د. أحمد زكريا

الطبقية الفاجرة في المجتمع وانسحاق الطبقة الفقيرة وهي معظم المجتمع يذكرني بطسم وجديث، فمن هم؟

كان طسم بن لوذ بن أذهر بن سام بن نوح، وجديس بن عامر بن أزهر بن سام ابني عمّ،

وكانت مساكنهم موضع اليمامة، وكان اسمها حينئذٍ جوًّا، وكانت من أخصب البلاد وأكثرها خيراً،

وكان ملكهم أيّام ملوك الطوائف عمليق، وكان ظالماً قد تمادى في الظلم والغشم والسيرة الكثيرة القبح،

وإنّ امرأة من جديس يقال لها هزيلة طلّقها زوجها وأراد أخذ ولدها منها،

فخاصمته إلى عمليق وقالت: أيّها الملك حملته تسعاً، ووضعته دفعاً، وأرضعته شفعاً؛ حتى إذا تمت أوصاله، ودنا فصاله، أراد أن يأخذه مني كرهاً، ويتركني بعده ورهًا،

فقال زوجها: أيها الملك إنها أعطيت مهرها كاملاً، ولم أصب منها طالاً، إلاّ وليدًا خاملاً، فافعل ما كنت فاعلاً،

فأمر الملك بالغلام فصار في غلمانه وأن تُباع المرأة وزوجها فيعطى زوجها خمس ثمنها وتعطى المرأة عشر ثمن زوجها، فقالت هزيلة:

أتينا أخا طسم ليحكم بيننا ** فأنفذ حكماً في هزيلة ظالما

لعمري لقد حكمت لا متورعاً ** ولا كنت فيمن يبرم الحكم عالما

ندمت ولم أندم وأنى بعترتي ** وأصبح بعلي في الحكومة نادما

فلمّا سمع عمليق قولها أمر أن لا تزوّج بكرٌ من جديس وتهدى إلى زوجها حتى يفترعها،

فلقوا من ذلك بلاء وجهداً وذلاًّ، ولم يزل يفعل ذلك حتى زوّجت الشموس،

وهي عفيرة بنت عباد أخت الأسود، فلمّا أرادوا حملها إلى زوجها انطلقوا بها إلى عمليق لينالها قبله، ومعها الفتيان،

فلمّا دخلت عليه افترعها وخلّى سبيلها، فخرجت إلى قومها في دمائها وقد شقّت درعها من قبل ودبر والدم يبين وهي في أقبح منظر تقول:

لا أحد أذلّ من جديس ** أهكذا يفعل بالعروس

يرضى بذا يا قوم بعل حرّ ** أهدى وقد أعطى وسيق المهر

وقالت أيضاً لتحرض قومها:

أيجمل ما يؤتى إلى فتياتكم، ** وأنتم رجال فيكم عدد النمل

حتى ثارت ثائرة جديس ودبروا لقتل عمليق الفاجر وزبانيته الفجرة.

من د. أحمد زكريا

كاتب وباحث