أكد د. شهاب العزعزي الخبير الاقتصادي والمستشار المالي اليمني أن تجمع الـ«بريكس» قادر في ظل ما يتمتع به من تكامل اقتصادي ومواقع جغرافية متميزة وممرات دولية وبقوة سياسية مؤثرة علي مواجهة الهيمنة الاقتصادية الأمريكية في العالم.

وقال العزعزي في حوار له مع «جريدة الأمة الإليكترونية» إن محاولات الـ«بريكس» لإيجاد عملة موحدة يحتاج وقتا طويلا وسياسات اقتصادية ومالية قوية كي تستطيع العملة الجديدة كسر هيمنة الدولار علي الاقتصاد العالمي.

ومضى الخبير الاقتصادي اليمنى للقول إن هناك شروطا وضوابط يجب توافره كي يستطيع بنك التنمية التابع لـ«بريكس» العمل بشكل مواز لصندوق النقد والبنك الدوليين منها تقديم تسهيلات مالية لكافة أنواع مشاريع التنمية بفوائد صفرية فضلا عن ضرورة التعامل داخل البنك بالعملات المحلية للدول الأعضاء بالتجمع.

انضمام الدول العربية والإسلامية الكبرى الـ«بريكس» سيكفل سبل النجاح لهذا التجمع

وشدد علي ضرورة انضمام الدول العربية والإسلامية الكبرى لهذا التجمع لما يشكله ذلك من قوة اقتصادية وورقة ضغط عالمي وأحداث توازن حقيقي داخل هذا التجمع بشكل يوفر سبل لنجاحه ولعبه دورا مهما في الاقتصاد العالمي .

الحوار مع الخبير الاقتصادي اليمني والمستشار المالي تطرق لقضايا عديدة نعرضها بالتفصيل في السطور التالية

• هل تستطيع «بريكس» أن تواجه الهيمنة الاقتصادية الأمريكية الغربية علي الاقتصاد العالمي أو نقلل بشكل ملحوظ من هذه الهيمنة؟

طبعا تستطيع دول تجمع «بريكس» أن تقلل من الهيمنة الأمريكية الغربية لوجود توازنات اقتصادية جديدة في العالم بظهور الصين وروسيا وحلفاؤهم وتأثيرهم بشكل مباشر على اقتصاديات العالم بالإضافة إلى الأحداث السياسية والصراعات التي نتج عنها حرب أوكرانيا مما جعل وجود طرف مواز وبدأ يتشكل نظام عالمي جديد بدل القطب الواحد..

ولكن مازالت هذه المرحلة مرحلة تدافع وصراع لفرض الهيمنة ومعرفة إلى أي مدى كل طرف يمكن أن يقدم تنازلات للأخر حيث أن مجموعة «بريكس» تشكّل كدول مجتمعة نحو 40% من مساحة العالم، ويعيش فيها أكثر من 40% من سكان الكرة الأرضية.

وكذلك يضم التجمع أكبر 5 دول مساحة في العالم وأكثرها كثافة سكانية وهي بذلك تعتبر تلقائياً أكبر قوة اقتصادية عالمية في الواقع ولو كانت سياسياً تأثيرها أقل من الهيمنة الأمريكية الغربية..

• في هذا السياق هل تملك «بريكس» مؤهلات النجاح في ظل التناقض الملحوظ سواء اقتصادياً أو سياسياً أو جغرافياً فمثلا هناك الاقتصادي الصيني والهندي وكذلك جنوب أفريقيا والبرازيل في أمريكا اللاتينية؟

بكل تأكيد «بريكس» لها ما يميزها عن أمريكا ودول أوروبا الغربية هو أن دول «بريكس» التي تشمل الصين والهند و جنوب أفريقيا والبرازيل وغيرها تشكل تكتلا اقتصاديا عملاقا ويعتبر اكبر تجمع اقتصادي في العالم اليوم. .

أمريكا والاتحاد الأوروبي سيواصلون جهودهم المكثفة لإضعاف «بريكس» وتحجيمه

وكذلك في الجانب السياسي فان دول «بريكس» تتفوق على الطرف الأخر من الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن حيث أن الصين عضو بالإضافة إلى حليفتها روسيا وبالتالي المتبقي من مجلس الأمن ثلاث دول وهي أمريكا وبريطانيا وفرنسا.

