د. صالح الرقب، أستاذ العقيدة، بالجامعة الإسلامية، فلسطين

ضعف الرّؤية الإيمانية لمفهوم الصراع بين الحقّ والباطل، إنَّ هذا الضعف يظهر

1-حينما يستعلي الباطل وتكون له الغلبة الظاهرية،

2-أو بسبب غياب الرؤية المستقبلية،

3- أو لضعف الإيمان بالوعد الإلهي بالنصر والغلبة لأصحاب الحق، وبأنّ الحرب سجال: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ) الأنفال:59، (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) آل عمران:140

وليعلم أبناءً الإسلام إنّ غلبة الباطل فـي جولة معينة لا يعني أنّ هذه الغلبةَ مطلقةٌ ودائمةٌ، أو بأنَّ الحقَّ لن يستطيع مقاومتَه،

وعليه بالتالي أن يخضعَ ويستسلمَ، كلاّ بل على أصحاب الحقِّ أن يستعيدوا ثقتَهم أولاً فـي ربهم عزوجل، ثم فـي أنفسهم، ثم يستعدوا للجولة القادمة، وهذا ما يُلمّح إليه قوله تعالى بعد ذلك:

(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فـي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ)

الأنفال:60.

ويترتب على ذلك:

عدم الهروب من القروح ومن الطرق الشائكة وآلامها، والنجاة من الابتلاءات من أجل تحقيق النصر،

(إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)

آل عمران:14،

(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)

البقرة:214،

وهذا الأمر يدعو أو يدفع البعض إلى البحث عن الوسائل السهلة والناعمة، حتى وإن أدّى بها إلى الوقوع فـي أحضان قوى الطاغوت ومسايرتها وفق الشروط التي تفرضها وتقترحها.

وهؤلاء يريدون منهم عدم الثبات على الحق، بل يريدون منهم الميل والسقوط

 (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً)

 النساء:27.