أشرف عبد المنعم

 

2- موقف السيدة مريم من مزاعم إلوهية ابنها عليه السلام!!

من المعلوم أن الأم هي أكثر شخص معرفة بالإنسان،

فعلاقة الأم وابنها تبدأ منذ أن كان جنينا في بطنها، ومنذ لحظة ميلاده تصحبه الأم بقلبها وعينها،

فتلاحظ كل شيء وتعرف ما يسعده وما يحزنه وما يحب وما يكره، باختصار شديد الابن بالنسبة لأمه كالكتاب المفتوح.

وعلاقة السيدة مريم بابنها المسيح عليهما السلام، ليست استثناء، فقد حملت به بأمر الله ووضعته كأي أم قاست آلام المخاض والولادة،

ويذكر كتبة العهد الجديد أن المسيح قد عاش ما فوق الثلاثين عاما بقليل أو ما يقرب من الخمسين عاما (هكذا في كتبهم)،

ويذكرون أيضا أن السيدة مريم كانت حاضرة وقت حادثة الصلب المزعوم، أي أنها صاحبت ابنها طوال سنوات عمره، ومعها زوجها يوسف النجار!!

والغريب أن المسيح كان معروفا بين الناس بابن يوسف النجار!!

ولم يعترض كما ورد في متى 13 عدد 55

«أَلَيْسَ هذَا ابْنَ النَّجَّارِ؟ أَلَيْسَتْ أُمُّهُ تُدْعَى مَرْيَمَ، وَإِخْوَتُهُ يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَسِمْعَانَ وَيَهُوذَا؟ أو أليست أخواته جميعهن عندنا؟ فمن أين لهذا هذه كلها؟»!

وعليه نسأل النصارى سؤالا، أنتم تؤمنون بإلوهية السيد المسيح،

فهل كانت السيدة مريم تؤمن بذلك؟ وهل آمن يوسف النجار بذلك؟ فإن قالوا لا!

فنقول لهم إذن بطل إيمانكم فكيف تؤمنون بالمسيح أنه إله وتعلمون تمام العلم أن أمه وزوج أمه وإخوته لم يؤمنوا بذلك؟! فتأمل.

الطريف أن البطرك «شنودة» عندما سئل عن إخوة المسيح!

قال لا ليسوا إخوته ولكنهم إخوة في الإيمان!!

فكأنه من الطبيعي أن يكون للإله أم وزوج أم وخالات وأبناء خالات وجد وجدة كل هذا مقبول عندهم

ولكن إخوة وأخوات فهيهات! فهذا لا يجوز في حق إله النصارى! فتأمل.

رغم أن السياق يظهر أن الناس قالوا ذلك وهم يتعجبون من تعليم المسيح للناس في المجمع!!

و إن قالوا نعم كانت مريم تؤمن بأن ابنها إله، نقول لهم إذن عليكم أن تفسروا لنا ما ورد في لوقا الإصحاح الثاني،

مع العلم أنه بعد ميلاد المسيح لم يذكر أحد من كتبة العهد الجديد  إلا أنه تم ختانه وعمره ثمانية أيام ( لوقا إصحاح 2 عدد 21)!

ثم لم يتكلم عنه أحد كلمة حتى كان عمره 12 سنة!

ثم سكتوا مرة ثالثة ولم يذكروه إلا وهو عمره تقريبا ثلاثين عاما كما قال لوقا في إصحاح 3 عدد 23

«ولما ابتدا يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما كان يظن ابن يوسف بن هالي»!!

أي أن الكاتب لا يعرف العمر الحقيقي للمسيح ثم يقولون أنه كتاب الله!!

والكاتب يصرح بأن الناس كانت تظن أن المسيح ابن يوسف النجار!!.

ثم تم ذكر المسيح وعمره 12 عاما في حادثة غريبة وهي أنه تاه من أبويه وكانا يبحثان عنه!

نقرأ هذه الحادثة في لوقا إصحاح 2 بدأها لوقا بعدد رقم 40 ويقول

«وكان الصبي ينمو ويتقوى بالروح ممتلئا حكمة وكانت نعمة الله عليه»!!