وبالتالي فانه من الجانب السياسي دول «بريكس» صارت تشكل قوة ضغط سياسية بتحالفها مع دول كثيرة وفيما يتعلق بالجانب الجغرافي أيضا في دول «بريكس» تتمتع بمواقع جغرافية مميزة وممرات دولية وبالتالي يوجد تكامل بين تلك الدول.

الـ«بريكس» والعملة الموحدة 

تحدث مراقبون كذلك عن مساع جادة لإيجاد عملة جديدة للتجمع فهل تصلح التناقضات الاقتصادية بين هذه الدول علي وجود عملة موحدة؟

•• فيما يتعلق بإيجاد عملة موحدة لدول الـ«بريكس» فإنهم يسعون في المرحلة الأولى إلى التعامل فيما بينهم بعملاتهم المحلية بديلا عن الدولار واليورو ثم لاحقا يسعون لتوفير سلة عملات من خلالها يتم الاتفاق على إيجاد عمله موحده تكون موازية للدولار لليورو..

وهذا بالطبع لو حدث سوف يكون قوة لدول «بريكس» وبنفس الوقت إحداث توازن في العملات كبديل عن الدولار الذي يعد المهيمن في العالم حاليا ومرتبطة به كل عملات دول العالم وله وضع استثنائي يختلف عن باقي العالم.

وبالتالي هذا الأمر سيأخذ وقتا طويلا وجهدا كبيرا إلى أن يتحقق ويحدث تغيير ولكن في كل الأحوال تبقي هذه العملة ضرورة اقتصادية لابد منها مستقبلا.

دول البريكس

من المعلوم أن استمرار قوة الدولار تخدم مصالح الصين كقوة اقتصادية فهل من مصلحة الصين العمل علي إضعاف الدولار الذي يضر تراجعه بصادراتها؟

•• الصين أيضا لها وضع مختلف عن دول العالم من قوتها ومكانتها وقدراتها وهي الدولة الأقوى في العالم حاليا التي تستطيع الوقوف ضد أمريكا والصراع المباشر معها حيث تحاول حاليا تكريس الاستقلالية عن أمريكا وتوفير البديل في مختلف المجالات وقد حققت نجاحات عديدة.

تراجع سعر الدولار يضر بمصالح الصين العليا وهذه سبل تجاوز بكين للمأزق

وفيما يخص الدولار فمازالت الصين في مأزق حرج وخطير يتطلب منها التضحية رغم أنها تمتلك المميزات والمقومات التالية.

أولًا: أن أمريكا مدينه للصين وحاليا الصين تطالب أمريكا بالحصول على مستحقاتها منها بمليارات الدولارات.

ثانيًا: الصين لديها أكبر مخزون من الاحتياطي النقدي فى العالم وهو بالدولار أيضًا.

ثالثًا: لصالح الصين آن تكون سعر قيمة عملتها أقل من سعر صرف الدولار لاستمرار صادراتها.

وبالتالي الصين تفكر بإيجاد حل بديل عن الدولار وبنفس الوقت لا تخسر ثرواتها لو تضرر الدولار لأي سبب وهذه مسالة حساسة يتم دراستها ولكن بسرية وأنا بصفتي أحد المستشارين الاقتصاديين لدينا حلول ومقترحات في هذا الجانب يمكن تداولها في جلسات مغلقة مع الجهات الرسمية لاحقاً إذا كان لديها الرغبة في ذلك.

الـ«بريكس.. وبنك التنمية

أعلن تجمع الـ«بريكس» اعتزامه إنشاء بنك التنمية تابع له يتولي تقديم قروض للدول التي تعاني أزمات فهل يمكن أن يقدم هذا البنك خدمات نقترب من صندوق النقد والبنك الدوليين؟

فكرة تأسيس بنك دولي تابع لدول الـ«بريكس» يخدم التنمية بحد ذاتها تعتبر فكرة رائعة وأحدى الوسائل للاستقلالية عن صندوق النقد و البنك الدوليين

ولكن التحدي الأكبر هل سيكون لديهم القوة والقدرة على فرض سيطرتهم باستقلالية بحيث يخدم مصالحهم ومصالح الدول التي تتعامل معهم بديل عن صندوق النقد والبنك الدوليين.

