دول الخليج صارت الأمر الناهي في شئون السودان وتحولت لوكيل للكيان الصهيوني لتفتيت البلاد

*افتقاد حميدتي للحاضنة الشعبية وامكاناته الشخصية المتواضعة تحاصر مشروعه العائلي  

*الأحزاب السياسية العميلة  تقف وراء دعم مغامرة حميدتي عبر تشكيل غطاء سياسي

*حكومة حمدوك كانت مليئة بالعملاء ووضعت السودان علي طبق من ذهب أمام الاستخبارات العالمية

*واشنطن لا تحبذ انتصار الجيش ولا هيمنة حميدتي وهذه هي الأسباب

*القصف الجوي أفشل مخططات حميدتي بدعم فاجنرللسيطر علي القصر الرئاسي ومؤسسات السيادة

*دعم الحركة الإسلامية للجيش تقليدي ودورها سيكون واضحا في افشال مخطط حميدتي

*المواجهات الجالية  وجهت ضربة قوية للتطبيع المرفوض شعبياوفي اوساط الجيش

الأمة -السودان -خاص

كشف الدكتور عبد الحي  يوسف أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم و الداعية الإسلامي المعروف  عن وجود مخطط خبيث تدعمه قوي إقليمية ودولية بمباركة الأحزاب السودانية العميلة لتفكيك الجيش السوداني وإحلال الدعم السريع محله من خلال تمكين هذه الميليشيات من احتلال القصر الجمهوري والقيادة العامة وهو المخطط الذي أفسده القصف الجوي للجيش السوداني

ومضي للقول في حوار له مع جريدة الأمة الإليكترونية: الأحزاب السياسية العميلة تتحمل مسئولية كبيرة عما يحدث حاليا في السودان فقد شكلوا غطاء سياسيا لمغامرة حميدتي ودعموا مساعيه للهيمنة علي المشهد رغم علاقاته الخارجية المشبوهة وإمكانياتها المحدودة.

اتهم يوسف قوي إقليمية بالتحول لوكيل للكيان الصهيوني في السودان وعلي رأسها بعض دول الخليج التي تحولت إلي الآمر الناهي في السودان وسط تراجع لافت للدور المصري فالقاهرة ورغم ما تعرض له جنودها ومقتل أحد دبلوماسييها حيث  لم تستطع أن تحرك ساكنا أو حتى أن تصدر بيان تؤيد فيه الجيش السوداني ضد الميليشيا المتمردة .

 وأكد أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم أن دعم القوي الإسلامية للجيش السوداني ينسجم مع مواقف الحركة التقليدية الدعم للجيش تاريخيا ومنذ استقلال السودان مشددا علي استحالة وجود حالة وسط للصراع إلا الهزيمة التامة لقوات حميدتي ومشروعه العائلي فإما السودان وإما حميدتي حيث لا يمكن استمرار الاثنين معا

التفاصيل الكاملة للحوار مع الدكتور عبد الحي يوسف نعرضها بالتفصيل في السطور التالية

♦ كيف تقيم الأوضاع في السودان حالياً؟ وهل الطموح الشخصي لكل من البرهان ودقلو فقط من وقف وراء اندلاع المواجهات أم أن أطرافاً خارجية لعبت دوراً في إشغال الصراع؟

•• السودان يعيش حالة من السيلان الأمني والاختراق الاستخباراتي من دول شتى، وذلك منذ حدوث التغيير في أبريل 2019، وقد صارت دول عربية خليجية هي الآمرة الناهية في الشأن السوداني، وكذلك الدول الأوروبية .

مصر صارت مغلولة اليد في الملف السوداني ولا نعول علي دور قوي لها

وفي مقابل ذلك تراجع الدور المصري تراجعاً كبيراً، وكان من نتائج ذلك أن جاء كثير من عملاء الاستخبارات الذين كانوا يكيدون للدولة السودانية أيام البشير وقبل البشير،

جاءوا ليصبحوا وزراء ومسئولين في حكومة حمدوك الأولى والثانية؛

فصارت البلاد مستباحة للأجهزة كلها، وصارت أسرارها معروضة لمن يدفع..

