يسري الخطيب، كاتب صحفي وشاعر

– المُستشرِق: عالمٌ من الغرب مختص بدراسة الشرق (دين ولغة وعلوم وآداب)

– الاستشراق عبارة عن قيام علماء غير مسلمين من الغرب، بإجراء دراسات على الدين الإسلامي، ومختلف جوانب حياة المسلمين من حيث: التاريخ، والشريعة، والحضارة، وتستهدف دراساتهم المسلمين من العرب وغير العرب.

مراحل الاستشراق:

1- الاستشراق الاستعماري (Colonial Orientalism):

تعتبر هذه المرحلة أولى مراحل الاستشراق، وأشرّها وأفجرها..

2- الاستشراق ما بعد الاستعماري (Post Colonial Orientalism): وهي الحركة التي جاءت بعد حركات التحرر في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وتُسمّى: (الاستعمار الثقافي)

3- الاستشراق الجديد (New Orientalism): وهي أخبث المراحل، وتُسمى «الغزو الثقافي ونزع الهويّة» عن طريق السينما والتليفزيون ويوتيوب، ووسائل التواصل عبر شبكة الإنترنت، ويتم من خلالها التشكيك في كل ثوابت العقيدة من خلال بعض رجال الدين المنافقين، والكُـتّاب والصحفيين، والإعلاميين.

– هاجمَ الكُـتّاب العرب طيلة العقود الماضية جميع المستشرقين – بلا استثناء – ولم ينصفوا أحدا، ووضع العربُ جميع المستشرقين في (سلة واحدة) واتهموهم أنهم كانوا جزءًا من الحملات العسكرية والاستعمارية في بلاد المسلمين، أو مساهمين فيها، رغم أن الحقيقة غير ذلك، وكان بعض المستشرقين أفضل وأصدق من كُـتّاب وباحثين عرب ومسلمين.. وهذا ما جعل الأستاذ الجامعي الأميركي «جون إسبوزيتو» يقول: (لستُ مستشرقا، أنا باحث إسلامي، فكلمة مستشرق تحمل انطباعا سيئا عند العرب والمسلمين).. وكان المستشرق الشهير برنارد لويس يرفض وصفه بالمستشرق أيضا، بل أن معهد هامبورج الاستشراقي قام بتغيير اسمه إلى «معهد الدراسات الإسلامية»

– تظل الشخصية الألمانية هي الأفضل بين الأجناس البشرية، وألمانيا هي القوة الغربية الوحيدة التي لم تحتل بلدا مسلما، ولم تعادِ الإسلام كبقية القوى الأوروبية، في القرون الفائتة، بل كانت حليفة الدولة العثمانية (دولة الخلافة).. ودفعت ثمن ذلك التحالف مع المسلمين؛ سنوات من إذلال معاهدة الاستسلام.

– ويظل الاستشراق الألماني مختلفا عن بقية حالات الاستشراق في الدول الأخرى التي دفعت الاستشراق إلى خانة الاتهام والنبذ، وهو المفهوم الذي جعل الدارسين العرب يهاجمونه – حتى الآن – من دون تفصيل وتمييز.

– الاستشراق الألماني كان حُـرًا متفردًا متميزًا، لم يحظ بالدعم الحكوميّ الذي يجعله تابعا لخطط وأهداف الدولة، ولم يكن المستشرقون الألمان (موظفين استعماريين) مثلما كان الأمر بالنسبة لفرنسا وبريطانيا وإيطاليا، وأميركا..

يأتي المستشرقون الألمان على رأس قائمة المخلصين للعرب والبلدان الإسلامية..

وعلى سبيل المثال لا الحصر:

1- الكاتبة الدكتورة زيجريد هونكه ( 1913 – 1999) مؤلفة الكتاب الشهير: (شمس العرب تسطع على الغرب).. عاشت حياتها تدافع عن الإسلام والمسلمين، وكانت تجيد اللغة العربية إجادة تامة كتابة ونطقا.

2- رودي بارت.. كرَّس حياته لدراسة علوم العربية والإسلام، وصنَّف فيها عددًا كبيرًا من الأعمال؛ منها: ترجمته للقرآن الكريم التي استغرقت منه عشرات السنين، وأصدرها بين عامي 1963 و1966، وله كتاب عن النبي محمد

3- كارل هينرش «1876 – 1937»:

مؤسِّس مجلة العالم الإسلامي، كان محبا للعرب والمسلمين، وظل طيلة حياته يدافع عن النبي ويرد على الغربيين، ويفند افتراءاتهم.

4- الشاعر الشهير «جوته» أحد المدافعين عن الإسلام والمسلمين.

