يبدو أن كلمات الاعتذار الذي قدمه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للمملكة العربية السعودية  والاعتراف بما قدمته السعودية وعدد من دول الخليج لنظامه عقب أحداث الثالث من يوليو2013 -لم يكتب كلمة النهاية في التوتر اللافت التي تمر به العلاقات المصرية السعودية منذ فترة حيث لا تبدي الرياض حماسا التطبيع قريب من النظام المصري بل تضع عددا من الاشتراطات لحدوث هذا التطبيع

‏وبحسب مصادر دبلوماسية متطابقة فإن الرياض تتمسك يعدد من المطالب التي يجب علي القاهرة تنفيذها بشكل فوري إذا كانت جادة في إعادة العلاقات لطبيعتها  وفي مقدمتها تسريع إجراءات نقل السيادة علي” تيران وصنافير”  للسعودية بشكل سريع والكف عن وضع العراقيل أمام تنفيذ التزاماتها علي هذا الصعيد والتوقف عن المطالبة بنوع من التواجد المصري واعمال المراقبة في مضيق تيران بذريعة حماية الأمن القومي المصري .

أزمات تضرب العلاقات المصرية السعودية 

المطالب السعودية من النظام المصري لازالت القاهرة تتلكأ في الاستجابة خصوصا أن هناك أجنحة في النظام المصري تري أن الاستجابة للمطالب السعودية  في ظل الازمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر سيساهم في مزيد من تأ كل شعبية النظام الذي يحتاج لترتيب المشهد الاقتصادي قبل إقرار هذه الخطوة المثيرة للجدل خصوصا أن المعارضة لن تترك هذه الفرصة لتقض مضاجع النظام في ظل حالة الغضب الشعبي الذي شهدته مصر عقب التنازل عن الجزيرتين .

المطالب السعودية من النظام المصري لم تتوقف عند ضرورة إقرار إصلاحات اقتصادية وتقليص النفوذ الاقتصادي للمؤسسة العسكرية المصرية حتي تكون المساعدات الاقتصادية السعودية للقاهرة ذا جدوي وتؤثر بالإيجاب علي الشعب المصري ناهيك عن انتزاع ضمانات من النظام المصري بدور فاعل الجيش المصري في حماية أمن دول الخليج حال اندلاع مواجهة عسكرية بين واشنطن وتل أبيب مع إيران ستضع أمن الخليج علي المحك  بل امتد لقضايا ذي ابعاد داخلية وإقليمية.

السيسي وبن سلمان

‏ وفيما يتعلق بالملفات الإقليمية فهناك خلافات متعددة بين البلدين فيما يتعلق بأمن البحر الأحمر حيث تطالب الرياض القاهرة بتبني موقف متشدد من وجود القاعدة العسكرية الروسية في السودان باعتباره خطرا يهدد الأمن القومي السعودي وهو موقف يبدو صعبا علي القاهرة التعاطي الايجابي معه في ظل العلاقات القوية التي تربط القاهرة بموسكو والتي بشكل موقفا كهذا خطرا شديدا علي هذه العلاقات التي توثقت منذ وصول السيسي للحكم.

‏ الخلافات بين القاهرة فيما يتعلق بالبحر الأحمر امتدت كذلك لمنتدي دول البحر الأحمر حيث تمسكت القاهرة بفترة بأن يكون مقر الأمانة  العامة في مصرأو علي الاقل المكاتب الرئيسية في المنتدي وهو ما ترفضه الرياض بشكل واضح حيث تتمسك بالهيمنة التامة علي المنتدي في انعكاس تام لمدي ما تتمتع به من نفوذ في المنطقة بشكل عام وعلي مصر بشكل خاص وهو خلاف  لم تستطع العاصمتان تسويته بشكل واضح حتي الآن.

الحرب الإعلامية بين القاهرة والرياض

‏ المطالب السعودية الصعبة من النظام المصري شملت كذلك إبعاد جميع الإعلاميين الذي وجهوا انتقادات لاذعة للنظام السعودي وصلت إلي حد وصفهم بالحفاة العراة ومحدثي النعمة عن مناصبهم وفي مقدمتهم عبدالرازق توفيق رئيس تحرير جريدة الجمهورية الرسمية اليومية  ومحمد الباز رئيس مجلس إدارة وتحرير الدستور ومقدم البرامج في فضائية” النهار” ونشأت الديهي الرئيس التنفيذي لقناة “تن” الإماراتية متذرعة بأنها الرياض قامت في السابق  بإقالة الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي اياد مدني عقب انتقاده للرئيس السيسي خلال اجتماعات  المنظمة في تونس

‏ وتجد القاهرة صعوبة في الاستجابة لكل هذه المطالب دفعة واحدة وتطالب بإمهالها مزيدا من الوقت الاستجابة لهذه المطالب وهو أمر رفضته الرياض  وهو رفض تجلي في عدم استجابة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لطلب مصري بعقد قمة مع السيسي لإعادة علاقات البلدين لمسارها الصحيح حيث طالبت الرياض القاهرة بضرورة الاستجابة لمطالبها قبل المضي  قدما في تطبيع كامل لهذه العلاقات أو التفكير في الإعداد لهذه القمة وهو ما مثل لطمة شديدة للقاهرة ولنظام السيسي .

منتدي البحر الأحمر‏: ومن المهم الإشارة هنا إلي أن صعوبة وعمق الاختلافات بين القاهرة والرياض في عديد من الملفات وفي مقدمتها نقل السيادة علي “تيران وصنافير”كاملة   للرياض بشكل يجعل تطبيع العلاقات بين البلدين امر صعبا حيث يحتاج إلي تنازلات من هنا وغضا للطرف من هناك علي ملفات اخري وليس الرهان علي اعتذارات قد لا تقدم ولا تؤخر بل تجعل تسوية الخلافات في المستقبل امر صعبا للغاية