الأمة| استعادت العلاقات المغربية العراقية بريقها من جديد بعد نحو ربع قرن من الاندثار، لأسباب عدة، تتشابه مع مسببات جمود العلاقات العراقية العربية عمومًا؛ فيما يبدو ان هناك إصرارَا من بغداد على الدخول في تحالفات وشراكات جديدة، بما يبعد عن العراق شبحًا يهدد حاضر ومستقبل البلاد.

 

حول قيمة خطوة تطبيع العلاقات بين البلدين بعد سنوات من شبه القطيعة، يحدثنا المحلل السياسي المغربي الدكتور محمد بوشيخي، الحائز على درجة الدكتوراة حول أطروحة “السلوك السياسي لعلماء المغرب”.

ما أسباب جمود العلاقات بين العراق والمغرب لسنوات؟

 ظروف الأمن والسياسية في العراق لقرابة عقدين من الزمن تقريبًا جعلته يغيب عن الساحة الدبلوماسية العربية، وبالتالي يسجل تراجعًا في علاقاته ليس فقط مع المغرب، إنما حتى مع جيرانه الأقربين، ثم لا يمكن تجاهل الدور الإيراني في هذا الشأن الذي حرص على عزل العراق عن محيطه العربي ونسف كل محاولة تسعى لرد الاعتبار للدولة العراقية وجعل صوتها أعلى من صوت أمراء الحرب والميليشيات. 

وحول أكثر الأسباب التي شجعت الرباط على توطيد العلاقة مع العراق، يقول الدكتور بوشيخي: إن طبيعة الأشياء تفرض التقارب بين البلدين الشقيقين، الشيء الذي يحقق مكاسب دبلوماسية للمغرب، تتجلى في تشجيع دول أخرى على الخروج من المنطقة الرمادية وهجر أسلوب التردد بالإعلان عن دعمها للوحدة الترابية للمغرب واعتبار المقترح المغربي حول الحكم الذاتي في الصحراء المغربية حلاً منطقيًا وواقعيًا لتجاوز النزاع المفتعل في أقاليمه الجنوبية. ومكاسب اقتصادية أيضًا تتمثل في تعزيز مبادرات الاندماج الاقتصادي العربي وتكامله في أفق تحقيق التنمية الفعلية لكل دول المنطقة.  

ما مدى أهمية الحراك الدبلوماسي الأخير بين المغرب والعراق، وآفاق التعاون بينهما؟

الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية المغربي السيد ناصر بوريطة، تتحظى بأهمية خاصة بالنظر إلى توقيتها وغاياتها، فالزيارة هي الأولى من نوعها لوزير خارجية مغربي منذ ربع قرن والأولى لمسؤول مغربي للعراق منذ حوالي عقدين، خاصة وأنها جاءت لتفتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين بإعادة افتتاح السفارة المغربية ببغداد التي ظلت مغلقة منذ حوالي 18 سنة. 

وما يعزز أهمية الزيارة أيضًا المباحثات التي أجراها وزيري خارجية البلدين واشتمالها على قضايا متنوعة طالت الجوانب السياسية والاقتصادية والعلمية… وإعلان الرغبة في الرقي بمستوى المبادلات التجارية والشراكات بين الجانبين إلى المستوى الذي يليق ببلدين شقيقين.

ما تقيمكم لإعلان وزير الخارجية العراقي بشأن الإقليم الصحرواي؟

الموقف العراقي المعبر عنه مؤخرًا من طرف وير خارجية العراقي السيد فؤاد حسين حول الصحراء المغربية، يأتي في سياق تاريخي يشهد توجهًا عامًا دوليًا وعربي نحو دعم حق المغرب في سيادته على أقاليمه الجنوبية. مع العلم أنه تاريخيًا لم يكن أبدًا للعراق موقفًا معاديًا للمغرب بشأن النزاع المفتعل حول صحرائه، إذ حافظ الراحل صدام حسين على توازن علاقاته مع المغرب على الرغم من اختلاف نظامه مع نظام حكم الراحل الحسن الثاني وتباينهما من حيث الاختيارات السياسية والأيديولوجية. 

ويأتي الموقف الأخير ليخرج العراق من المنطقة الرمادية ويؤكد على حاجة العالم العربي إلى تعزيز الوحدة الترابية لدوله لمواجهة التحديات المشتركة، خاصة وأن العراق تواجه المشكلة ذاتها مع النزعات الانفصالية في كردستان العراق ووجدت دعمًا مغربيًا واضحًا في هذا الشأن.

كيف تنظرون لتأثير التقارب العراقي المغربي على إيران؟

التقارب العراقي المغربي بإمكانه تحصين استقلالية القرار السياسي في العراق، خاصة وأنه يأتي في سياق إقليمي خاص يتسم بحراك ديبلوماسي عربي نشيط لتحرير العراق من قبضة إيران وإرجاعه للحضن العربي، والمغرب يعبر من خلال هذه الزيارة عن دعمه لهذه الدينامية والانخراط فيها من موقع التأثير والفعل. الشيء الذي يمكن العراق من استعادة دوره الأساسي في الدفاع عن الأمن القومي العربي كما كان من قبل من جهة ثم القيام بأدوار دبلوماسية أكثر تقدمًا فيما يتعلق بجهود الوساطة بين إيران والدول العربية من جهة أخرى وهذا ما يبدوا أن العراق منخرط فيه على مستوى المفاوضات السعودية الإيرانية الجارية حاليًا.

 

من عبده محمد

صحفي