هناك روايات في الصحيحين تخبر أن هلال الأمة على أيدي الهاشميين وتدعو إلى اعتزالهم،

وروايات خارج الصحيحين تخبر أنهم عصمة للأمة وتدعو إلى الاعتصام بهم.!!

أما الروايات التي تخبر بأن هلاك الأمة على أيدي الهاشميين

منها ماروي في البخاري برقم 3605

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ محَمَّدٍ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأمَوِيُّ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:

كنْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَأَبِي هرَيْرَةَ، فَسَمِعْتُ أَبَا هرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقُ يَقُولُ: «هَلَاكُ أُمَّتِي عَلَى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قرَيْشٍ».

فَقَالَ مَرْوَانُ: غِلْمَةٌ؟ قَالَ أَبُو هرَيْرَةَ: إِنْ شِئْتَ أَنْ أُسَمِّيَهُمْ بَنِي فلَانٍ وَبَنِي فلَانٍ.

وفي صحيح مسلم برقم 2917 (74)

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أسَامَةَ، حَدَّثَنَا شعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زرْعَةَ، عَنْ أَبِي هرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «يهْلِكُ أمَّتِي هَذَا الْحَيُّ مِنْ قرَيْشٍ».

 قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: «لَوْ أَنَّ النَّاسَ اعْتَزَلُوهُمْ».

وأما الروايات التي تمدحهم وتوصي بالاعتصام بهم منها ما رواه الترمذي برقم 3786 حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ،

قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:

رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فِي حَجَّتِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَهوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ يَخْطُبُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:

«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَّهِ، وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي».

والسؤال المطروح لماذا لم تشتهر أحاديث القدح بالهاشميين على ألسنة العلماء والخطباء رغم أنها في الصحيحين،

بينما اشتهرت أحاديث المدح للهاشميين رغم أنها خارج الصحيحين؟!!

كيف تغلبت الروايات التي تجعل الهاشميين في مرتبة القرآن رغم بعدها عن الصحة سندا ومتنا، على روايات التحذير من بني هاشم رغم أن الوقائع التاريخية والوقائع الحالية تشهد أنهم فعلا كانوا سببا في هلاك الأمة منذ مقتل الحسين الذي استجاب للمؤمنين بخرافة الوصية،

والرافضين لسلطة بني أمية، فصنع السلاليون وشيعتهم من تلك الحادثة فتنة وأحدثوا في الأمة انقساما واقتتالا لا تزال آثارها ممتدة إلى اليوم.!!

أليس من قواعد الترجيح عند علماء الحديث أن الحديث الصحيح إذا عارض ما هو أصح منه فلا عبرة به،

فلماذا لم تطبق هذه القاعدة على روايات القدح والمدح للهاشميين؟!!

بل كيف قدمت روايات المدح على روايات القدح وقاعدة الترجيح بين الأدلة ضرِب بها عرض الحائط؟!

نبئونا بعلم يا علماءنا إن كنتم عالمين.!!

طبعا هناك من شراح الحديث من حاول أن يوجه الحديث ويقول: إن المقصود بهذا الحي من قريش هم بنو أمية،

لكن وقائع التاريخ تبطل هذا التوجيه، وتزهِق هذا الزعم،

فقد عاشت الأمة في عهد بني أمية عصر التمكين للإسلام، وفتوحات البلدان،

حتى وصل الإسلام إلى الصين شرقا والأندلس غربا، فكيف يقال أنهم المقصودون بالحديث؟!!

من المعلوم أن النبي حج مرة واحدة سميت بحجة الوداع،

وخطبته في عرفة التي أوصى الأمة فيها بما يحفظها من الضلال إن هي اعتصمت به،

وهو كتاب الله، فكيف اختلفت ألفاظ هذه الوصية في كتب الحديث،

فعند الإمام مسلم وأبي داود وابن ماجة: تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به (كتاب الله)، وعند ابن إسحاق بلا إسناد:(كتاب الله وسنة نبيه)،

وفي الترمذي: (كتاب الله وعترتي أهل بيتي)؟!!

بماذا نفسر هذا الاختلاف في ألفاظ الوصية رغم أن هؤلاء جميعا رووها عن جابر بن عبدالله من خطبة النبي في عرفة؟!!

وكيف سادت رواية ابن إسحاق وهي بلا إسناد، وراجت رواية الترمذي رغم أن في سندها زيد بن الحسن وهو ضعيف ومنكر الحديث،

بينما خفتت رواية مسلم وأبي داود وابن ماجة المقتصرة على الوصية بكتاب الله فقط؟!!

ختاما

إن تأثير الصراع السني الشيعي وتأثير القرار السياسي بارز في توجيه مروياتنا، ومحاولة تجاهل ذلك التأثير وقراءة المروايات بعيدا عنه أحدث فجوات فكرية، وأوجد تساؤلات منهجية

لا يجد لها الباحث في الفكر الإسلامي اليوم أجوبة منطقية شافية.!!

دمتم عليه مصلين