اللغة العربية

تمتاز اللغة العربية بثراء مفرداتها وشمولها وتنوعها، حيث تعد من أكثر اللغات انتشارا واستخداما في العالم، ويبلغ عدد كلماتها 12,302,912 كلمة، وهي تتفوق على اللغات الحية الأخرى في العالم من حيث عدد المفردات، ما يشير إلى قدرتها على التعبير وتجسيد المعاني والحالات والمواقف المتنوعة.

كما أنها لغة طيعة واسعة في معانيها ودلالاتها وتعابيرها، وكذلك بترادف كلماتها، وتعتبر الفصاحة من أهم صفاتها التي تعني خلوها من العيوب، والتي نطالب اللغة الإعلامية باستخدامها اليوم باسم (فصحى العصر) البسيطة، التي تختلف عن (فصحى التراث) أو لغة الأدب القديم التقليدي المتأثرة بالأساليب البيانية البديعية، والتي يصعب على الجمهور المتلقي فهمها بشكل عام.

وبالرغم من عظمة اللغة العربية وشمولها، إلا أن لغة الأدب القديم التقليدي لم تعد صالحة للإعلام بجميع أشكاله المرئية والكتابية.

كما أن هناك مصطلحات أضيفت إلى هذه اللغة عبر تواصلها الثقافي مع الخارج وترجمة عدد كبير من هذه الكلمات، التي أثرت في زيادة مفردات اللغة الإعلامية واتساعها وبالتالي صعوبتها.

يعاني المواطن العربي اليوم، صعوبة في فهم الأحداث الموجهة إليه عبر وسائل الإعلام المتنوعة المرئية والمقروءة، لأنها أضحت متأثرة بأساليب الصحافة العالمية، التي جعلتها تتبنى لغة بلاغية في إيصال رسالتها، وهـذا بالتالي أدى إلى صعوبة الفهم والإدراك عند المتلقي، الذي يحتاج إلى لغة بسيطة واضحة تحاكي جميع فئات المجتمع التي تتنوع فيها الأنشطة الثقافية.

فالرسالة الصحفية يجب أن تتسم بالشمول لكي تناسب جميع فئات المجتمع فهناك: المثقف، والجامعي، والموظف، والنجار، وصاحب المقهى، والتاجر، وربة البيت، وسائق التاكسي، فالمثقف نفسه يحتاج إلى أنْ يكونَ أسلوبه متِّسِمَـا بـالوضوح والبساطة. ما تحتاجه اليوم اللغة الإعلامية هو إعادة النظر في نوعية المفردات المستخدمة، التي أضحت ضبابية لدى البعض وصعبة، إضافةً إلى مـا تقدمه من زخم مفرط وحشو للمعلومات المكررة، مـع تضخيم الأحداث التي تنقصها الشفافية الحقة، مِـمَّا يحدُّ من القدرة على الفهم والاستيعاب ومتابعة تلقي الحدث بشكل سليم.

اللغة ليست هي الهدف بحد ذاتها لرفع المستوى اللغوي للمواطنين بل إنها بمثابة وسيلة ووعاء لنقل المعلومة إلى المتلقي.

ومعلوم أنَّ البساطة تؤدي إلى الوضوح، ولكن الدقة فـي التعبير والتجسيد ضروريان أيضا لمنـع الوقوع في مزالق الثرثرة والضياع في متاهات المفردات التي تحمل أكثر من معنى.

ويعتبر الابتعاد عن الجمود أيضـاً من ضروريات اللغة الإعلامية، عن طريق استخدام أساليب تثير الفضول وبثِّ الحياة فيما يُكتب باستخدام كتابة إبداعية حيوية جميلة لوضع الحدث في مكانه الصحيح.

بالإضافة إلى ذلك، ضرورة استخدام أسلوب الإيجاز والسرعة، مثل استخدام بعض المصطلحات المجازية مثل: يناصر الشارع، وتوتر العلاقات، فمزيد من استخدام هذه الأدوات اللغوية تعني المزيد من الوضوح والمتابعة الناجحة.

ولا يفوتنا التنويه إلى ضروريات سلامة اللغة من حيث، سلامة الكتابة الإعلامية الصحيحة، ومعرفة تطبيق النحو والصرف، وحسن اختيار المفردات المناسبة. وهذا يعني أن اللغة الإعلامية ليست لغة أدبية تحتاج البلاغة، بل تحتاج المواءمة بين أداتها اللغوية، ومستوى مستخدمي هذه اللغة إذا أرادت وسائل الإعلام أن تنجح في مهمتها وتحقق هدفها وهو النجاح بجذب الجمهور على متابعتها.

إنها اللغة الإعلامية العملية التي يحتاجها المحرر في استخدامها والتعامل معها، والتي تعني اللغة العملية التي تحتاجها منظومة الصحافة اليوم، والتي يتداول الناس مفرداتها وتراكيبها وأساليبها في حياتهم اليومية واجتماعاتهم المتنوعة بصيغة وقالب فصيح بعيد عن الغرابة.

——–

خديجة المطري