يقول ابن خلدون عن نشأة فنِّ الموشّحات: (وأمَّا أهل الأَنْدَلُس، فلما كثُرَ الشعر في بلادهم، وتهذَّبت مناحيه وفنونه، وبلغ التنميق فيه الغاية؛ استحدث المتأخرون منهم فنًا يسمونه بـ (الموشّح) ينظمونه أسماطًا وأغصانًا يكثرون منها ومن أعاريضها المختلفة، ويسمون المتعدد منها بيتًا واحدًا، ويلتزمون عند قوافي تلك الأغصان، وأوزانها متتالية فيما بعد إلى آخر القطعة، وأكثر ما تنتهي عندهم إلى سبعة أبيات، ويشمل كلُّ بيتٍ على أغصان عددها بحسب الأغراض والمذاهب، وينسبون فيها ويمدحون كما يُفعل في القصائد، وتجاوزوا في ذلك إلى الغاية، واستطرفه النَّاس جملة الخاصة والكافة لسهولة تناوله وقرب طريقه).

وأما نشأة الزجل، فقال ابن خلدون عنه: (إنه لما شاع فنُّ التوشيح في الأندلس، وأخذ به الجمهور لسلاسته وتنميق كلامه وترصيع أجزائه، نسجت العامة من أهل الأمصار على منواله، ونظموا في طريقته بلغتهم الحضرية من غير أن يلتزموا فيها إعرابًا، واستحدثوا فنًا سموه بالزجل، والتزموا النَّظْم فيه على مناحيهم إلى هذا العهد، فجاءوا فيه بالغرائب، واتسع فيه للبلاغة مجال بحسب لغتهم المستعجمة،

ويُعتبر (أبو بكر بن قزمان القرطبي) أول من ابتكر “الزجل”.. وهو إمام الزجّالين).

———–

يسري الخطيب