ما غاب عن خطاب الرئيس الجزائري المُجَلّس عبد المجيد تبون وكان ينبغي أن يذكر:

 

بسم الله نقول

 

التدليس بأن مطالب الحراك كانت فقط لا للخامسة، ولا للباءات ولا للعصابة ولا للفساد  من تقنيات الإكراه النفسي في الحرب الهجينة ومخرجاتها خطيرة، فإذا استقر الوعي على ذلك الإكراه النفسي، يعني أنه انتهت جدوى الحراك وتحققت المطالب بغض النظر عمن حققها!!، ومنه يتم إعدام الحراك باعتباره مطلبا تم تحقيقه.

 

وأخطر منه إعدام  الفكرة التحررية له والتي تجسد القطيعة مع جذور المعضلة الأربعة للأمة الجزائرية = (منظومة دولية مهيمنة /نظام وظيفي ينوب عنها/ ومنظومة سياسية تحيط به وتغذبه وتمتص النزعة التحررية للشعوب/ وأخيرًا حجم التشوهات النفسية التي لحقت الفرد من طول الاحتلال والاستبداد)

 

لذلك فقد غاب في خطاب الرئيس المُجّلس روح النوفمبرية التي نفخها الحراك مرة أخرى في جسد الأمة الجزائرية، وغاب في خطاب تبون كل شيء عدا البرامج التفصيلية كما بينت في أول السلسلة، وغابت الفكرة الوطنية التي تحل محل الفكرة الاستخرابية والاستبدادية، وغابت هوية الدولة التي تتماهى مع هوية الفرد وانتماءه،

 

وغابت القطيعة مع النظام المتعفن المولد للاستبداد، وغابت في خطابه الإرادة الشعبية في التغيير الجذري، وغابت الجذور الأساسية للازمة السياسية بغياب الموقف الصريح من انقلاب التسعينات على الشاذلي رحمه الله  بل تم في الخطاب القفز على الحقيقة رغم انكشافها بالأدلة الدامغة،

 

وغاب الموقف الصريح من محرقة التسعينات وممن تورط فيها من أجهزة الدولة (الطرف الثاني قد تعامل معه القضاء “الخاص”)،

 

وغاب سهم الحراك في القضاء على العصابة وهو أحق بتلك الشرعية، فخطاب تبون حيّد طرفا منتصرا (الشعب وقواه الحراكية) وهضمه حقه وغنائمه السياسية؛ بالاستيلاء المطلق على السلطة؛ وجعله طرفا مُقصى ولا يستحق إلا أن يُعلف ويضلل بوعود استهلاكية، وغاب استدعاء العقول الجزائرية لحل المعضلة الجزائرية والاقتصار على دهاليز العلبة السوداء للنظام التي لم تكشف صراحة عن مشروعها التي تريد فرضه على الأمة الجزائرية

 

وغاب عن خطاب تبون الموقف من الاتفاقات الراهنة للسيادة وان ذلك يقتضي استدعاء الشعب لأحداث الحراك المتوافق مع استحقاقات هذه المعركة الفاصلة كما فعلت سويسرا في المثير من قضاياها المصيرية أمام منظومة العولمة.

 

كما غاب الحضور الفعلي للشباب واعتبارها فراخ تنتظر التسمين بوعود المناصب، في حين يطالب الشباب بالمشاركة في الحكم وبناء الدولة خاصة الطلبة الذين كانوا القوة الواعية في الحراك الشعبي، وغابت فكرة التشاركية في الحكم لصالح مركزية الدولة، فقد أصل خطابه (الذي كرر لفظ ستفعل الدولة ٣٤ مرة) مركزية الدولة الإله  التي تحيي وتميت واليها المنتهى السياسي والحياتي!!

 

وأيضًا غابت فكرة خلق وتوزيع الثروة بين الشعب وأصّل لاحتكار الدولة للثروة ومن ثمة توزيع المال وفق السياسات الحكومية وهذا هو الاحتكار وهذه هي  الهيمنة المالية  والوظيفية الاقتصادية لصالح المنظومة الدولية المهيمنة.

 

خطاب تبون أصّل وأقرّ توجه العقيدة العسكرية للجيش أن العدو الاستراتيجي هو الجوار وليس فرنسا لما تكلم عن الصحراء الغربية ثم ركبها بالعقيدة السياسية التي لا زالت مقتنعة بالاتحاد المغاربي وهنا اللعب بين تضليل العاطفة الشعبية سياسيا وتحقيق مفهوم الوظيفية عسكريا.

 

ما العمل؟

 

العمل هو التوجيه السياسي أمام كل هذه الغطرسة هو تبني نفس التوجه التكتيكي للسلطة الفعلية، فإذا كان يعتبر الجيش تبون مرحلة لكسب الوقت وإعادة إنتاج  النظام، فينبغي الطرف المنتصر الثاني وهو الشعب بحراكه أن يعتبره أيضا مرحلة لكسب الوقت وهيكلة قواه الحية. مشيرًا إلى أن أصحاب النفس الثاني هم من سيكسبون في الحراك الثاني.

من رضا بودراع

كاتب جزائري، وباحث في الشؤون الاستراتيجية