بالسياسة لا تحِلّ المشاكل فرادى على الشخصيات ذات النفوذ، وقد ينطبق القول على الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي يواجهه اليوم سيل عرم من العواصف الهوجاء قد تعصف به حال ترشحه لشغل وظيفة ساميّة ببلاد العام سام وحتى خارج أسوارها وستحول بينه وبينها لا ريب،

ترامب اليوم ليس ترامب الأمس بعد أن تدنّت صورته وشعبيته بشكل مذل في أوساط الشعب الأمريكي بشكل عام وفي أوساط اللوبي اليهودي بشكل أخص،

يحدث هذا على خلفيّة العلاقة الوديّة التي باتت تربط ترامب بإحدى الجمعيات المناهضة للهولوكوست أو ما يصطلح على تسميتها عند آخرين بالمحرقة النازيّة

والتي حدثت خلال زمن الحرب العالمية الثانية وراح ضحيتها زهاء ستة ملايين يهودي بحسب مزاعم وأرقام غير رسميّة،

وهي علاقة ودية مبنية على مصلحة براجماتية على كل حال لمن يعرف النزعة المنفعيّة للرجل،

لكن يبدو أنّ الخدمات الجليلة التي قدمها الأخير للكيان والتي من أبرزها صفقة القرن لم تكن لتشفع للرئيس السابق في قلوب أصدقائه،

وهو أمرٌ سيؤثر على مستقبله السياسي دون شك، بالنظر إلى أهميّة اللوبي اليهودي

وفاعليته كواحد من أبرز محددات السياسة الخارجيّة الأمريكية وحماية الكيان كذلك كمرتكز رئيس في الفكر الاستراتيجي الأمريكي،

بل وقد يؤثر كذلك في سمعته الاقتصادية وهو (البزنس مان) قبل أن يكون السياسي المحنّك. 

علاقات متوترة مع اللوبيات اليهودية

علاقته المتوترة مع اللوبيات اليهودية الأيام القليلة المنصرمة دفعت كذلك بأعضاء كثر من الحزب الجمهوري- حزب الانتماء لترامب-

إلى إبداء الشجب والامتعاض من تصرفات صديقهم التي تختلف مع قناعاتهم وتوجهاتهم بالجملة،

وقد لا تكون المرة الأولى التي يسجل فيها الحزب الجمهوري ردة الفعل هذه،

فترامب الذي غيّر من انتماءاته الحزبيّة غير ذي مرة خلال مساره السياسي الطويل، أدخل الظنون من مدة في عقول أنصاره وأعضاء حزبه،

حول مدى التزاماته تجاه أيّ حزب ينضم له أو أي عمل ينخرط فيه،

وهو تعبير لطالما ضجرت به وسائل الإعلام الداخلية و الخارجية على السواء.

لكن وفي ظل هكذا مسارات كيف يمكننا التنبؤ بما ستسفر عنه قادم الأيام من قضايا أخرى تنتظر ترامب للظهور

كما حدث مع قضايا أخرى طفت للسطح مؤخرا وستشكل لا محالة مادة دسمة لوسائل الإعلام الأمريكيّة خاصة؟

وهل سينتهي المسار السياسي للرجل أم بإمكانه حلّ كل تلك القضايا والرجوع مجددا كمرشح فوق العادة لتقلّد إحدى المسؤوليات السياسيّة العليا؟

سؤالان ومعهما أسئلة أخرى ستجيب عنها قادم الأيام من دون شك، وغدا لناظره قريب.

من عزيز فيرم

كاتب سياسي وروائي جزائري