عبد المنعم إسماعيل

إدارة الأمة تقتضي النجاح في اكتشاف طبيعة العقول وتعددها وطبيعة الثغور وتنوعها ومعرفة الوسع لكل فرد ولزوم فقه ترتيب الأولويات مع احترام خيارات الآخرين ما لم تتعارض مع النصوص الشرعية أو الإجماع الفقهي للأئمة الإعلام الذين جعل الله في تنوعهم رفعا للملام عن المتابعين.

البناء الإسلامي يقوم على فقه استثمار أهل المعصية وليس حصريا على التعامل مع أهل الطاعة فالإسلام دين  منهج تسويق التوبة وإعادة تشكيل القلوب المختلة حال عصيانها لتصبح ربانية في فقه التعبد والعمل والتوبة ومن ثم إصلاح السلوك المختل.

البناء الأممي قام على النجاح في دعوة المخالف والصبر على المعاندين وبذل الوسع في عرض منهج الهداية عليهم وعدم الوقوف أمام لحظات العصيان بعد الدخول في طابور التائبين ألا ترى أن الإسلام انتصر في الشام وفتح العراق بالقادة الذين انتصروا على الإسلام في غزوة أحد بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم .

قمة النجاح يكمل في حجم النقلة النوعية التي تمت في الواقع فوجود الفئة المستهدفة بالدعوة في قمة هرم الجاهلية يجعل للنجاح في التحول إلى الإسلام طعما آخر لذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الله عز وجل أن يهدي أحد العمرين عمرو بن هشام (أبو جهل) أو عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاختار الله الطيب الذي استسلم للمراد الرباني.

يجب أن نعي أن المخالفين للإسلام والخارجين عن طابور الطاعة والعبادة واستقامة السلوك أمام السميع البصير سبحانه فرصة ذهبية للمسلم الذي يبحث عن الفرص لكي يفوز بشرف هداية الناس بالمنهج الإرشادي وترك قضية التوفيق لله رب العالمين سبحانه.

إن وجود أهل المعصية فرص ومنح ربانية لأهل الطاعة لكي يغتنموها حال المبادرة بالدعوة إلى عبادة الله الواحد والخضوع لسلطانه القويم.

ليس من منهج الإسلام تسويق اليأس من هداية الناس لمجرد وجودهم في دائرة الخلاف سواء التنوع أو التضاد فالدين جاء في أصل كيانه لهداية البشرية والعمل على أحداث أعظم نقلة بالانتقال من الجاهلية والشرك والكفر والإلحاد إلى نور الإسلام والتوحيد والسنة ومحبة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.

يجب أن نفهم جيدا أن صناعة اليأس وتسويق الإحباط جريمة من أخطر الكوارث التي تضرب جنبات العقل البشري بصفة عامة والإسلامي بصفة خاصة.

من المهلكات التي تقوم بهدر الجهود في واقع الأمة العربية والإسلامية بصفة عامة والحركة الإسلامية بصفة خاصة قيام بعض دهماء التواصل الاجتماعي تحت مزاعم الوعي المبتسر تسويق فكر الإقصاء للمخالف لمجرد الوقوف في زاوية خلاف التنوع والحكم على مستقبل المخالفين في التضاد بالهلاك وهذا جزء من الافتئات على حكم الله وعلمه سبحانه وتعالى.

إن محاولة ترسيخ أمة التوبة في أفرادها وأمة العصمة في عمومها يجعلنا نقف أمام منهج النصيحة والعلاج وليس اليأس والإهلاك للجميع.

من عبد المنعم إسماعيل

كاتب وباحث في الشئون الإسلامية