الشاعر محمود غنيم

راغبٌ في الله، عفٌّ عن سواهْ

ما سَبَتْ عَيْنَيْهِ زيناتُ الحياةْ

لا، ولا اعتَزَّ بسلطانٍ وجاهْ

عُمَرُ الفاروقُ! حدِّثْ عن عُمَرْ

موئلِ العدل، إمامِ الزاهدينْ

فاتحُ الأمْصار، ذُو المُلْك الكبيرْ

لم يكنْ صاحبَ تاجٍ أو سريرْ

حَزَّ في جَنْبَيْه فرشٌ من حصيرْ

وكسا عِطْفيْه ثوبٌ من وبَرْ

وأواهُ الكوخُ من ماءٍ وطينْ

قيْصَرٌ، لكنَّهُ بالي الثيابْ

لم يكن يسكُنُ قصرًا ذا قِبابْ

ليس يدري بابُهُ معنى الحجابْ

وهْوَ ملءُ السمع قدرًا والبصَرْ

يَعْظُم الليثُ وإن هان العرينْ

عاهلٌ؛ تعنو له فُرْسٌ، ورومْ

يُطعمُ الناسَ، ومن جوعٍ يَصُومْ

وَجَدَ الدُّنيا متاعًا لا يدومْ

فاجَتَوَى الدنيا فِرارًا من سَقَرْ

وابتغى الفردَوْسَ مأوى الخالدينْ

مِلكُ الشَّرْقِ بباب المسجدِ

مُطْبَقُ الجفنين ممدود اليدِ

آمنٌ شرَّ اعتداءَ المعتدِي

نائمٌ تحرسُهُ عينُ القَدَرْ

وعليه يسهَرُ الرُّوحُ الأمينْ

خافَ مولاه؛ فخافَتْهُ العُصَاةْ

وتمشَّي الزُّهْدُ في روحِ الولاةْ

فكفاهم من حُطامٍ ما كفاهْ

ما لها والٍ بكأسٍ أو وَتَرْ

لا، ولا عاثَ بمال المسلمينْ

واصلُ العافِي، رحيمٌ باليتيمْ

وبنوهْ حِلْفُ حِرمانٍ مقيمْ

ربَّ عيدٍ أوردَ الناسَ النعيمْ

غيرَ طفلٍ بصداهُ ما شعَرْ

هُوَ مِن نَسْلِ أَمِيرِ المؤمنين

قاهِرُ الرومِ بأطرافِ الرماحْ

قَهَرَ النفسَ، وللنفسِ جِماحْ

سَامها الضيقَ، وفي العيش براحْ

كم شُجاعٍ خاض حربًا فانتصرْ

وهْوَ للنفس ذليلٌ مستكينْ

وَلىَ الأمرَ نزيهًا عن نزيهْ

وهْوَ لا يبغيه بل يزْهَدُ فيهْ

ثمَّ ولَّى، لم يُوَرَثْهُ بنيه

إنَّما الحُكْمُ عناءٌ وسَهَرْ

لا متاعٌ وغِنًى للحاكمينْ!

راغبٌ في اللهِ، عَفٌّ عن سواهْ

ما سبَتْ عينيه زيناتُ الحياةْ

لا، ولا اعتَزَّ بسلطانٍ وجاهْ

عُمَرُ الفاروقُ! حدِّث عن عُمَرْ

موئلِ العدلِ، إمام الزاهدينْ

———-

الشاعر محمود غنيم

مواليد  25 ديسمبر 1901م، بقرية مليج، مركز شبين الكوم ، المنوفية (مصر)

وتوفي سنة 1972م

تعلّم في الأزهر، ثم حصل على ليسانس دار العلوم

عمل مدرسا للغة العربية، وظل أحد الأعلام القائمين علي تدريسها لسنوات طويلة، حتى وصل إلى أعلى المناصب المتاحة لمدرسي اللغة العربية وقتها، وهو منصب عميد مفتشي اللغة العربية على مستوى مصر.

أهم دواوينه:
ـ كانت أولي مساهمات محمود غنيم الشعرية المشهورة هي مساهمته في كتاب «دموع الشعراء علي سعد»، 1927، مطبعة الاعتماد.
“صرخة في واد”
“في ظلال الثورة”
“رجع الصدى”
 
المسرحيات الشعرية:
 
ـ «المروءة المقنعة»
ـ «الجاه المستعار»،
ـ «غرام يزيد»،
ـ «يومان للنعمان»،
ـ «النصر لمصر»
 
الدراسات:
ـ «حفني ناصف»، سلسلة أعلام العرب، 1965.