تمثَّلَ الاستشراق الفرنسي – في مصر- بمؤسسات كبيرة مهمة ذات تاريخ وفاعلية وتأثير كبير في حقل (الدراسات الغربية للإسلام وتراثه وحضارته ولغته العربية = الاستشراق) مثل:

1 – المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة، وهو قد تأسس في القاهرة سنة (1880 م)، وتشرف عليه وزارة التعليم العالي الفرنسية، ومن أهدافه الاستراتيجية: دراسة الحضارات التي تأثرت بها مصر، وعلى رأسها الحضارة الإسلامية ولغتها.

ويقع المعهد في حي المنيرة بالقاهرة، ويشغل قصرا كبيرا، وعمل به عدد غير قليل من المستشرقين الفرنسيين المعروفين، كان أبرزهم لوي ماسنيون.

ويضم المعهد مكتبة كبيرة غنية بالمراجع النادرة والمخطوطات والبرديات، ومطبعة ودار نشر، تصدر عنها دوريات متعددة، وسلاسل علمية؛ منها: سلسلة نصوص عربية ودراسات إسلامية.

ويضم المعهد الفرنسي العلمي بالقاهرة أقساماً لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من مختلف الجنسيات، لكن الذي يستوقفك أنه افتتح قسماً لتدريس (اللغة العربية المعاصرة)!! منذ 1984م.

لقد اضطلع هذا المعهد بمهام استشراقية كبيرة من القاهرة، بحيث يمكنني الجزم بأنه لا يتسنى لمن يدرس (المدرسة الاستشراقية الفرنسية؛ تاريخها، وتطورها، ومناهجها، ومؤسساتها، ومنجزاتها) أن يتجاوز دراسة هذا المعهد الفرنسي. وهو بحق يستحق دراسة أكاديمية موسعة ومعمقة.

من أهم المؤسسات الاستشراقية الفرنسية في مصر (معهد الآباء الدومينيكان للدراسات الشرقية IDEO) بالقاهرة – حي العباسية.

تأسَّس هذا المعهد على يد الراهب الدومينيكاني: أنطوان جوسان سنة 1928م ، إلا أن ظروفا مرت به، جعلت تأسيسه الحقيقي وتشغيله سنة 1953م (أي: بعد يوليو 1952م)

وكان التأسيس الثاني له على يد ثلاثة مستشرقين، هم:

الدكتور الأب جورج أنواتي،

وجاك جوميه،

وسرج دي بوركيه.

وكانت لي -شخصيا- معرفة بالمؤسس الأب جورج أنواتي لفترة من الزمن.

ومشروع المعهد الأساس: هو دراسة الإسلام من خلال مصادره (وفي وطنه) بغية التمكن من إقامة حوار أكاديمي وديني مثمر!!

وللمعهد مجلس من الآباء المستشرقين، أعرف من بينهم الدكتورين سكاتولين وضو.

ويضم المعهد مكتبة كبيرة تضم مراجع نوعية نادرة في الفكر الإسلامي واللغة العربية والحضارة والتاريخ الإسلامي.

ويصدر المستشرقون العاملون في المعهد مجلة علمية دورية بثلاث لغات منذ سنة 1954م، كما يصدرون كراسات دورية تخصص للنشر في موضوع بعينه.

ولهم سلسلة من الندوات الدولية تعقد دوريا بين باريس والقاهرة.

والمدير الحالي للمعهد هو المستشرق الفرنسي جون درويل، وهو متخصص في النحو العربي، ومهتم بترجمة كتاب سيبويه والتعليق عليه.

ولمستشرقي المعهد نشاط جم في مصر واتصالات وعلاقات بالباحثين المصريين والعرب، وبالأقسام الأكاديمية في الجامعات المصرية.

ويمكنني القول: إنَّ مكتبة هذا المعهد الاستشراقي بالقاهرة، وكذلك مكتبة المعهد العلمي الفرنسي بالقاهرة ، تقدمان خدمات جيدة للباحثين والمهتمين.

 

ولا بد من الإشارة هنا إلى:

– المستشرقين الفرنسيين الذين درَّسُوا في جامعة القاهرة -وهم كُثُر- وكان لهم دور كبير في جلب الفكر الاستشراقي إلى جامعة القاهرة، منذ افتتاحها، بداية القرن الماضي، وفي جذب كثير من الدارسين المصريين والعرب، إلى فكر المستشرقين الفرنسيين ومناهجهم وطرائق بحوثهم ومنجزاتهم.

 

– وكذلك نذكر -هنا- المستشرقين الفرنسيين الذين حصلوا على عضوية مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وهم غير واحد.

 

– وكل ذلك يستحق الدرس والبحث في رسائل علمية منهجية.

د. محمد الشرقاوي

من د. محمد الشرقاوي

أستاذ الفلسفة الإسلامية، والدراسات الدينية والاستشراقية في جامعه القاهرة.