إسلاميون – يساريون – شيوعيون – ناصريون – ملحدون – زنادقة ..إلخ

إيديولوجيات ومسميات مختلفة في مملكة الإبداع العربي،

امتلك بعضهم ناصية الإبداع، وسنام الموهبة، ولكن ضاعات مواهبهم بسبب انتماءاتهم وأيديولوجيتهم، واتجاه نظام الحُكم..

فالمبدعون الإسلاميون مضطهدون دائما، واليساريون يختفون من الساحة إذا نشط الإسلاميون، ورضَى عنهم السلطان (وهذا لم يحدث في مصر إلا أيام السادات) لكن في بلدان عربية أخرى، كان وما زال للإسلاميين السطوة والنفوذ (بحكم السمت والصيت والبرواز الإسلامي الظاهري للبلد.. ليس إلا)

– في العقود الأخيرة فقط من هذا الزمن، وتحديدا من الخمسينيات،، صار العداءُ شديدًا لكل ما هو إسلامي، رغم أن الجماهير تتعامل مع الإبداع ببساطة، ولا يعنيها اتجاه المبدع، ولا أيديولوجيته، ولا دينه..

فبعض قصائد الشاعر العربي اللبناني المسيحي (إيليا أبو ماضي) عن الأخلاق والزهد، تتفوّق على قصائد كثيرة لشعراء إسلاميين، ونثريات (جبران خليل جبران) عن النفس البشرية والهموم العربية، تتصدر قائمة الفكر العالمي، وليس العربي فقط…

ولذا ستظل جبال الجليد قائمة، والهوّة الشاسعة تزداد، بين تفكير الناس وتفكير أنظمة الحُكم في بلاد العرب من المحيط إلى المحيط..

– الإبداع لا يعترف بالحدود والقيود والزمن والأيديولوجيات، فوَهَج الشمس وحرارتها وحضورها يخترقون كل ثنايا الكون، بلا استئذان، ولا تستطيع قوة على الأرض منعهم وإعاقتهم.

– لكن ،،،دائما..الإعلام الرسمي وأنظمة الحُكم لهم (آراء أخرى) في قضايا الإبداع،، ودائما ينتصر الإبداع…

– شاعران ظُـلِـمَا، في تاريخ الشعر العربي الحديث بسبب السياسة والأيديولوجية:

الشيخ أحمد حسن الباقوري،

والدكتور يوسف القرضاوي.

– الباقوري (1907م – 1985م) هو رائد التجديد في الشعر الإسلامي (لا ينافسه في ذلك إلا الشيخ الشاعر إبراهيم عزّت).. والباقوري هو أول شاعر إسلامي كانت كلماته تتردد في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وذلك لـ التصاقه بالشيخ حسن البنا، وهو الذي وضع نشيد الإخوان الرئيسي:

يَا رَسولَ الله هلْ يُرْضِيكَ أنّا

أُخْوَةٌ فِي اللهِ للإِسْلامِ قُمْنَا

نَنْفُضُ الْيَوْمَ غُبَارَ النَّوْمِ عَنَّا

لا نَهَابُ الْمَوْتَ لا بَلْ نَتَمَنَّى

أَنْ يَرَانَا الله فِي سَاحِ الْفِدَاءْ

– من كلمات الباقوري الشهيرة أيضا:

أيهِ يا دهر تأنّ

واروِ للمستضعفينا

في خشوعٍ كيف كنا

تاج رأس العالمينا

صِف لنا كيف استطعنا

أن نسوس الأرض حينا

– عشرات الأناشيد التي كان يرددها شباب وشيوخ الجماعة، منذ تأسيسها في سنة 1928م، وانتشرت بين الناس عن طريق المنابر، والندوات، وشرائط الكاسيت، كانت كلها للشيخ أحمد حسن الباقوري، حتى كان ما كان، وترك الباقوري الجماعة، وأصبح القرضاوي هو الشاعر الإسلامي الأول، وكانت وما زالت قصائده تتردد على المنابر، وفي المواقع ، دون أن يهتم هو بـ (الحق الأدبي) ولا يعنيه ذلك..

– هكذا تجاهل الإعلام، والنقاد، طيلة العقود الماضية، قصائد هذين الشاعرين العملاقين

عشرات الشعراء الموهوبين، بل مئات، ظُلموا، وضاعت موهبتهم، لأنهم اختاروا خندقا سياسيا وفكريا، بعيدا عن خنادق أنظمة الحُكم، ورفضوا لعبة العصا والجزرة،

وعشرات الشعراء على الضفة الأخرى، تبخّرَت موهبتهم المتوهّجة، بسبب النفاق والتطبيل، والتلوّن، والأكل على كل الموائد، والتبرير والتنظير لكل حاكم ومسؤول.

لكن..

يبقى الإبداع الحقيقي، أقوى من الضمائر السوداء والأقلام المسمومة للنقاد العرب والعجم..

وأقوى من كل الأيديولوجيات، وقيود أنظمة الحُكم،

———-

يسري الخطيب

من يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - رئيس القسم الثقافي