صدرت عن منشورات المتوسط ـ إيطاليا، مجموعة قصصية جديدة للكاتب والمترجم المصري أحمد عبد اللطيف، بعنوان: «مملكة مارك زوكربيرج وطيوره الخرافية». مجموعةٌ تتمرَّد عبر قصصها على الشَّكل والواقع والمتنِ، وتنتصرُ للحبّ في أشدِّ حالاته هشاشة، وتتبنى الطرد والغربة كثيمة رئيسية.

عبر ثلاثةِ أجزاء تتوزَّع قصصُ المجموعة الخمس الطويلة، التي جاءت عناوينها طويلةً أيضاً على اتساقٍ مع العنوان الرئيسي للكتاب، ليضعنا أحمد عبد اللطيف بدونَ مقدمات في جوِّ قصصه الغرائبية، بدءاً من «حين صار مارك زوكربيرج إلهاً صغيراً» وصولاً إلى آخر قصة «الخلود في زِنْزَانَةِ العٍصيَان: المنحة الإلهية» ذلك أنَّ قارئ قصصَ عبد اللطيف، عليه أن يتخلّى عن كل ارتباطٍ بالواقع، إنَّما يحملُ هذا الواقع ليرصد تحوُّلاتهِ في «واقع افتراضي ليس هو الواقع لكنه ليس هو الوَهْم» أو كما يقول صاحب اللسان المبتور في القصة الأولى من الكتاب.

إلى عالمٍ غرائبيّ يمضي بنا أحمد عبد اللطيف، زادُه خيال أدبيّ يستمدُّ قوَّته من أحداث وتواريخ تثيرُ الذاكرة والمشاعر المتداخلة، حيثُ يصعبُ مع كلّ جملةٍ أو عبارة أن نحدِّد المكان الذي نتواجد فيه، على الرغم من الأسماء والمعالم الحقيقية الماثلة أمامنا، ترافقنا شخصيات أدبية وسينمائية مشهورة وحتّى هامشية نعرفُها بحكمِ المشاهدة اليومية، وبحكم احتلالها شاشاتنا المتعدِّدة من التلفزيون إلى الموبايل.

سنقع ومنذ أوَّل قصة على أبطالٍ تائهين، أو يصنعونَ المتاهةَ التي تلتهم كلَّ شيء، من الواقع الافتراضي الذي يوهمنا أنه ليس الواقع، إلى الواقعي المحض وقد تداعى وأصبح حطامه شذراتٍ تسبح في فضاء الكتابة، كمن يُطلق طيوراً خرافية ظلت سجينة أقفاصها. هنا لم يتردَّد الكاتبُ وهو صاحبُ الخيال الروائي، وراوي القصص والحكايات، في أن يجعل من قصصه ملاحمَ أسطورية يمتزج فيها السيريالي بواقعٍ علينا اختيار شكله وصيغته النهائية، ونحن نقرأ كلمات من مثل: نوتيفيكشن، لايك، أكاونت، كومنت، ونزحف زحفاً مقدَّساً إلى جنة الفيسبوك وجحيم التندر، ونقرأ بمتعةٍ لا متناهية قصص أحمد عبد اللطيف، كجملٍ واحدةٍ طويلةٍ، لا تحتاجُ، في الكثير من الأحيان، إلى فاصلةٍ واحدة، أو حتى نقطة نهاية.

جاءت المجموعة في 112صفحة من القطع المتوسط.