد الأجواء التي كانت تعيشها مصر قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير منها وجود قيادة لهذه التظاهرات والتي كانت تتمثل في الجمعية الوطنية للتغيير التي نجحت في تعبئة جماهير الثائرين ضد نظام مبارك وافلحت في إحباره علي التنحي عن السلطة في نهاية المطاف ناهيك عن أن القبضة الأمنية حاليا تبدو شديدة جدا وتضعف معها القدرة علي الحشد

ومما يعزز هذا الاحتمال أن السلطة المصرية واذرعها الإعلامية ركزت خلال الفترة الأخيرة علي الربط بين جماعة الإخوان وبين التظاهرات بشكل يفتح الباب إمام إجراءات مشابهة للمشاركين فيها تشبه  ما حاق بالجماعة خلال السنوات الأخيرة من ادراج في قوائم الارهاب ومصادرة الأموال وناهيك عن تواجد ما يقرب من 60الفا من كوادر الجماعة خلف القضبان .

وقد ظهرت بوادر هذه القبضة الأمنية  في حملات الاعتقالات العشوائية وفحص الهواتف في الشارع واستدعاء معتقلين سابقين لمقار الأجهزة الأمنية لسؤالهم عن الدعوة للتظاهرات والجهة الداعية لها وتحذيرهم من عوقب وخيمة حال المشاركة في فعالياتها فضلا عن دفع اذرعهم الإعلامية لإشاعة أجواء رعب حيال تعامل الأجهزة الأمنية التي يعتقد انها ستقف وراء النظام بكل قواته في هذا التوقيت علي أقل تقدير.

سجون مصر

ومن جهته استبعد الدكتور عمار علي حسن الباحث والمحلل السياسي المصري قدرة الدعوة إلي تظاهرات 11نوفمبر علي إحداث اختراق في المشهد السياسي المصري يقود لتحول علي غرار ثورة الخامس والعشرين من يناير فضلا عن أن  المشهدين الإقليمي والدولي لا يوحيان باحتمالات حدوث هذا التغيير .

     ومع هذا قال الدكتور عمار علي حسن في تصريحات له  أن رد فعل السلطة وإعلامها على دعوات 11/11 تقودنا إلي القول  بأن كل الاحتمالات مفتوحة فربما تكون الحشود كبيرة وتحدث أخطاء في التعامل من قبل الأجهزة الأمنية تؤجج الغضب الشعبي وتؤمن وقودا لهذه الانتفاضة والتي قد تدفع النظام الي معاودة التفكير في خياراته السياسية والاقتصادية .

ولم يستبعد أن تقود هذه الأحداث إلي إجراء تغيير وزاري يطيح بحكومة رئيس الوزراء مصطفي مدبولي وذلك لامتصاص الغضب الشعبي رغم ان الحكومة ووزاءه ليسوا أصحاب قرار بل أنهم مفعول بهم شأنه شأن الشعب المصري .