من أحب الأعمال فى شهر رمضان: قراءة القرآن الكريم. وكما قال : اقْرَؤُوا القرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ.

الإمام مسلم.

وقال أيضا:

يقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرَأ وارقَ ورتِّل كما كنتَ ترتِّلُ في الدّنيا فإنَّ منزلتَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها. الإمام الترمذي.

إن الله تعالى إذا كان قد سمّى الماء رحم

(وَهوَ الَّذِي يرْسِلُ الرِّيَاحَ بشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كلِّ الثَّمَرَاتِ)،

فكذلك سمّى القرآن الكريم رحمة:

(وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يؤْمِنُونَ).

وإذا كان الله تعالى قد سمى الماء مبارك،

(وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ)،

فكذلك سمّى القرآن الكريم مبارك

(وَهَٰذَا ذِكْرٌ مّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ ۚ أَفَأَنتُمْ لَهُ منكِرُونَ).

وإذا كان الله تعالى قد سمّى الماء شفاء للنفوس والقلوب

(وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)،

فكذلك سمّى القرآن الكريم شفاء

(وَننَزِّلُ مِنَ الْقرْآنِ مَا هوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا).

وكما أن الله تعالى هو الذي تولى إنزال الماء من السماء ،ولا يقدر عليه أحد سواه، فكذلك هو الذي تولى إنزال القرآن الكريم، ولا يقدر عليه أحد سواه

(قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا).

وكما أن المطر ينزل من السماء قطرة قطرةً، ثم يسير في الأرض نهرا نهرًا وبحرا بحرا، فكذلك القرآن الكريم نزل من السماء آية آيةً.

يقول الإمام القرطبي رحمه الله: (فِي بَحْرٍ لجِّيٍّ) فهو الذي لا يُدرك قعره واللّجة: معظم الماء، والجمع لجج، واللج: هو البحر إذا تلاطمت أمواجه.

وكما أن المطر لو نزل من السماء دفعة واحدة، لقلع الأشجار، وخرّب الديار،فكذلك القرآن الكريم لو نزل دفعة واحدة، وجملة واحدة، لضلّت فيه الأفهام، وتاهت فيه الأوهام

(لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).

وكما أن المطر واحد، يقع على الأرض فيخرج منه الورد والريحان، وعلى أرض أخرى: يخرج الشوك،

فكذلك القرآن الكريم يقع على قلب المؤمن، فيخرج منه وَرْد العبودية، ورِيحان الطاعة،

كذلك يقع على قلب الكافر، فيخرج منه سم الكفر، وشوك المعصية.

وأخيرا:

كما أن الماء النازل من السماء يطفئ النار، فكذلك القرآن الكريم يطفئ عن المؤمن نار جهنم.

 اللهــم استخدمنا ولا تستبدلنا، وعلى طاعـتك أعـنّا، ومن رضاك لا تحرمنا.

كل عام أنتم بخير وصحة وسعادة دائمة

من د. عبد الغنى الغريب

رئيس قسم العقيدة بجامعة الأزهر