فهل كلمة الصبي من أسماء الله الحسنى عند النصارى؟!

وهل الخالق عز وجل العليم الحكيم ينمو ويتقوى؟!. ثم يستكمل لوقا ويقول

41 وكان أبواه يذهبان كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح. ما علاقة يوسف النجار بيسوع إله النصارى؟ هل هو أبوه؟

أليس ذلك اتهاما قبيحا للسيدة مريم؟ أليس هذا ما يقوله اليهود إلى اليوم عن السيد المسيح؟

ما هذه الحماقة التي ينسبونها إلى الله عز وجل؟

ثم يخبرنا لوقا 42 «ولما كانت له اثنتا عشرة سنة صعدوا إلى أورشليم كعادة العيد.»

المهم أن مريم وزوجها عادا إلى بلدهما ثم لاحظا أن ابنهما مفقود!!

فيقول لوقا «…وكانا يطلبانه بين الأقرباء والمعارف. 45

ولما لم يجداه رجعا إلى أورشليم يطلبانه. 46

وبعد ثلاثة أيام وجداه في الهيكل جالسا في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم. 47

وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه وأجوبته. 48

فلما أبصراه اندهشا. وقالت له أمه: «يا بني لماذا فعلت بنا هكذا؟ هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين!»

مرة ثالثة وعاشرة يصر الكاتب على إهانة المسيح وأمه عليهما السلام!

كيف تقول السيدة مريم لابنها المسيح أن يوسف النجار هو أبوه؟!! ثم يقول لوقا «فقال لهما (أي المسيح»

«لماذا كنتما تطلبانني؟ الم تعلما انه ينبغي أن أكون في ما لأبي؟». 50

فلم يفهما الكلام الذي قاله لهما. 51

ثم نزل معهما وجاء إلى الناصرة وكان خاضعا لهما.»

نلاحظ هنا أن الكاتب يتهم السيدة مريم وكذلك زوجها بأنهما لم يفهما كلام المسيح!!!

وهنا نستطيع أن نفهم لماذا يصور لنا كتبة العهد الجديد أن أم المسيح وزوج أمه وإخوته وأخواته وكذلك تلاميذه ( الحواريين)

كما سنرى فيما بعد أنهم لم يفهموا المسيح بتاتا!!

وكذلك الناس الذين عاشوا مع المسيح وعاصروه بل من قام المسيح بإذن الله بعمل معجزات لهم!!

كل هؤلاء لم يفهموا ولكن بعد عدة قرون جاء من لم يسمع أو يشاهد أو يعرف حتى اللغة التي تكلمها المسيح ليفسر كلاما كتب عن المسيح من كتبة مجهولون بلغة غير التي تكلمها المسيح،

ويعتمد على مخطوطات متضاربة مختلفة ومتناقضة مع بعضها، ليعتقد أن الإنسان وابن الإنسان الذي قالها عن نفسه أكثر من ثمانين مرة هو نفسه الخالق العظيم الذي ليس كمثله شيء!

هل كانت السيدة مريم تؤمن بأن ابنها إله

وعليه نقول هل كانت السيدة مريم تؤمن كما يؤمن النصارى اليوم بأن ابنها إله؟ فلماذا كان الهلع والخوف والقلق؟

فلماذا لم تدعوه في صلاتها أن يرجع للبيت حتى يطمئن قلبها على ابنها- إلهها؟!

وفي نهاية هذه القصة لم ينس لوقا أن يخبرنا بخبر عظيم وبشارة وهي

«وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس.»

هل يفهم النصارى أن الله كان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس؟ أين عقولكم؟!

وفي النهاية أقول، إن اتهام السيدة مريم بالغباء لأنها عاشت كل هذه السنوات مع إبنها ولم تعرف حقيقته،

وكذلك اتهام للمسيح  بالكذب والتدليس والخداع لأنه أخفى حقيقته عن أمه وأبيه وإخوته وتلاميذه وكل من عاشره وعرفه فلم يعبدوه ويؤمنوا به حتى لا يكون مصيرهم بحيرة النار والكبريت!

وللحديث بقية بإذن الله.

ودمتم.

من أشرف عبدالمنعم

كاتب وباحث في الأديان