السيد أبو داود

غفلة المتدينين وخوفهم.. والخسائر الإستراتيجية.. لما نجحت مقاومة المصريين الباسلة في هزيمة الحملة الفرنسية وتحرير مصر منها،

وكانت المقاومة بقيادة الأزهر وشيوخه الذين قادوا النضال الوطني،

لكن الخوف والهروب من المسئولية جعل هؤلاء المشايخ يطلبون من محمد علي،

ذلك العسكري الألباني الغريب غير المعروف، أن يكون واليًا على مصر،

فولوه عليهم عام ١٨٠٥م، رغم إنهم قادة الانتصار والتحرير،

ورغم إن الكثير منهم كانت فيهم مواصفات القيادة، بل إن قائد الثورة كان جاهزًا وهو الشيخ عمر مكرم ..

وكان تولي محمد علي بداية الكوارث في غرس العلمانية في مصر وفي انسلاخها من ثوبها الإسلامي.

 

كان الخديوي إسماعيل متغربًا قحًا ومفتونًا بالغرب والحضارة الغربية،

وكان يرى أن السبيل الوحيد لتنمية مصر ونهضتها لن يكون إلا عبر جعلها قطعة من أوروبا،

ولم يكن له نصيب من الثقافة الإسلامية والدين، وقد عزم على إحلال القوانين الغربية محل الشريعة الإسلامية،

ويذكر له أنه طلب من مشايخ الأزهر قوانين جديدة تساير التطور الذي كان ينشده،

لكن المفاجأة أن فقهاء ومشايخ الأزهر خافوا ولم يلب أحد منهم طلب الخديوي، خافوا أن يتحملوا المسئولية،

مسئولية أمر جديد وخطير وغير مسبوق كهذا، هربوا من الاجتهاد ومن تحمل المسئولية الدينية والتاريخية،

فكانت النتيجة أنه جاء بالقوانين جاهزة من أوروبا وأحلها محل الشريعة عامي ١٨٧٥م و١٨٨٢م..

وكانت كارثة الكوارث ومصيبة المصائب.

من السيد أبو داود

كاتب صحفي، مصر