العاصمة السعودية، الرياض

لا زال الاقتصاد السعودي يعاني تبعات تراجع أسعار النفط منذ منتصف 2014، إذ أظهرت بيانات رسمية، اليوم السبت، انكماش الناتج المحلي الإجمالي للسعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، خلال الربع الثاني من العام الجاري بنسبة 1.03 بالمائة، وذلك وسط سياسيات التقشف التي اتبعتها المملكة لمواجهة تراجع الإيرادات.

وقالت الهيئة العامة للإحصاء (حكومي)، في بيانا لها إن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة انكمش إلى 628.2 مليار ريال (167.5 مليار دولار)، مقارنة مع 634.7 مليار ريال (169.3 مليار دولار) في الفترة المناظرة من العام الماضي.

يأتي هذا الانكماش، في ظل تراجع أسعار النفط الخام الذي يعد المصدر الرئيس للدخل في البلاد، بنسبة 54 بالمائة عن أعلى مستوياته المسجلة في 2014.

ونما الناتج المحلي الإجمالي في السعودية، 0.94 بالمائة في الفترة المناظرة من العام الماضي 2016.

وانكمش القطاع النفطي في الربع الثاني 2017، بنسبة 1.76 بالمائة، مقارنة بنمو 0.31 بالمائة في الفترة المناظرة 2016.

على الجانب الآخر، نما القطاع غير النفطي 0.56 بالمائة، مقارنة بنمو 0.55 بالمائة، وقدرت الحكومة السعودية إيراداتها النفطية خلال 2017 بقيمة 480 مليار ريال (128 مليار دولار)، تُشكل 69% من إجمالي الإيردات.

ويعد هذ الإنكماش هو الثاني على التوالي، إذ أظهرت بيانات رسمية في يوليو الماضي انكماش الناتج المحلي الإجمالي للسعودية على أساس سنوي في الربع الأول من هذا العام للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية لكن القطاع الخاص حقق تحسنا تدريجيا.

وانخفض الناتج المحلي المعدل في ضوء التضخم 0.5 بالمئة على أساس سنوي في الفترة من يناير إلى مارس مسجلا أول هبوط منذ عام 2009، وكان ذلك كله تقريبا بسبب انكماش قطاع النفط بنسبة 2.3 بالمئة إذ خفضت السعودية إنتاجها من الخام بموجب اتفاق عالمي بين الدول المنتجة لدعم الأسعار.

وانكمش القطاع الحكومي غير النفطي من الاقتصاد 0.1 بالمئة بما يظهر أن الرياض استمرت في تقييد الإنفاق الحكومي بقوة مع سعيها لتقليص عجز كبير في الموازنة أحدثته أسعار النفط المتدنية.

لكن القطاع الخاص غير النفطي نما 0.9 بالمئة مقارنة مع 0.5 بالمئة في القراءة المعدلة للربع الأخير من العام الماضي. وهذا هو أسرع نمو في القطاع الخاص منذ الربع الأخير من عام 2015.

وتضررت الشركات الخاصة بشدة من إجراءات التقشف الحكومية، بما في ذلك رفع أسعار الطاقة محليا وتأخير سداد ديون مستحقة على الحكومة للشركات. لكن في أواخر العام الماضي بدأت الرياض في تسوية ديونها بسرعة أكبر مما عزز القطاع الخاص.

وتوقعات النمو لبقية هذا العام قاتمة. وفي الأسابيع الأخيرة خففت الرياض توجهها التقشفي وأعادت البدلات المالية لموظفي القطاع الخاص وهو ما ينبغي أن يدعم الاستهلاك إلى حد ما، ولكن لم تظهر نتائج هذا التوجه خلال الربع الماضي.

كما تخطط الحكومة لطرح ضريبة للقيمة المضافة نسبتها خمسة بالمئة في بداية عام 2018 ومن ثم فقد يكون هناك انتعاش في الاستهلاك في الأشهر السابقة لذلك مع اتجاه السعوديين للشراء بقوة تجنبا للضريبة.

لكن بعض إجراءات التقشف يجري تنفيذها هذا العام ومن بينها زيادة رسوم إقامة الأجانب الذين يشكلون نحو ثلث عدد السكان. كما أن اتفاق خفض إنتاج النفط سيظل ساريا هذا العام ومن ثم سيواصل قطاع النفط الضغط على النمو.

وفي المقابل، تراجع عجز الميزان التجاري السعودي غير النفطي بنسبة 16.5 بالمائة، خلال الشهور السبعة الأولى من العام الجاري، ليصل إلى 47.7 مليار دولار.

كان عجز التجارة السعودية غير النفطية بلغ في الفترة المقابلة من العام الماضي 2016، نحو 27.1 مليار دولار.

وحسب مسح الأناضول، لبيانات صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء في السعودية (حكومي)، السبت، تراجعت الواردات غير النفطية بنسبة 10.5 بالمائة، إلى 74.9 مليار دولار، مقابل 83.8 مليار دولار في الفترة المناظرة من 2016.

في المقابل، ارتفعت قيمة الصادرات غير النفطية خلال الشهور السبعة الأولى من العام الجاري، 2.3%، إلى 27.3 مليار دولار، مقارنة مع 26.7 مليار دولار في الفترة المناظرة من 2016.

وأبرز الصادرات السلعية غير النفطية للسعودية: اللدائن والمطاط ومصنوعاتها، منتجات الصناعات الكيميائية وما يتصل بها، المعادن العادية ومصنوعاتها، معدات النقل وأجزاؤها، والآلات والمعدات والأجهزة الكهربائية.

وبلغ العجز التجاري غير النفطي للسعودية خلال 2016، نحو 89.1 مليار دولار، مقارنة مع 120.8 مليار دولار في 2015.

وتعاني السعودية، أكبر دولة مُصدرة للنفط في العالم، في الوقت الراهن من تراجع حاد في إيراداتها المالية، الناتجة عن تراجع أسعار النفط الخام عما كان عليه عام 2014.