د. عبد الحليم قابة

 

(محاولة للإجابة على تساؤلات مُلِحّة عما يجب علينا تجاه ما يحصل في بلاد المسلمين عامةً، وعن ظروف بلدنا خاصةً).

 

المطلوب منا جميعا ما يلي:

 

أولا: الشعور بواجب نصرة الأمة والإسهام في الحفاظ على وحدتها وعودة عزتها، وفي رفع الظلم عنها، وعودة الاحتكام إلى دينها في البلاد كلها وفي المجالات كلها. وأن ذلك منوطٌ برقاب الجميع، كلٌّ حسب ما يستطيع، وليس واجب الأئمة والدعاة فقط، ولا رخصة لنا -جميعا- في ترك السعي لذلك، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

 

ثانيا: البدء بالدعاء الواجف والاستمرار على ذلك، والإلحاح على الله أن يحقق لنا المقاصد، وأن يرفع عنا الضَّيم، وأن يلهمنا رشدنا فيما ينبغي أن يُفعل أو يُترك في عالم الأسباب، مع العلم أن الدعاء من أهم الأسباب، وأنه من أهم القربات ولو لم يحصل لنا ما نريد، لأن الله يجيب كما يريد، ومتى يُريد  لا كما نريد، ومتى نُريد.

 

ثالثا: استخارة المولى في ما يُقدَّم وما يؤخر، وما ينبغي أن يُفعل وما لا ينبغي أن يُفعل؛ وما ينبغي أن يُتّخذ من قرارات ومواقف؛ لأن الاستخارة أدب عظيم مع الله، وتفويض لازم لله في ما جلّ او حقُر، وهي ضمانة شرعية لعدم الخيبة وعدم الندم، إن شاء الله.

 

رابعا: استشارة الخبراء وذوي التجارب الراشدة ممن لهم صلة بموضوعات خدمة الحق المبين، ونصرة المستضعفين، والأوضاع التي نمر بها في جزائرنا الحبيبة، وخبايا الزوايا، ومعرفة ما تُبنى على معرفته المواقف الراشدة، وغير ذلك مما يجعل استشارتهم حتما لازما، وضمانة لعدم الندم بعد ظهور عواقب ما اتُّخذ من مواقف وقرارات.

 

خامسا: السؤال عن السبل الممكنة أو المسموح بها لإيصال المعونات المادية – مثلا – لإخواننا في أي مكان نزل فيه بلاء بالمسلمين، أو حلّ فيه ظلم على المستضعفين، ثم استغلالها واستثمارها في هذا النوع من التضحيات، وهو التضحية بالمال، والدعوة إلى ذلك، وفتح الطريق أمام الآخرين، وتشجيع الأمة على الإنفاق وزكاة الأموال في هذا السبيل، الموصل إلى مرضاة المولى من أقصر سبيل.

 

سادسا: الاجتهاد في بيان الحق في قضايانا خاصة، وفي نصرة قضايا الأمة بشكل عام، في وسائل التواصل، وعبر وسائل الإعلام المتاحة، وعلى مقاعد الدراسة، وفي الشوارع والمنتزهات، وفي المجالس والإدارات، وفي كل مكان؛ ليصبح الاهتمام بأمر المسلمين هو النفس الذي نتنفسه، والهواء الذي نستنشقه، لعل ذلك يوقظ النائمين، وينبه الغافلين، ويشجع القادرين، ويقيم الحجة على المتخاذلين.

 

سابعا: دعوة العلماء والأئمة والمثقفين والخبراء والمسؤولين والأغنياء والأعيان وأصحاب التأثير في الأمة، بما هو متاح، إلى الاستجابة لنداء ربهم، واستغاثات أمّتهم، ولأداء واجبهم، ولتبرئة ذِممهم، وسدّ الثغرات التي لا يقدر على سدّها إلا أمثالُهم، وذلك بالنصح المباشر، أو بالكتابة والنشر، أو بالمراسلات الخفية، أو بالاستشفاع بمن تُقبل شفاعته عندهم، ونحو ذلك مما أتاحته وسائل العصر، ويسّرته تطورات العلم.

 

ثامنا: دعوة الأخيار من هذه الأمة أن يتشاوروا ويتعاونوا ويتفقوا على الكليات على الأقل، ويضعوا لأمتهم رُؤى تنهض بها، وتحميها من مآسي الشقاق والنفاق، وتخفف من غلواء أعدائها وهيمنتهم وطغيانهم واستعمارهم لنا، وإبادتهم لشعوبنا.

 

تاسعا: الإسهام بما يستطيع كل واحد منا، ولو كان قليلا؛

 

فالمسئول بقراراته، وصاحب الجاه بجاهه، والغنيّ بماله، والصحيح بعافيته، والشاب بتضحياته، والمتكلم بكلمة طيبة منه، والكاتب بمقاله أو كتابه، والإعلامي بوسائله، والمفكر بفكره، والفنان بفنّه، والكل باهتمامه ودعائه، وباقتراحاته ونصائحه.

 

المهم: أنّهُ لا يُعفي  أحد من الإسهام ولو بشيء يسير، يعتذر به بين يدي ربه عن الذلّ الذي ضُرب علينا، وعن التقصير الي أوصلنا إلى هذا الحال، وعن الإعراض عن دينه وشرعه حتى صرنا كالكرام  في مأدبة اللئام، ولكي لا يرمينا التاريخ خارج دائرة الإسلام (لأن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) والعياذ بالله من ذلك.  والله الموفق وهو يهدي السبيل.

د. عبد الحليم قابة

من د. عبد الحليم قابة

كاتب وباحث جزائري. أستاذ بجامعة الجزائر سابقا وبجامعة أم القرى حاليا