محمد إلهامي

بالأمس، وفي ذات يوم وفاة المؤرخ والمستشار الكبير طارق البشري، توفي رجل آخر قد غُمِط حقه وضاع ذِكْره، وهو المؤرخ الإسلامي الدكتور زكريا سليمان بيومي.

 

ولهذا الرجل معي قصة، وذلك أنه أول مؤرخ، وربما الوحيد، الذي كتب دراسة عن «الاتجاه الإسلامي في ثورة 1919»، فكانت أول بذرة لتصحيح تاريخ ثورة 1919 التي سرقها سعد زغلول ثم سرقها ما عُرِف فيما بعد بالتيار الوطني المصري!.. إنها الثورة العظيمة التي تواطأت ظروف كثيرة ومصالح كثيرة على استلابها من صبغتها الإسلامية لإلباسها الثوب الوطني العلماني الليبرالي!

 

وإنك لتجد الناس يعرفون أن الفرنسيين اقتحموا الأزهر في ثورة القاهرة الأولى، ولا يكاد يعرف أحد أن الإنجليز أيضا اقتحموا الأزهر في ثورة 1919!!

 

هذه الدراسة التي صدرت قبل نحو أربعين عاما (1983م)، وفي ظل ما كان مُتاحا من مصادر حينها فهي تعتبر دراسة رائدة.. ولا يزال موضوعها بحاجة إلى من يتفرغ له ويبني فوقه.

 

ولكن إسهام الراحل لم يقتصر على هذا بل له عدد آخر من الكتب التي تمثل بمجموعها تمهيدا قويا وممتازا لتاريخ مصر الحديث برؤية إسلامية، وهذا ما يجعل إسهامه فريدا بين تراث التأريخ لمصر الحديثة، من هذه الكتب:

 

  1. الاتجاه الإسلامي في الثورة المصرية 1919 (متوفر مُصَوّرا)

 

  1. مصر الحديثة بين الانتماء العقائدي والقومي (غير متاح فيما أعلم)

 

  1. الصوفية ولعبة السياسة في مصر الحديثة والمعاصرة: دراسة تاريخية وثائقية 1903 – 1983 (غير متاح فيما أعلم)

 

  1. الإخوان المسلمون والجماعات الإسلامية في الحياة السياسية المصرية 1928 – 1948 (غير متاح فيما أعلم)

 

  1. الإخوان المسلمون بين عبد الناصر والسادات 1952 – 1981 (غير متاح فيما أعلم)

 

  1. التيارات السياسية والاجتماعية بين المجددين والمحافظين: دراسة تاريخية في فكر الشيخ محمد عبده (متوفر مصورًا)

 

  1. العرب بين القومية والإسلام (متوفر مصورًا)

 

  1. قراءة جديدة في تاريخ العثمانيين (متوفر مصورًا)

 

  1. الحزب الوطني ودوره في السياسة المصرية في 1907 – 1953 (غير متاح فيما أعلم)

 

  1. موقف مصر من المتغيرات في تركيا بين الحربين العالميتين 1918 – 1938 (غير متاح فيما أعلم)

 

  1. الحزب الوطني الجديد: دراسة في أوراق وصحف الحزب (غير متاح فيما أعلم)

 

وله مساهمة في الكتاب الجماعي «أهم الكتب التي أثرت في فكر الأمة في القرنين التاسع عشر والعشرين»، فقد راجع مجلدا منه.

 

ومن المؤسف أني لم أكتشف هذا الرجل إلا بعد الثورة، حيث صارت أيامي انشغالا متكررا، ثم اضطررت للخروج من مصر.. فلم أتمكن من التعرف عليه ولا الاستفادة منه، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

 

 

وها هو يغادر راحلا.. لكي أتأكد كلَّ يوم من قول صديقي: «مصر التي تشتاق إليها لم تعد موجودة»!!

 

رحمه الله وغفر له.. اللهم آجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرا منها.

من محمد إلهامي

باحث في التاريخ والحضارة الإسلامية