أما الصراع بين الجنرالين فقد كان صراعاً مؤجلاً، من جهة شذوذ الوضع الذي صار يتفاقم كل يوم،

ولك أن تتصور بلداً نائب الرئيس فيها له علاقات خارجية وعسكرية واقتصادية بدول أخرى، وذلك بمنأى عن المنظومة الحاكمة،

فصار في البلد رأسان كل منهما يعمل بمعزل عن الآخر

*يبدو دور القوي السياسية والحزبية غائبا عن الصراع الأخير؟

•• ثمة أحزاب صفرية عميلة ليس لها وجود في الشارع ولا امتداد في الواقع، تريد أن تحكم الناس من غير استحقاق انتخابي ولا رضا من الناس،

وجدت ضالتها في التحالف مع قائد الدعم السريع؛ ليمثل لها الذراع العسكري وتكون هي ظهيره السياسي،

وقد منَّوه بأن يصير هو الرئيس الفعلي للسودان؛ فتماهى مع غروره وظن ذلك الطموح قريب المنال، فكان ما كان

♦ هناك تقارير دولية تحذر من إمكانية وقوف هذا الصراع وراء تقسيم سياسي للسودان يعقبه تقسيم جغرافي يقود لتكرار سيناريو الجنوب؛ هل تدعم هذا الطرح

•• لا شك أن الدولة الصهيونية تقوم سياستها في المنطقة على مبدأ شد الأطراف ثم نزعها،

وقد أفلحت سياستها تلك في انفصال جنوب السودان بعد حرب دامت خمسين سنة،

مخطط صهيوني بدعم إقليمي لإحلال الدعم السريع محل الجيش السوداني

ويكفي أن أذكر لك أن أول دولة زارها رئيس جنوب السودان -سلفاكير- هي إسرائيل،

وفي حفل العشاء الذي أقامه بيريز -رئيس الكيان الصهيوني حينها- فاخر بعلاقاتهم الممتدة مع الحركات المتمردة في الجنوب منذ خمس وخمسين سنة ونصف!!

أي منذ اندلاع أول تمرد في الجنوب عام 1955!! وذلك قبل خروج الاحتلال الإنجليزي من السودان.

♦ غير أن الكيان الصهيوني ليس وحده في إدارة هذا الصراع بل أن هناك قوي إقليمية تدعم هذا المخطط التفتيتي للسودان؟

•• هناك دول إقليمية تقوم -بالوكالة عن الصهاينة- في زعزعة استقرار الدول العربية وليّ ذراع حكامها، ونشر الاضطرابات فيها؛

وإخماد أي إرادة للشعوب في نيل كرامتها واستقلالها وحرية قرارها، ويبدأ ذلك بتفكيك جيوشها -كما حصل في العراق-

أو تشجيع الأقليات ودعمها بالسلاح -كما حصل في اليمن- والآن تتكرر التجربة في السودان.

حيث عملت على إحلال الدعم السريع محل الجيش الوطني،

وروجت الأحزاب العميلة أن الدعم السريع يصلح نواة لجيش سوداني جديد،

بدلاً من الجيش الموجود الآن بزعم أن الجيش السوداني يقوم على أيديولوجية إسلامية!! وبعد ذلك ينفذ باقي المشروع في تقسيم البلاد وتشرذم أهلها.

البرهان وحميدتي

♦ باستثناء الدعم الإماراتي الواضح لحميدتي بدا الموقف العربي خافتاً ومتردداً وكان الدول العربية تنتظر من سينتصر لتدعمه وتقييم لدور مصر في هذا الصراع؟

•• مصر -كما أسلفت- صارت مسلوبة الإرادة مغلولة اليد في الشأن السوداني، ويكفيك أن تعلم أن رئيس الإمارات زار مصر قبل اندلاع القتال بيومين اثنين، وكأنه قد أوصى بألا يكون ثمة تدخل، وقد حصلت إهانة لمصر بأسر بعض الجنود ممن كانوا في مناورات روتينية مع الجيش السوداني في مروي،

ثم حصل اغتيال لأحد أفراد الطاقم الدبلوماسي المصري في الخرطوم، ومع هذا لم تحرك مصر ساكنا. والآن مرَّ على بداية الحرب بضعة عشر يوماً ولم تستطع مصر إصدار بيان تعلن فيه أنها مع الجيش الوطني في حربه على تلك المليشيات المتمردة!!

