موضوع لم يُطرَق مِن قبل:

الشاعران: طَرَفَة بن العبد، وإبراهيم بن المهدي، بينهما 270 سنة، فالشاعر طَرَفة مات سنة 569م، والشاعر إبراهيم بن المهدي، مات سنة 839م.

فلماذا يصرّ الأكاديميون على نسبة هذه الأبيات للمهدي؟

ربما لأنه كان الخليفة؟!!

العجيب أن هذه القصيدة يتم تدريسها في أقسام اللغة العربية بالجامعات، وتُنسَب للمهدي…

والأغرب والأعجب أن د. محمد مصطفى أبو شوارب، أحد رموز النقد الأدبي الكبار في العصر الحديث، ذكرَ هذه الأبيات، في كتابه: (شعر إبراهيم بن المهدي .. وأخباره ونثره) ونسبها للمهدي.

(هل استيقظ طَرَفَة بن العبد من موته، بعد 270 سنة، وسرق قصيدة المهدي، ومات مرة أخرى؟!)

الشاعر الكبير أحمد شلبي يقول: (لا يمكن أن يكون هذا النص لطرفة .. فلا اللغة من ألفاظ أو تراكيب هزيلة تناسب طرفة صاحب المعلقة الفريدة .. ونسبتها له من خيال الرواة المتأخرين .. أما إبراهيم بن المهدي فيُعرف عنه الغناء أكثر من الشعر .. والأبيات ربما تكون تجميعا لأبيات من هنا وهناك وتمت نسبتها للمهدي الذي لم يؤثر عنه شعر .. الأهم في الموضوع أنها لا تتناسب مع طرفة لا لغة ولا مضمونا ولا إيقاعا)

……………….

1- يقول طَرَفَة بن العبد (543م – 569م، البحرين) (26 سنة):

 

مَنْ قالَ فِي النَّاِس قاُلوِا فيِهِ مِا فيِهِ/

وَحَسْبُهُ ذاكَ مِنْ خِزْيٍ وَيَكْفِيِهِ/

إنّ التّكلفَ دَاءٌ لا دَوَاءَ لَهُ

وكيفَ آمَنُ داءً لا أُدَاوِيهِ/

إنّ الفتى ليسَ في الأَشْياءِ يَفْضَحُهُ

إِلا تَكَلُّفُهُ ما ليسَ يَعْنِيهِ/

إنّ الصّديقَ لأهلٌ أَنْ تُوَاسِيَهُ

ولنَ يَوَدَّكَ إِلا مَن تُوَاسِيهِ/

لَنْ يُعْجِبَ المرءُ إِلا مَن يُسَاعِدُهُ

وكيفَ يُعْجِبُهُ مَنْ لا يُوَاتِيهِ/

لو فَرَّ مِن رِزْقِهِ عَبْدٌ إلى جَبَلٍ

دونَ السّماءِ لألفى رِزْقَهُ فِيْهِ/

لا يُوجَدُ الخيرَ إِلا في مَعَادِنِهِ

أو يَجْرِيَ الماءُ إلا في مَجَارِيهِ/

لنْ يُرْضِكَ النِّكْسُ إِلا حينَ تُسْخِطُهُ

وليسَ يُسْخِطُ إلا حين تُرْضِيهِ/

وفي الكلامِ كلامٌ ما نَطَقْتُ به

إِلا نَدِمْتُ عليه حينَ أُبْدِيهِ/

وإنْ نَدِمْتُ فإنِّي لستُ أُرْجِعُهُ

وكيفَ أُرْجِعُهُ والرِّيحُ تُذْرِيهِ/

لا تُظْهِرَ الأمرَ إلا حينَ تُحْكِمُهُ

وكيفَ يُحْكِمُهُ مَن ليس يُخْفِيهِ/

مَنْ نَمَّ فِي النَّاسِ لَمْ تُؤْمَنْ عَقاربُهُ

عَنِ الصَّديِقِ وَلَمْ تُؤْمَنْ أَفاعِيِه/

أَدِّبْ وَليدَكَ وانْظرْ مَن يُجَالِسُهُ

ما دُمْتَ تَمْلِكُهُ أو مَن يُمَاشِيهِ/

أَبْني البناءَ ولا أَدْري أَأَسْكُنُهُ

أم لا ولكنّني أَرْجُو فَأَبْنِيهِ/

مَن كانَ في سَفَرٍ فالموتُ صَاحِبُهُ

أو كانَ في حَضَرٍ فالموتُ يَأْتِيهِ/

وإِنْ مَضَى خَمْسةٌ فالموتُ سادسهمْ

وإِنْ مضى واحدٌ فالموتُ ثَانِيهِ/

مَن ماتَ لم يَرْعَهُ أَهْلٌ ولا وَلَدٌ

وكيفَ يَحْفظُه مَن لم يُرَثِّيهِ/

………

2- الشاعر الخليفة إبراهيم بن المهدي بن أبي جعفر المنصور (779م، بغداد – 839م) (60 سنة)

أخو الخليفة هارون الرشيد الصغير من أبيه

(تولِّي الخلافة في بغداد لمدة عامين)

يقول الشاعر المهدي:

مَنْ قالَ في النَّاسِ، قالوا فيهِ ما فيهِ/

وحسبُهُ ذاكَ مِنْ خِزْيٍ ويَكْفيهِ/

مَنْ نمَّ في النَّاسِ لمْ تُؤمَنْ عَقَارِبُهُ

عن الصَّديقِ وَلَمْ تُؤمَنْ أفاعيهِ/

كالسَّيْلِ يَجْرِي ولا يَدْرِي بهِ أحَدٌ

مِنْ أينَ جَاءَ ولا مِنْ أينَ يَأتيهِ/

فالويْلُ للعهدِ منهُ كيفَ يَنْقُضُهُ

والويلُ لِلوُدِّ مِنْهُ كَيفَ يُفْنيِهِ/

لو فَرَّ مِنْ رِزْقِهِ عَبْدٌ إلى جَبَلٍ

 دُونَ السَّماءِ لألفَى رِزْقَهُ فيهِ/

…………….

يسري الخطيب

من يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - رئيس القسم الثقافي