يسري الخطيب، كاتب صحفي وشاعر

في نوفمبر 2000م، وبعد مفاوضات، وافق الدكتور محمد رأفت عثمان، على إجراء حوار صحفي معي، فهو بعيد عن وسائل الإعلام، ولا يحب الصحف، وضجيج الصحفيين،،

ذهبتُ لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر التي كان عميدها، وعندما دخلتُ مكتبه؛ ظنَّ أنني (طالب بالكلية)،

وقال: (أيوا يا ابني)،، فقلتُ له: للأسف أنا لستُ طالبا بجامعة الأزهر.. أنا فلان،، وهنا ابتسم،

وقالَ لي كلمات لن أنساها ما دمتُ من الأحياء: (الخلوق الملتزم خارج الأزهر عندي أفضل من طالب الأزهر، لأن طالب الأزهر تتاح له كل سُبل الالتزام والتديّن، عكس التعليم العام)

دخلتُ معه في حوار قبل التسجيل حول إصدارات الكلية، وأهداني بعض كتبه، والمجلات التي تصدرها كليته.

فرحة تحوّلت لحسرة

و(جرّبت) جهاز الكاسيت الصغير، وبدأتُ في الحوار، وتركتُ ورقة الأسئلة الجاهزة، وتوغّلتُ في قضايا كثيرة، وكانت فترة حُكم حسني مبارك تسمح بتلك المساحة من الحرية، وبعد ساعة ونصف انتهى حوارنا،

خرجتُ من مبنى جامعة الأزهر العتيق بمنطقة الدرّاسة، وأنا أطير من الفرح، وخيالي يحلّق في السماء،

وأن الحوار  سيزلزل عالم الصحافة، وتتناقله الصحف العربية، كما فعل حواري مع مرشد الإخوان،

الذي سبقه بأسبوع، ولكن الفرحة تحوّلت لحسرة بعد عودتي..

أكتشفتُ أن (جهاز التسجيل الصغير) غدرَ بي، ولم يسجّل شيئا،،

ومرَّ شهرٌ، ولم يُنشر الموضوع، فأرسل لي يستفسر، فأخبرتُ الزميل الوسيط بالحقيقة، وبما حدث،

فقال للوسيط: (أنا منتظره في أي وقت) لكني أستحيتُ ولم أذهب.. فقد كان مهيبا جادا صارما…

(حكايات غدر وخيانة الكاسيت للصحفيين أثناء العمل، تحتاج لكتب ومجلدات، ورسائل ماجستير)

إنه الدكتور الفقيه العلّامة: محمّد رأفت عثمان

نعاه الأزهر قائلا: (قيمة وقامة سيظل يذكرها التاريخ….)

وصدقَ بيان نعي المؤسسة الدينية الأكبر لفقيدها، فميراث العلامة الدكتور محمد رأفت عثمان سيظل خالدا وشاهدا وشامخا..

الميلاد: 27 نوفمبر 1935م، محافظة الشرقية (مصر)

الوفاة: 24 ديسمبر 2016م، (81 سنة) القاهرة.

– الفقيه الكبير الدكتور محمد رأفت عثمان، أستاذ الفقه المقارن، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف،

وعضو مجمع البحوث الإسلامية، والعميد الأسبق لكليتَيْ الشريعة والقانون بالقاهرة، وطنطا.

توارى عن الإعلام لأنه أعمق من أن يزاحم المنافقين وأنصاف الفقهاء، وظل بعيدا عن الأضواء،

لكن علماء مصر الكبار كانوا يعرفون قدره، ولذا لقبوه بـ شيخ الفقهاء.

– كان جادا، صارما، لا ينحني للريح كما هي آفة الشيوخ والعلماء في كل زمانٍ ومكان.

– أعلن رأيه في قلب مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر حول فوائد البنوك، معارضا شيخ الأزهر (محمد سيد طنطاوي)

وكان معه الدكتور عبد الفتاح الشيخ، وخرج للصحفيين وقالها واضحة صريحة: فوائد البنوك حرام حرام حرام

 وأصدر كتابين شهيرين حول تلك القضية:

1- “الربا وبعض المعاملات المصرفية”

2- “شراء البيوت للسكن من البنوك بالفائدة“

من أشهر مؤلفاته:

1- رياسة الدولة في الفقه الإسلامي

2- العلاقات الدولية في الإسلام،

3- عقد الزواج، أركانه وشروط صحته في الفقه الإسلامي

4- الحقوق الزوجية المشتركة في الفقه الإسلامي

5- الاستمتاع بين الزوجين في الصوم والاعتكاف والحج

6- الحج والعمرة – دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي

7- سلطة القاضي في التفريق بين الزوجين بالأمور التي تمنع الاستمتاع

8- مهر الزوجة وما يتصل به من قضايا في الفقه الإسلامي

9- فقه النساء في الخِطبة والزواج

10- عقد البيع في الشريعة الإسلامية: أركانه وشروط صحته،

وظل حتى رحيله عن الدنيا، لا يهادن،

ولا يمسك العصا من المنتصف، رغم كونه عضوا بهيئة كبار علماء الأزهر.. وكان علماء الفتوى بالأزهر عندما (يستصعبون) فتوى من الفتاوى العصرية، يقولون: (ليس لها إلا شيخ الفقهاء د. محمد رأفت عثمان)

انتقل العالم الجليل الأستاذ الدكتور/ محمد رأفت عثمان، إلى جوار ربه صبيحة يوم السبت الموافق 25 ربيع الأول 1438هـ…. 24 ديسمبر 2016م

اللهم اغفر له، وارحمه، وتجاوز عن سيئاته، واجعله رفيق النبي (صلى الله عليه وسلم) في الجنة.

من يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - رئيس القسم الثقافي