د. محمد علي المصري

«إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه» ..

هذه هي قاعدة (الانتساب) …

أولى الناس بالانتساب هم الأكثر قُربًا واتّباعًا.. فكان أولى الناس بإبراهيم عليه السلام كقاعدة: أتباعه ..

ثم جاء بعدها التفصيل بعد الإجمال، وتخصيص الذِّكر للتعظيم (وهذا النبي والذين آمنوا) بالرغم من أنهم يدخلون في (للذين اتبعوه) لكنهم كانوا الأكثر تحقيقًا لهذا الاتباع …

ومن اتباعه عليه السلام اتباعه في شعيرة الحج، وإحيائها على طريقته، فإنها مما أسماه أهل العلم (الشرائع القديمة) …

ولهذا كنا نحن المسلمون أولى بإبراهيم من اليهود والنصارى، وإن ثبت لهم (فيه) نسب وأصل..

وكنا نحن أيضًا أهل السنة أولى بالنبي صلى الله عليه وسلم من المتصوفة، الذين اتبعوا هواهم وأسموه (تجربة بشرية) وهو صريح في اتباع (غيره) والإعراض عن سنته وأصله: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني) …

وكنا نحن أهل السنة أولى الناس بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه من الشيعة، ونسبتهم أنفسهم إليه ..

وكنا نحن أهل السنة والجماعة أولى بأبي الحسن الأشعري رحمه الله لأنا وافقناه على ما استقر عليه على الجملة في (الإبانة) وغيره، وعلى نسبته نفسه لإمام أهل السنة الإمام أحمد ..

وكنا نحن أهل السنة أولى الناس بالإمام مالك رحمه الله ممن انتسبوا إليه من المغاربة مع مخالفتهم له في المعتقد ..

وكنا نحن أهل السنة الحنابلة أولى الناس بالشافعي في أصله العقدي، وأصله المنهجي ممن نسب نفسه إليه من الشافعية فرفضوا معتقده، ونسبوا أنفسهم لغيره، وحرفوا أصوله بداية من برهان الجويني، وما تفرع عنه من التلخيص والمنخول ثم المستصفى …

إنها قاعدة الانتساب والاتباع التي يجب أن تكون مؤصلة، فليست النسبة والانتساب دليل الحب وصحة النسبة، وإنما المعيار هو الاتباع.