3 مقترحات تدفع بنك التنمية التابع الـ«بريكس» لمنافسة صندوق النقد والبنك الدوليين

ولذلك انا اقترح بهذه الحالة أبرز العوامل التى لو تم تنفيذها سيكون بنكا منافسا ما يلي:

أولًا: علي التجمع تقديم تسهيلات مالية لكافة انواع مشاريع التنمية بدون فوائد «الفائدة صفر»

ثانيًا: أن يقدموا منح ومساعدات مالية لبعض الدول المستحقة لتقوية مصالح دول «بريكس» معها

ثالثًا: أن يتم التعامل داخل هذا البنك بالعملات المحلية التابعة لهم فيما بينهم

ولدي طبعا تفاصيل لها لكيفية تنفيذها بالإضافة إلى حلول أخرى إذا كان لدى دول الـ«بريكس» رغبه في أن أقدمها لهم باتفاق خاص.

أما أن يتم تأسيس بنك ويعمل تحت نفس النظام المالي العالمي الحالي وتحت الهيمنة الأمريكية الغربة فانه لن يحدث أي تغيير وسيكون مثله كباقي البنوك.

بنك بريكس

ولكن في المقابل هل ستسمح الكيانات الكبرى مثل أمريكا والاتحاد الأوروبي بتنامي دور الـ«بريكس» وما الأوراق التي تملكها هذه الكيانات لتحجيم دور الـ«بريكس»؟

لن تسمح الكيانات الكبرى مثل أمريكا والاتحاد الأوروبي بإعطاء أي فرصة للنمو والصراع والحرب الاقتصادية قائمة حاليا ولكن بطرق مختلفة.

دول «بريكس» تتمتع بمواقع جغرافية متميزة وممرات دولية تضمن تكامل اقتصادياتها

والأزمات المالية العالمية اليوم أحد أسبابها هو وجود هذا الصراع في ظل النظام الرأسمالي الذي أيضا هو يعاني من أزمة مالية وبالطبع القوى الخفية هي تملك العديد من الأوراق للضغط والتحجيم أمامها.

وبالتالي كلا الطرفين يبحثون عن حل للازمة ومخرج اقتصادي ومع ذلك لم يجدوا الحل حتى الآن ولن يجدوه إلا في تقديم تنازلات من الطرفين ومن ضمن هذه التنازلات ما يلي:

أولًا: توزيع المصالح المشتركة بين الأطراف وفق توازنات جديدة يوجد معادلة قطبين بدل القطب الواحد ويكون التقسيم بالعالم نظام تقوده أمريكا والدول الغربية ونظام تقوده دول «بريكس» وحلفاؤها

ثانيًا: إعطاء فرصة لنظام الاقتصاد الإسلامي أن يسمح له بالتطبيق

ثالثًا: أن تتولى دول الـ«بريكس» التحالف مع الدول الإسلامية وتشمل الدول العربية بكل أشكال التنسيق من خلال البنك الإسلامي للتنمية ومنظمة التعاون الإسلامي

البريكس والدول العربية

* من جانب آخر أعربت عديد من الدول العربية مثل مصر والسعودية والجزائر عن سعيها للانضمام لـ«بريكس» فهل ستستفيد الاقتصادات العربية من انخراط هذه الدول في عضوية هذا التجمع؟

** طبعاً انخراط الدول العربية والإسلامية الكبرى يعد من ضمن الحلول الاقتصادية للعالم وكذلك فإن وجود دول الـ«بريكس» أصبح ضرورة ولكن أيضا لن يحقق النجاح المطلوب إلا بعمل انضمام لبعض الدول الإسلامية والتي منها الدول العربية.

عملة الـ«بريكس» الموحدة تحتاج وقتا طويلا ولكنها ضرورة لكسر تسلط الدولار

وبالطبع نحن نتحدث هنا عن ما يزيد عن خمسين دوله حول العالم وأبرزها من الدول الإسلامية تركيا واندونيسيا وماليزيا و ومن أبرز الدول العربية السعودية ومصر والجزائر.

وهذا الانخراط أياً كان نوعه سواء انضمام مباشر أو تحالف فردي مع كل دولة أو تحالف جماعي عبر منظمة التعاون الإسلامي سوف يكون له قوة اقتصادية ويشكل ضغط عالمي وإحداث توازن حقيقي.