عمر بن محمود أبو عمر
عمر بن محمود أبو عمر

كيف برأت الكنيسة الكاثوليكية (الفاتيكان) اليهود من دم المسيح عليه السلام؟:

 

المسلمون عقيدتهم في الصلب بينة وواضحة، هو أن المسيح عليه السلام رفع ببدنه وروحه إلى السماء، وسينزل حكماً عدلاً علامة من علامات القيامة، وأنه لم يصلب بل صلب غيره، وقد حماه الله من مكر اليهود وتآمرهم.

 

النصارى يعتقدون بصلب المسيح، ونصوص الأناجيل في الصلب أن الذي حرض الرومان على قتل وصلب المسيح هم اليهود، وقد تكفلوا دمه، وحملوا إثمه كما كانوا يصرحون ويصرخون تحريضاً عليه.

 

بقيت هذا العقيدة في تحميل دم القتل للمصلوب لليهود سنين تتعاقب وتسري، وكانت من أسباب بغض الغرب النصراني لليهود، وكذا الشرقيون منهم.

 

في سنة١٩٦٤م اجتمع المجمع المسكوني (أي الدولي) في الفاتيكان وأصدر وثيقة تبرئة اليهود من دم المسيح، وهذه قضية مشهورة في ظاهرها تحتاج قراءة من باطنها، وسأحاول شرح القضية.

 

في ٨|٤|٢٠٢٠ نشرت صفحة الفاتيكان في النت والناطقة بالعربية مقالاً نقلته من جريدة أوسرفاتوريه رومانو الفاتيكانية، بقلم الحاخام اليهودي إبراهيم سكوركا، مدير معهد العلاقات الماثوليكية في جامعة القديس! يوسف في فيلادلفيا الأمريكية، وذلك بمناسبة مرور ستون عاما على زيارة اليهودي جول اسحق للفاتيكان، جاء فيه العبارات التالية:

 

-اللقاء (جول اسحق اليهودي) الذي عُقد في الثالث عشر من حزيران يونيو 1960 جاء بعد خمسة عشر عاما على نهاية الحرب العالمية الثانية. وكان عالمٌ جديد قد بدأ يبصر النورَ من بين ما خلّفه الصراع من أنقاض ودمار.

 

-المؤرخ اليهودي، البروفيسور جول إسحق، كان معروفا جدا قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية نظرا لكتبه حول التعليم الثانوي في فرنسا. وعلى الرغم من فقدانه لزوجته وابنته وصهره في مخيمات الاعتقال النازية لم يتحول إلى إنسان مرير. في العام 1947 أصدر كتابا سلط فيه الضوء على تعاليم الرب يسوع والتي تتعارض مع تعاليم مناهضة لليهودية كان ينشرها الكثير من المسيحيين. وأدرك أن معاداة السامية من قبل النازيين تملك جذورا وثنية، فصار مدافعا كبيرا عن الحوار بين اليهود والمسيحيين. وبعد أن أعلن البابا يوحنا الثالث والعشرون، بعيد انتخابه، عن نيته في الدعوة إلى عقد مجمع، طلب البروفيسور إسحق مقابلة مع البابا، ووجد فيه محاوراً متفهما.

 

-عندما كان يوحنا الثالث والعشرون، أنجيلو رونكالي، سفيراً بابويا في تركيا، أصدر الآلاف من إفادات المعمودية المزيفة وتأشيرات الدخول لصالح اليهود البلغاريين، والرومانيين والسلوفاكيين والمجريين، فأنقذهم من الموت وسمح لهم بالانتقال من أوروبا إلى فلسطين. وفي أول يوم جمعة عظيمة احتفل به كبابا، قرر إزالة عبارة “أشرار” من صلاة الشفاعة لليهود.

 

-في الثالث عشر من حزيران يونيو 1960 تم اللقاء بين يوحنا الثالث والعشرين والبروفيسور (جول) إسحق وقدم هذا الأخير للبابا ملفاً تضمن ملخصا عن بحوثه، وطلب أن تُشكل لجنة فرعية تنظر في التعاليم الكاثوليكية حول اليهود، في إطار التحضيرات للمجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني. وروى أن البابا رونكالي فكّر بهذا الأمر منذ بداية الحوار. وبعد العطلة الصيفية كلّف البابا الكاردينال أغوستينو بيا بتشكيل اللجنة الفرعية، وقد مهد هذا الأمر الطريق أمام صدور الوثيقة المجمعية “في عصرنا” في الثامن من تشرين الأول أكتوبر من العام 1965.

 

هذه المعلومات تشير إلى شخصيتين؛ شخصية البابا المتسامح مع اليهود، والمحب لهم، والرفيق بهم، حتى إنه زور معموديات مزيفة (أي تحول اليهودي إلى نصراني بالورق فقط) ولا ندري كم من هؤلاء استطاع اختراق المجتمعات النصرانية وتهويدها في أفكارها واتجاهاتها السياسية، والعجيب أن وجهتهم في ذلك الوقت كانت إلى فلسطين! فالموضوع ليس تخليصاً من اضطهاد ولكن دخول في عملية سرقة ممنهجة مع اليهود، فمن هذا البابا، والذي أزال كذلك عبارات دينية من صلوات كنسية كذلك، هذه النصوص تبين شرور اليهود.

 

هذا يدل على اختراق يهودي لقعلة الكثلكة، وهو اختراق ليس بالهين.

 

الشخصية الثانية، والعجيبة، هي جول اسحق، ولو أردت البحث عنه في الكتب والإصدارات العربية فلن تجد، وله كتب لم يعتن أحد بترجمتها للعرب والمسلمين، ليقرؤوا الدهاء اليهودي في التقرب للفاتيكان والنصارى الكاثوليك.

 

هذا الرجل يؤرخ له عند اليهود وفي صحيفة الفاتيكان كهادم لجدار التراث الكاثوليكي في بغض اليهود، وأنه استطاع بكتبه وبعلاقاته وسعيه الدؤوب أن يمهد لقرار الفاتيكان بتبرئة اليهود وعدم من أهل الدين والتقوى في عبارات الوثيقة (ربما ننشر عنها بعض الفقرات مستقبلاً).

في الفقرة القادمة سأكتب بعض ما علم وقال جول اسحق اليهودي، فهذه شخصية تحتاج لكشف وتنوير حولها.

من عمر بن محمود

من علماء فلسطين