خباب مروان الحمد

قال لي: فلان لا يعرفني إلا وقت المصلحة!

قلتُ له : إليك بعض النقاط علّها تكون مُجيبة عن سؤالك واستنكارك !

1- أن يعرفك في وقت المصلحة؛ فقد عَلِم أنّ هناك شخصاً فاضلاً طيباً يبتعد عن حظوظ النفس والأنانيّة المقيتة ويعمل لوجه الله؛ فقصده وأتى إليه، وترك كلّ من خلفه ممن لا يعيشون إلاّ حياة المصالح والنفعية البحتة.

2- قد لا يكون أتاك لأجل مصلحته فحسب؛ بل قد تكونُ مصلحةً لغيره، يسعى لخدمته بها وإن لم يُصرّح لك.

3- طبيعة الأنفس لا تتعرّف على بعضها في الغالب إلا بناءً على وجود المصالح؛ وأنت بنفسك لو نظرت إليها وسبرت أغوارها؛ لأدركت أنّك عاشرتَ أناساً كان لك من معاشرتهم مصالح خاصة بك، أو مصالح مشتركة.

4- لو أتاك الشخص لأجل مصلحته؛ فقد تنقلب مصلحته الصغرى إلى مصلحة لك كبرى؛ فلربما يأتيك وقت تكونُ أحوجَ إليه في مصلحتك من حاجته إليك في مصلحته، فالأيام دُول، والدهر قُلّب، وقد أحسن من قال:

الناس للناس من بدوٍ وحاضرةٍ * بعضٌ لبعض وإن لم يشعر واخدمُ.!

5- التعالق بين الناس لأجل المصالح والمنافع المشتركة ليس عيباً بحدّ ذاته، فإنّ من الطبيعي أنّ ترى كثيراً مما في هذا الكون مسخّر لخدمة غيره، وها أنت ترى الأم لا تشرب لبنها، ولا الأشجار تأكل ثمارها، ولا البحر يأكل سمكه، فطبائع الحياة قائمة على المشتركات الإنسانية بل والحيوانية كذلك.

6- قد يُراجع المرء نفسه حين يجدُ منك طيبة وفضلاً؛ فيشكرك ويقدّم لك الاحترام والتقدير؛ بل قد يُكرمك بما لا تظنّه يخرج منه.

7- راجع نفسك ! هل حينما قلتَ هذه الكلمة ( فلان لا يعرفني إلا وقت المصلحة) كنت تريد أن تخدمه لأجل الله، أم لأجل مصلحة أخرى لك لم يُحققها؛ فإن كان كذلك فقد كنت مثله فعلامَ التعجب؟!

8- الأصل أنّ المرء يخدم غيره ولا يريد منهم جزاءً ولا شكوراً؛ لأنّ من طبيعة الإنسان الجحد والنسيان؛ فعلى المرء أن يُوطّن نفسه على ذلك؛ فإن وجد أهل الوفاء لخدمته فليحمد الله وليُكثر من شكره.

* ومضة !

كان طلحة بن عبد الرحمن بن عوف من أجود قريش.

فقالت له امرأته يوما:ما رأيت قوما أشد لؤما من إخوانك.قال: ولم ذلك؟ قالت: أراهم إذا اغتنيت لزِموك وإذا افتقرت تركوك!

فقال لها:هذا والله من كرم أخلا‌قهم يأتوننا في حال قدرتنا على إكرامهم ويتركوننا في حال عجزنا عن القيام بحقهم !!

من خباب مروان الحمد

باحث في مركز آيات