من حكمة الله تعالى حين يُرسل هذه الآيات والابتلاءات لعموم البشر أن يكون فيها تخويفٌ لعباده كما قال تعالى: {وما نُرسل بالآيات إلا تخويفا}، وكما قال تعالى: {وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر} لكن هذا لا يُعارض الدعوة في هذه الأوقات العصيبة للتفاؤل؛ وبث الأمل في قلوب الخلق، وحثّهم على الطمأنينة وعدم الهلع والفزع.

 

وذلك لعدّة أمور يجدر التنبه إليها:

 

1- أنّ المراد بالتخويف هو العودة إلى الله والتوبة إليه والإنابة إليه، فإذا ذُكِرت آيات الله وذُكّر الناس بعظيم قوّة الله وجلت قلوبهم؛ فيفرُّوا من الله خوفاً إلى الله رجاءً ويذكروه حباً ويعبدوه طلباً؛ فبذكره تطمئن القلوب، وبالعبودية إليه ينالون منه الرضا.

 

2- أنّ الخوف المقصود بالآية يدعو للعمل والصلاح والإصلاح؛ وليس داعية للفزع والرعب، وحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آية الكسوف والخسوف : (أنّهما آيتان من آيات الله يُخوّف الله بهما عباده) فإنّه حينها حثّهم ودعاهم إلى الفزع للصلاة والصدقة والدعاء وذكر الله وترك المعاصي والذنوب.

 

3- أنّ زرع الطمأنينة في قلوب الناس هو الذي يجعلهم قادرين على الأمل والعمل؛ وهو الذي يدعوهم لفعل الأسباب المطلوبة شرعاً؛ لأنّ الهلع والخوف إذا استحكم بالنفس لم تعمل شيئاً بل قد تصل لمرحلة اليأس والقنوط.

 

4- أنّ المرء في كلتا حالتيه يقوم بحقيقة العبادة التي تجمع بين الخوف والرجاء مع التوكل على الله والثقة به وحبّه واليقين بما لديه من رحمة.

 

5- أنّ وقت استنزال البلاء يُمكن استدفاعه بالدعاء، ووقت مجيء القضاء الكوني القدري؛ يُمكن دفعه بالأمر الشرعي الديني والذي هو كذلك من ضمن قضاء الله الكوني القدري.

 

والله تعالى أعلم وأحكم.

 

[ad id=’435030′]

من خباب مروان الحمد

باحث في مركز آيات