كثير منا عندما لا يبلغ ما يريده أو يطمح إليه من مكانة أو شهرة؛ تتملكه حالة من الصراخ النفسي المكتوم، فوضعيته غير مرضية له ولا تتوافق مع تقييمه لنفسه وموهبته وما ينبغي أن يناله من تقدير!

وتتمثل حالة الصراخ هذه في تصاعد حدة الغلو في ما يتبناه من قضايا وآراء،

ولما كانت أغلب هذه الشخصيات تمتلك نسبة لا بأس بها من الذكاء،

فهي تلج لتلك القضايا من مداخل صحيحة على الأغلب أو قابلة للنقاش لكنها ملغزة على كثير من الناس.

خطورة هذه الشخصيات وتلك الحالة؛ أنها تنال أتباعاً وتحوز إعجاباً من فئات من الناس البسطاء نفسياً،

وهم لا يدرون ولا يعرفون أنهم إنما يخدمون طموحاً فردياً ذاتياً، ويتصاعدون معها في الغلو في نشوة تشبه حالة الزار.

وتضيع الأمة وطاقاتها الهادرة بين الشخصاني والمريدين الذين يزدادون إن اجتذبتهم حالة النشوة المفرطة تلك،

ويغيب دور العقل وتخسر الأمة بمجموعها.

اختلاف المنطلقات والبعد المعرفي من أهم أسباب وقوع الخلاف!

فقد يقول المتكلم أو الكاتب بنفس ما يعتقده أو يقول به السامع والقارئ، ومع ذلك ينكره عليه،

وذلك لاختلاف الاصطلاح والنحت اللفظي أو تناول القاعدة الكلية التي يتشبث الآخرون ببعض جزئياتها مع عدم الإحاطة بها،

أو تفصيل ما أجمل من قول شائع لا يفهمون إلا إجماله.

والواجب على أهل العلم وأصحاب الرأي وقادة الفكر؛ أن يراعوا ذلك في الطرح على المستوى العام في كل قضية معينة،

والأفضل أن يشيعوا العلم بما يستشكل على الناس مما يساهم في صهر المناخ العام وتوفيقه وتصحيحة.

من د. خالد سعيد

أحد أبناء الحركة الإسلامية - مصر