السيد أبو داود

رغم إن الغرب، عمومًا، تسوده النزعة العلمية في الكتابة والتأليف، وكيف لا وقد كان المنهج العلمي هو أهم أسس النهضة الأوروبية؟

إلا إن الملاحظ أنه فيما يخص علاقة الغرب بالإسلام وفيما يخص كتاباتهم عن الإسلام،

نجد أن الغالبية العظمى لكتاباتهم إنما هي كتابة متحيزة وعدائية وغير منصفة وغير علمية.

 

علاوة على ذلك هناك كتاب وباحثون وأكاديميون منضبطون وعلميون في كتاباتهم، ولكنهم قلة قليلة، ويتناقصون بمرور الوقت ولا يزيدون.

 

الغرب وصدام الحضارات

 

بناء على ذلك، فلم يكن الأمريكي «صمويل هنتنجتون» مؤلف كتاب «صدام الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمي»،

الذي أصدره عام ١٩٩٦م، والذي يؤصل لصراعات ما بعد الحرب الباردة وأنها لن تكون لأسباب سياسية واقتصادية وإنما ستكون لأسباب ثقافية ودينية،

وأن الصدام القادم إنما هو بين الحضارة الغربية وكل من الحضارة الإسلامية والحضارة الصينية.

لم يكن هو آخر الباحثين المتحيزين وغير المنصفين،

فقد كال «هنتنجتون» الاتهامات للإسلام ووصفه بكل ما هو سيئ ومقيت ووصمه بأنه دين عنف وإرهاب وصراعات، ولذلك فلا مفر من مواجهته بالعنف والحرب والحصار.

 

وعلى سبيل المثال، في بريطانيا، هاجم الزعيم الأنجليكاني «باتريك سوكْدِيو» المسلمين ودينهم هجومًا عنيفًا، منظرًا لخرافة مقولة «الإسلام المعتدل»،

مؤكدًا على أن الإرهاب والعنف مكونان أساسيان في الدين الإسلامي، ولا وجود لما يسمى «الإسلام المعتدل».

 

كتاب الغرب وتشويه الإسلام

 

من ناحية أخرى، فالغالبية العظمى من الكتابات الغربية عن الإسلام إنما هي في هذا الاتجاه،

حتى من الباحثين والأكاديميين والمستشرقين المتخصصين في الدراسات الإسلامية، تسير في اتجاه واحد لا يتغير، وهو الهجوم على الإسلام وتشويهه.

 

بناء على ذلك، فلا يحسبن أحد أن هذه الكتابات الغربية ضد الإسلام إنما جاءت بعد ظهور الجماعات الإسلامية الراديكالية  الحديثة التي دخلت في مواجهات مسلحة ودامية مع الوجود الغربي في بلادنا، وربما نقلت ذلك إلى عمق ديار الغربيين، فالاتجاه العدائي في الكتابات الغربية كان قبل ذلك بمئات السنين.

 

وفي النهاية، فإنه قبل الحروب الصليبية، لم تكن هناك جماعات إسلامية راديكالية تستهدف الأوروبيين،

إنما الأوروبيون هم من بدءوا العدوان والحرب ضد المسلمين تحت راية الصليب،

واستمروا في عدوانهم أكثر من مائتي عام، وقتلوا من المسلمين مئات الآلاف،

لكن مقاومة المسلمين وردهم للعدوان الصليبي الغاشم والظالم وغير المبرر،

بدلاً من أن تعيد الغرب إلى صوابه وتوازنه، زادت من حنقه وغيظه من الإسلام وحقده عليه ومحاربته.

 

ولم يساهم الاستعمار الغربي الحديث لبلادنا في تهدئة النزعة العدوانية لديهم عن الإسلام،

فرغم احتلالهم لبلادنا ونهبهم لثرواتنا حتى اليوم، فما زالت كراهيتهم للإسلام على أشدها.

 

وصدق الله العظبم القائل:

[ولن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡیَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ قُلۡ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۗ وَلَىِٕنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَاۤءَهُم بَعۡدَ ٱلَّذِی جَاۤءَكَ مِنَ الۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِیّ وَلَا نصير] البقرة: 120.

من السيد أبو داود

كاتب صحفي، مصر