التعذيبالأمة| وجهت منظمة  “هيومن رايتس ووتش” اليوم إتهاما للقضاة في العراق بأنهم “عادة ما لا يُحققون في مزاعم ذات مصداقية بتعذيب قوات الأمن لمشتبه فيهم في قضايا الإرهاب”. 

وقال تقرير صدر عن المنظمة إن القلق حول استخدام قوات الأمن العراقية للتعذيب بشكل كبير زاد منذ أن نفذت الحكومة اعتقالات واسعة لآلاف المشتبه في انتمائهم إلى تنظيم “الدولة الإسلامية” “داعش”. وأكدت أنه كثيرا ما يتجاهل القضاة مزاعم التعذيب، ويدينون متهمين استنادا إلى اعترافات يزعم المتهمون أنهما انتزعت منهم بالإكراه.

وعلقت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، قائلة: “التعذيب متفشٍ في النظام القضائي العراقي، ومع ذلك ليس لدى القضاء تعليمات بالتعامل مع ادعاءات التعذيب. لن يحصل المدعى عليهم، ومنهم المشتبه بانتمائهم إلى داعش، على محاكمة عادلة طالما أن قوات الأمن يمكنها تعذيب الناس دون رادع لانتزاع اعترافاتهم”.

يأتي ذلك رغم أن العراق طرف في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، إلا أنه ليس لديه قوانين أو مبادئ توجيهية توجه العمل القضائي عندما يزعم المتهمون أنهم تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة.

وكان مركزُ بغداد لحقوق الإنسان -منظمة محلية- قال إن التعذيب بأنواعه لا يزال مستشريا في جميع سجون التحقيق ومرافق الاحتجاز الرسمية وغيرها في العراق.

وأصدر المركز الحقوقي الشهر الماضي بيانًا بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب يؤكد على أن التعذيب بات “يشكل ظاهرة ومنهجية وليس ممارسات فردية، وما زالت السلطات تتذرع بالظروف الاستثنائية كمبرر للـتعذيب ولسوء المعاملة أو لعدم القدرة على كبحهما في هذه الفترة”.

وحضرت هيومن رايتس ووتش في يونيو/حزيران ويوليو/تموز الماضيين  18 محاكمة جنائية في بغداد لمشتبه في كونهم أعضاء في داعش. وقالت المنظمة أن أغلب القضاة لم يردوا بأي شكل من الأشكال على ادعاءات التعذيب. وفي عدة قضايا أمر القاضي بإجراء فحص طبي شرعي ووجد آثار تعذيب، لكنه لم يأمر بالضرورة بإعادة المحاكمة أو التحقيق، أو مقاضاة الضباط والعناصر المسيئين.

وقال تقرير “رايتس وتش” لطالما اعتمدت السلطات العراقية على الاعترافات المُنتزعة تحت التعذيب للحصول على الإدانات.

وعام 2014، أفادت “بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق” (يونامي) أن “القضاة، بانتظام، لا يتخذون أي إجراء عندما يثُير المتهمون ادعاءات أمام المحكمة بأنهم تعرضوا للتعذيب من أجل إجبارهم على الاعتراف بالجرائم التي يُحاكمون لأجلها”.

وقال محامون للمنظمة إن القضاة نادرا ما يأمرون بإجراء فحص طبي شرعي للتحقيق في التعذيب. وإذا أمر القضاة بتقرير الطب الشرعي، فنادرا ما يأمرون بإعادة المحاكمة.

أضاف المحامون أيضا أنهم نادرا ما ينجحون في الاستناد إلى قانون العفو في قضايا الإرهاب للحصول على إعادة المحاكمة عندما يزعم المشتبه بهم تعرضهم للتعذيب. وفي قضية استثنائية، قال محام إنه استطاع الحصول إطلاق سراح معتقل باستخدام قانون العفو لأن عائلة الضحية شهدت نيابة عن المدعى عليه بأن قوات الأمن ألقت القبض على الرجل الخطأ.

قال المحامون إن القضاة لم ينقلوا المشتبه بهم من عهدة العناصر المتهمين. أي مشتبه به يشهد في المحكمة بأن المحققين عذبوه قد يتعرض للتعذيب مجددا عند عودته إلى السجن لمواجهة نفس الحراس.

قالت هيومن رايتس ووتش إن القلق بشأن تجاهل القضاة مزاعم التعذيب يتجاوز محاكم بغداد. حيث زعم “العديد” من المشتبه في انتمائهم إلى داعش  أمام المحكمة تعرضهم للتعذيب.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات القضائية التحقيق في جميع المزاعم ذات المصداقية بشأن التعذيب ومع قوات الأمن المسؤولة. على القاضي أن يأمر بنقل المعتقلين إلى مراكز مختلفة فورا بعد أن يزعموا تعرضهم للتعذيب أو سوء المعاملة، لحمايتهم من الانتقام.

قالت فقيه: “عندما يُدين القضاة المتهمين بناء على اعترافات بالإكراه ويتجاهلون مزاعم التعذيب، فهم يقولون لقوات الأمن إن التعذيب أداة تصلح للتحقيق. على الحكومة العراقية أن تفعل أكثر بكثير مما تقوم به الآن لضمان أن تكون التحقيقات الجنائية موثوقة وحيادية، ولمحاسبة الضباط والعناصر الذين يعذبون المعتقلين”.

يذكر أن القضاء العراقي لم يعاقب أيا من مرتكبي جرائم التـعذيب منذ سقوط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين عام 2003، في ظل استمرار حمايتهم  وشمولهم بقانوني العفو العامين لسنتي 2008 و 2016.

تقرير: التعذيب بألوانه لا يزال مستشريًا في سجون العراق

من عبده محمد

صحفي