محمد إلهامي
المخرج السوري حاتم علي
المخرج السوري حاتم علي

رحل «حاتم علي» قبل أن تكتمل «السلسلة الأندلسية».. عشنا خمسة عشر عاما ننتظر «آخر أيام غرناطة»، وهي ختام «السلسلة الأندلسية الدرامية» البديعة التي كتبها د. وليد سيف، (صقر قريش، ربيع قرطبة، ملوك الطوائف)!

 

ثم جاء هذا اليومُ بخبر وفاة المخرج المتمكن حاتم علي، الذي أخرج هذه النصوص العبقرية لعالم الصورة والدراما، فخرجت كنوزها من عالم الكتب والمتخصصين إلى عالم الجماهير والمشاهدين، فعمَّ نفعها واشتهر ذكرها وصار صيتها، بل صار بعض الناس -وأنا منهم- مدمنا لمشاهدتها!

 

وإذن، لن يُخرج حاتم علي «آخر أيام غرناطة» التي نسأل الله أن تكتمل وترى النور في أقرب فرصة.

 

وإلى جانب هذه السلسلة الأندلسية، فقد أخرج حاتم علي مسلسلات: صلاح الدين الأيوبي، وعمر لذات الكاتب القدير: وليد سيف!

 

ولئن كنتُ مدمنا لمشاهدة هذه الخماسية، فإني لم أقوَ أبدا على تكرار مشاهدة المسلسل السادس «التغريبة الفلسطينية».. لقد كان حجم الألم فيها أقوى من قدرتي على الاحتمال، وصرت إذا سمعت مطلع المسلسل لم أملك نفسي من البكاء.. لقد كان هذا المسلسل تجسيدا عظيما عظيما عظيما للمأساة الكبرى في تاريخنا المعاصر.. تجسيدا لم تبلغه ملايين القصائد والمقالات ولا آلاف الكتب والروايات!

 

إن أداة التمثيل هذه في منتهى التأثير، لكن حظها وحظنا العاثر، أنها جاءت في زمن النكبة واستيلاء العملاء على مقاليد الحكم، فصارت وسيلة لنشر الخلاعة والانحلال والتفاهة والأفكار المسمومة.

 

لستُ خبيرا لأتمكن من تقديم تقييم فنيّ لعمل المخرج الراحل، ولكن أشدّ ما أحترمه من عمله هو عدم تدخله في النص، لم يكن مغرورا ليتصور أنه فيلسوف زمانه كما فعل كثيرٌ من المخرجين بتشويه النصوص لوضع أفكارهم فيه.

 

أستطيع أن أقرر هذا من خلال مشاهدتي لهذه المسلسلات آنفة الذكر، بالإضافة إلى مسلسل “الملك فاروق” الذي كتبته لميس جابر (وهي، مهما أبغضتها، قد أحسنت في البحث وجمع المعلومات وإن كانت قد أفسدت في التحليل والتفسير والاستنتاج).

 

يُضاف إلى ذلك أنه -كما أخبرني صديق فاضل ثقة- كان من معارضي النظام السوري وخرج من سوريا في بداية الثورة، لئلا يكون تحت ضغط النظام. وهذا في النهاية موقف يُحمد له، فإن عجزتَ عن قول الحق فلا تقل الباطل.

 

مقالان قديمان عن المسلسلات

المقال الأول 

المقال الثاني

من محمد إلهامي

باحث في التاريخ والحضارة الإسلامية