5- يوهان جاكوب رايسكه: مؤسس الدراسات العربية في ألمانيا؛ حيث بدأ تعليم نفسه العربية، ثم درس في جامعة ليبزيج Leipzig، وانتقل إلى جامعة ليدن Leiden لدراسة المخطوطات العربية فيها، كما اهتم بدراسة اللغة العربية والحضارة الإسلامية،ومن إصداراته (مدخل عام إلى تاريخ الإسلام)

6- باول شمتز: عاش في القاهرة حوالي ربع قرن، خلال فترة الاحتلال البريطاني، استطاع أن يرصد السر الكامن في ثبات المسلمين، وقوتهم في ممارسة الدور الإيجابي على مسرح السياسة العالمية؛ (قوة الغد العالمية).

7- آنا ماري شميل (1922 – 2003)

من أعظم المستشرقين الألمان المعاصرين، بدأتْ دراسة اللغة العربية في سنِّ الخامسة عشرة، واستطاعت إجادة بعض لغات المسلمين: التركية، والفارسية، والأوردو، درَّست في العديد من الجامعات في ألمانيا، وفي الولايات المتحدة الأمريكية، وفي أنقرة، اهتمَّت بدراسة الإسلام، وقامت بتبسيطه وتقديمه للعالم، حتى نالتْ أعلى جائزة ينالها كاتب في ألمانيا، تسمى جائزة السلام، ولكن بعض الجهات المعادية للإسلام لم يَرُقْها أن تنال «شميل» تلك الجائزة، وحاولوا أن يمنعوا حصولها على الجائزة، بحجة أنها تدافع عن المسلمين الإرهابيين

وقد أدرك مكانة هذه المستشرقة العلاَّمة والداعية المسلم في أوروبا الدكتور «زكي علي» منذ أكثر من أربعين سنة؛ حين كتب يقول: “إنها أعظم علماء ألمانيا.. سيدة تنصف الإسلام والمسلمين كثيرًا، جزاها الله خيرًا”، وقال عنها أيضًا: إنها أصدرت العديد من الكتب، منها كتاب (محمد رسول الله) بسطتْ فيه مظاهر تعظيم وإجلال المسلمين لرسول الله .

8- فردرمك: أصدر كتابا يتحدث عن عظمة الإسلام الدين السماوي ومحمد الصادق الأمين.

9- تيودور نولدكه: تخصص في اللغات العربية والسريانية والفارسية، أُطلق اسمه على أحد شوارع هامبورج الشهيرة، نال شهادة الدكتوراه، على رسالته: أصل وتركيب صور القرآن؛ ومن أشهر كتبه: تاريخ القرآن.

10- يوليوس فلهاوزن: صاحب الكتاب الشهير «الدولة العربية وسقوطها»، وقد صدر الكتاب عام 1901م، وتُرجم الى الانجليزية، وبدأ الدارسون العرب يعرفونه من خلال تلك الترجمة، ثم ترجم إلى العربية مرتين بمصر والشام، على يد عبد الرحمن بدوي، ويوسف العش، وقد أثر في الكتابة التاريخية العربية تأثيرا كبيرا.

– الألمان عِـرق متميّز ويختلف عن جميع الأجناس البشرية، وأكثر الذين أفادوا العرب والمسلمين، فهم أول من قام بجمع ونشر وفهرسة المخطوطات العربية، وخصوصًا كتب المراجع والأصول المهمة، ونشر المخطوطات، ووضعُ المعاجم العربية؛ ومن حُسن الحظ أن آلافَ المخطوطات العربية والإسلامية قد وجدتْ طريقَها نحو المكتبات الألمانية، فربما لو ظلَّت قابعةً في أماكنها لقُضِيَ عليها، لكنها في ألمانيا وجدت مَن يسعى إلى حفظها وتصنيفها وفهرستها والعمل على تحقيقها

فقد وضع فرايتاج (1788 – 1861) المعجمَ العربي اللاتيني في أربعة أجزاء، ثم وضع فيشر (1865 – 1949م) معجمًا للغة العربية الفصحي، وقاموس هانزفير (1909 – 1981م) العربي –الألماني للغة العربية المعاصرة، وقاموس شراكل (1923م) الألماني– العربي، الذي صدر سنة 1974، والقاموس الضخم للغة العربية الفصحى في جامعتي: توبنجن وميونيخ، سنة 2000، وقد أعلنت الجامعتان بأن القاموس سينتهي بعد 100 سنة.

– المدرسة الاستشراقية الألمانية هي المدرسة الوحيدة في العالم التي لم يكن لها أهداف سياسية واستعمارية، وهي المدرسة الغربية الوحيدة التي لم يكن لها أهداف تبشيرية مسيحية، مثل فرنسا وإنجلترا وإيطاليا..

من يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - رئيس القسم الثقافي