كانت تسريبات نشرتها صحيفة DH البلجيكية كشفت النقاب عن استخدام نظام الولي الفقيه للبلجيكي أوليفييه فانديكاستيل المحتجز في إيران رهينة للتفاوض من أجل إنجاح صفقة للإفراج عن الدبلوماسي الإرهابي أسد الله أسدي الذي احتجز في بلجيكا لدوره في تهريب قنبلة شديدة الانفجار إلى النمسا بغرض تفجير تجمع للمقاومة الإيرانية في باريس عام 2018، ووصفت الرهينة البلجيكية بأنه ضحية لصفقة فاشلة.  

اتُهم أسدي بنقل قنبلة شديدة الانفجار ـ صُنعت في وزارة المخابرات الإيرانية ـ إلى النمسا في حقيبة دبلوماسية على متن طائرة ركاب، بهدف تفجيرها في تجمع كبير للمقاومة الإيرانية في باريس في 30 يونيو 2018، وحُكم عليه بالسجن لمدة 20 عامًا بعد اعتقاله ومحاكمته في المحكمتين الابتدائية والاستئناف البلجيكيتين. 

 لم يحضر أسدي الذي عرف بعدم وجود فرصة للإفلات أية جلسة من جلسات المحكمتين، وهدّد البلجيكيين أثناء استجوابهم له  بممارسة الإرهاب على أراضيهم، مستندا إلى صفقات «خلف الكواليس» قائمة على أرضية الاسترضاء، حيث سارع النظام الإيراني باحتجاز الرهينة البلجيكية في العام 2022 لاستعادة دبلوماسيه الإرهابي. 

بدأت بعد الكشف عن صفقة الإفراج عن أسدي حملة المقاومة الإيرانية لإفشالها، تحدثت الرئيسة المنتخبة من المقاومة الإيرانية مريم رجوي عن الحملة بإسهاب في رسالة وجهتها للمواطنين الإيرانيين وأنصار المقاومة في بلجيكا يوم 19 سبتمبر 2022 ، جاء فيها أن قرابة ثلاثة أشهر مضت على تعطيل عودة الدبلوماسي الإرهابي إلى إيران وإغلاق الطريق على الملالي الذين أرادوا إقامة مرکز لإرهابهم في قلب أوروبا، وتطرقت إلى الحملة المكثّفة في 16 دولة، تحديا لسياسة الغرب الاسترضائية، كما جاء في رسالة رجوي أنهم «أرادوا سرًّا وتآمرا إعادة الدبلوماسي الإرهابي من السجن البلجيكي إلى مقر الجريمة والإرهاب في الوزارة سيئة السمعة في طهران، لكنكم کشفتم مؤامرتهم وسلَّطتم الضوء علی الغرف المظلمة». 

فتحت حملة المقاومة عيون العالم على الصفقة وأعاقت تنفيذها، حيث  قال عضو البرلمان البلجيكي ثيو فرانكن، خلال تجمع كبير للإيرانيين في بروكسل، تزامن مع جلسة المحكمة البلجيكية للنظر في شكوى المقاومة الإيرانية أن «شجاعتكم في النزول إلى الشوارع رغم الظروف الجوية ملهمة للغاية، وواجبكم مواصلة الاحتجاج ضد هذا النظام، لفتح أعيننا على الحقيقة». 

مع نشر الوثائق السرية لوزارة الخارجية الإيرانية ذكرت الصحيفة البلجيكية هات لانس نيوز ان بروكسل والنظام الإيراني اتفقا أولاً على تبادل السجناء، ثم أُلقي القبض على أوليفييه فاندكاستيل ليتحول إلى رهينة تضمن تنفيذ الصفقة. 

ورد في الصحيفة أن المسودة الأولى لاتفاقية النظام الإيراني مع بروكسل كتبت في 26 أبريل 2021 في طهران، كان التوقيع الأول لممثلي الوزارتين في 31 مايو 2021، والنقطة الجديرة بالملاحظة أن عامل الإغاثة البلجيكي أوليفييه فانديكاستيل كان حراً في ذلك الوقت، اعتقل في 24 فبراير 2022 في إيران، ثم حُكم عليه بالسجن 40 عامًا والجلد 74 جلدة في محكمة وهمية، وأشار المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في بيان أصدره يوم 10 يناير2023  إلى الأسلوب المعروف لإرهاب الدولة في إيران، واصفا  التهديد بجلد الرهائن والسجن لمدة 40 عامًا بالابتزاز القذر وغير الإنساني من قبل قضاء نظام الملالي. 

ترافق ذلك مع تأكيد موقع حكومي إيراني على صحة الوثائق المسربة من وزارة الخارجية الإيرانية والتقارير المتعلقة بأسد الله أسدي، التي تشير إلى دخول القضية في نطاق واجبات ومسؤوليات وزارة المخابرات، التي أدارت جميع الحركات والأنشطة ذات الصلة بعد اعتقال الدبلوماسي الإرهابي.  

كان من المفترض أن يعود مخطط التفجير وناقل القنبلة الدبلوماسي الإرهابي أسد الله أسدي إلى أحضان قادة الإرهاب في مخابرات وقوات حرس نظام الملالي خلال 48 ساعة، لكن صوت المقاومة المرفوع، وقفتها ضد قمع وإرهاب النظام، مستندة إلى تجربة عمرها 4 عقود، الحملة العالمية الدؤوبة، والتظاهرات التي استمرت على مدى الليل والنهار، وإصرار المواطنين الإيرانيين وأنصار مجاهدي خلق غيّر المشهد. 

كان الإيرانيون الذين نزلوا إلى شوارع المدن الأوروبية مع أنصارهم قوة التغيير التي قلبت المعادلة رأسا على عقب، الأمر الذي أثار اهتمام الأوساط السياسية الغربية، حيث قال عضو البرلمان البلجيكي كوين ميتسو في خضم الحملة العالمية للمواطنين الأحرار، وخلال تظاهرات جرت أمام البرلمان البلجيكي ومقر رئاسة الوزراء «أنتم تغيرون المشهد برفع أصواتكم، لأنكم شعب، دعمكم لنا هو الرافعة الرئيسية في هذه الحملة». 

استطاع الإيرانيون وأنصار المقاومة فضح سياسة الاسترضاءات والصفقات والابتزاز المتبعة في التغطية على جرائم نظام الملالي العابرة للقارات وتأتي الوثائق والتسريبات لتؤكد على صحة المنطق الذي تعاملت به المقاومة وأنصارها مع التطورات، واستهانة حكم الفقيه بحياة وسلامة المواطنين الأجانب بعد استباحته للإيرانيين.   

ورغم كل هذا إلا أنه تم الإفراج عن هذا الدبلوماسي الإرهابي في وقت كانت المحكمة الدستورية قد نصت بوضوح في حكمها على أنه يتعين على الحكومة البلجيكية إبلاغ الضحايا قبل نقل المحكوم عليهم حتى تتاح لهم فرصة العودة إلى المحكمة.

إن إطلاق سراح الإرهابي، الذي نظم وقاد أكبر عمل إجرامي في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، فدية مخزية للإرهاب واحتجاز الرهائن، في انتهاك واضح لأمر المحكمة.