وإذا كان هذا هو موقف مصر -الجار القريب- فما بالك بغيرها من الدول العربية؟ أيضاً لا بد أن أذكر أن الرباعية -والتي من أعضائها السعودية والإمارات- كانت تعمل بقوة لفرض الاتفاق الإطاري الذي وقع عليه حميدتي مع تلك الأحزاب العميلة لتمكينها من حكم السودان لفترة انتقالية غير محدودة، ولذلك لا نستغرب صمت هذه الدول وغضها الطرف عما يحصل من جرائم وما يعانيه الناس من جراء تلك الحرب الضروس.

حميدتي وروسيا وفاجنر

♦لاحظنا منذ بداية الصراع انحيازاً روسياً لحميدتي فيما يتعلق بفاجنر في حين اكتفت واشنطن بدعوات خجولة لوقف العنف وحماية الأجانب.. من يدير المعارك في السودان؟

•• لروسيا علاقات عميقة مع حميدتي، ولعل الناس يذكرون أنه أول ما اندلعت الحرب الأوكرانية قام حميدتي بزيارة إلى روسيا وأعلن من هناك حق روسيا في شن تلك الحرب!!

مما أغضب واشنطن وحليفاتها، ثم هناك علاقة تتعلق بتهريب الذهب، والاستعانة بقوات فاغنر لتدريب قوات حميدتي.

وكان تقدير هؤلاء -ومعهم الإمارات- أن يقوم حميدتي بالاستيلاء على المرافق السيادية -كالقصر الجمهوري ومطار مروي ومطار الخرطوم والقيادة العامة- ثم تتولى الإمارات تأمين الإمدادات العسكرية له عن طريق حفتر في ليبيا.

معارك السودان

♦ هل نجحت هذه الخطة في تحقيق أهدافها ؟

•• هذه الخطة أفشلها تصدي الجيش السوداني له، وإقلاع الطائرات المقاومة من مطارات بديلة، وتدمير القاعدة التي كان التعويل عليها في الإمداد على الحدود السودانية الليبية، وكذلك عدم وجود الحاضنة الشعبية التي تدعم هذا التمرد، بل إن الشعب السوداني يكاد أن يكون كله مع الجيش في تصديه لتلك الميليشيا المتمردة، ولا أستنثني من ذلك سوى تلك الأحزاب اليسارية العميلة التي لها ثأر مع الجيش من زمان بعيد

♦في هذه الأجواء هل ستقبل واشنطن بانتصار حميدتي وتحول السودان لمعقل للنفوذ الروسي؟

•• واشنطن لا تريد لحميدتي أن ينتصر، وفي الوقت نفسه لا تريد للجيش أن ينتصر من جهة وجود عناصر إسلامية فيه، ومن هنا يأتي الموقف الضبابي الذي تقفه الإدارة الأمريكية من الصراع الذي يدور، لكن علَّمتنا التجارب أن العالم – في نهاية الأمر – يضطر للتعامل مع المنتصر أياً كان.

الحركة الإسلامية والدور المركزي

♦ تبدو الحركة الاسلامية لاعباً مهماً في المشهد السوداني رغم كل ما أصابها فهل يمكن لها ان تلعب دوراً مهماً في دعم الجيش مقابل المشروع العائلي لحميدتي كما وصفه احمد هارون؟

•• الحركة الإسلامية جذورها ممتدة في الواقع السوداني، وتجربتها السياسية في البرلمان وأروقة الحكم ترجع إلى ستين سنة أو تزيد؛ ولا يمكن إلغاؤها بقرار أو حملة تشن من هنا أو هناك، والحركة الإسلامية مبدؤها في ذلك واضح أنه لا بد لكل وطني أن يقف مع الجيش الذي يمثل المؤسسة الوطنية التي تجمع شتات السودانيين، وليس هذا الموقف بجديد عليها؛

