تشهد دولا أوروبيّة بدايات إرهاصات أزمة وبوادر تحولات في البعد السياسي والاقتصادي والنزوع نحو التموقع في الخارطة الجديدة في مقاسها البنائي والهيكلي،

ربما يذكرنا الأمر بما حدث للقارة ذاتها قبيل الحرب العالميّة الثانيّة حيث تسارعت وتيرة الأحداث إلى الدرجة القصوى،

فمن ترتيبات معاهدات ما بعد الحرب العالمية الأولى التي خطتها الدول المنتسيّة بميداليات الانتصار و إمضائها من طرف القوى المنهزمة صاغرة إلى الأزمة الاقتصادية العالمية العام 1929

والتي هزت أركان الاقتصاد العالمي برمته إلى تشكل أنظمة سياسيّة ذات توجه راديكالي (الفاشية والنازية والفلانجية والكمالية…)

إلى التدخلات الآثمة في شؤون الدول الداخليّة وتبني سياسات الحدود العائمة.

ما يحدث في ألمانيا هذه الأيام من طرف منظمة تسمي نفسها حركة مواطني الرايخ الألماني يشبه ما حدث في بداية عشرينات القرن الآفل،

عندما بدأ تشكيل الحزب الجمهوري النّازي في ألمانيا بقيادة أدولف هتلر، هذا الحزب الديكتاتوري الذي يدعو صراحة إلى تمجيد العنصر الآري وتقديس الامبراطورية الجرمانية،

ربما هناك تشابه في الرمزيات والدلالات وربما نجد الفلسفة التي يعتنقها أصحاب الحركة الجديدة جذورا في الفكر والمذهب الهتلري من حيث تغيير الوضع السياسي والاقتصادي للدولة الألمانية بما هو أفضل في المنظور الفردي والجمعي لهم،

وقد يكون للظروف التي مرتبها وتمرّ بها ألمانيا اليوم سببا دافعا ومناخا خصبا لزيادة حجم شعبيّة الحركة الوليدة اليوم وإن أقررنا باختلاف الظروف الداخلية والخارجية لهذه الدولة الأوربيّة الأفضل من حيث المنظومة الاقتصاديّة،

لكن يبدو أن معطيات ومؤشرات سلبية بدأت تلوح في الأفق وتجعل معها الشعب الألماني كما الشعوب الأوربيّة الأخرى في حالة ترقب وتوجس من تبعات الحرب الرّوسيّة الأوكرانيّة والتي ألقت بظلالها التعيسة على أوروبا قاطبة.

وقد يكون سابق لأوانه التعليق على ما تقوم به الحركة الجديدة وردود فعل النّاس عليها خاصة الألمان ذاتهم، في ظل القبضة الحديديّة

التي باتت السلطات الألمانية تضرب بها كل ما يمت للحركة بصلة،

وربما تجيبنا الأيام القادمة بحول الله عن عدة تساؤلات ظهرت ولا تزال بشأن الحركة ومدى إمكانية بقاءها من عدمه.

من عزيز فيرم

كاتب سياسي وروائي جزائري