بل في الثمانينات من القرن الماضي لما كان التمرد الجنوبي – بقيادة قرنق – يكاد يطرق أبواب الخرطوم، وكانت تلك الأحزاب اليسارية العميلة تمده بالمعلومات والتغطية الإعلامية، كان للحركة الإسلامية قدم صدق في الوقوف مع الجيش ودعمه، وكذلك بعد مجيء حكومة البشير، ولذلك لا يستغرب أن يكون موقفها كذلك مع الجيش في مواجهة ميليشيات حميدتي وأخيه.

السيناريو المتوقع لنهاية التمر

♦ برأيك ما هو السيناريو المتوقع لهذه الحرب وهل ستنتهي بدون انتصار واضح لأي من الطرفين؟

•• بالنظر إلى معطيات الواقع ليس لحميدتي مستقبل في حكم السودان، وذلك بالنظر إلى إمكاناته الشخصية، ثم لكونه يكتسب أعداء جدداً في كل يوم، وليس له حاضنة شعبية تؤيده، بالإضافة إلى عدم إحاطته بالتعقيدات الإقليمية والدولية، مع سجل حافل بالاعتداء على حقوق الإنسان، وكذلك لا طاقة له بمواجهة الجيش بعد هذه الحرب التي جرب فيها قوته وأهلك فيها جنده.

وأما الجيش فهو المؤسسة الوطنية المؤهلة لحكم البلاد لفترة انتقالية محددة تهيء فيها الأوضاع لانتخابات حرة نزيهة – كالتي كانت على أيام المشير سوار الذهب رحمه الله – وبعدها يتفرغ الجيش لمهمته الأساسية في حماية الثغور والدفاع عن أمن البلاد.

قوات الدعم السريع

♦هل يمكن للقوي السياسية استغلال انشقاق العسكر لبناء مشروع وطني ينقذ السودان؟

•• الأحزاب السياسية في المشهد السوداني حاليا  نخر فيها السوس، وأكثرها لا يسلم من عمالة للأجنبي، وهي أضعف من أن تتبنى أو تبني مشروعاً وطنياً تستنقذ به البلاد؛

إذ أغلبها عاجز عن إقامة مؤتمر عام، وأكثرها لا يستطيع مواجهة الناس في الشارع لشدة سخط الناس عليهم.

وهي -في الأعم الأغلب- مؤسسات عائلية ليس إلا.

السودان وحل الوسط

♦هل هناك إمكانية لتسوية وسط أن تحفظ استقرار السودان؟ ومنع عودة خيار التقسيم ومن يملك القدرة على فرض هذه التسوية؟

•• ليس ثمة احتمال لهذه الفرضية، وقد أعلن حميدتي أن هدفه هو قتل البرهان، وقد شرع في ذلك منذ اللحظة الأولى حتى قَتَلَ من حرسه الرئاسي نحواً من ثلاثين، ثم بعد ذلك أعلن أنه يريد سجن البرهان، وكذلك قيادات الجيش لن تقبل بوجود حميدتي بينهم مرة أخرى، ولذلك هذه حرب لكسر العظام، ولا بد فيها من منتصر ومهزوم.

♦برأيك ما هو تأثير الاقتتال الدائر في السودان على مسيرة التطبيع بين السودان والعدو الصهيوني؟

•• التطبيع المحدود الذي كان مع الصهاينة لم ينل رضا شعبياً، وفي الوقت نفسه ليس هو محل رضا من أغلب قيادات الجيش التي رُبِّيت على تبني قضية فلسطين، بالإضافة إلى الرفض الشعبي العارم، وخلاصة ما كان أن الجنرالين كانا يتسابقان لنيل رضا الصهاينة،

ومن أجل ذلك جاءت تلك الخطوة العجلى بلقاء البرهان – نتنياهو في عنتيبي، بعدها عمل حميدتي على توثيق علاقته بالموساد، وهكذا تسابق الرجلان في ذلك السباق الوبيل.