محمد إلهامي

قضيت شطر يوم أحاول كتابة معنى ولا أفلح فيه!.. أحاول ألا يُفهم عني خطأ! ثم أكتب وأمسح!

فها أنذا أقوله، كيفما اتفق..

 

ما جرى في أكتوبر 73.. كان هزيمة.. بعض الناس توصلوا لهذه الحقيقة،

وبعضهم لا زال أسيرا للإعلام والأغاني والمسلسلات.. مثلما ظل أسلافهم يرون أن ما جرى في 1956 كان نصرا لا هزيمة..

 

حين تزول القوى التي تكتب رواية الغالب التاريخية سيظهر الأمر على حقيقته.

الهزيمة نتيجة الخيانة

لكن هذه الهزيمة كانت نتيجة الخيانة..

لم تكن نتيجة تقصير الجنود، ولا تكاسل الشعب، ولا لأن قدر أمتنا هو الهزيمة (كما يحب أن يعيّرنا فلاسفة الاستبداد والخنوع)..

بل كانت هزيمة، لأن العسكري الذي في قمة الهرم أرادها حرب تحريك لا تحرير، ألقي بمئات الآلاف في مهاوى الردى،

ووضعهم فريسة سهلة لطيران الصهاينة في بدعة تطوير الهجوم.

 

قادة حرب أكتوبر يتحدثون في مذكراتهم عن أسباب الهزيمة، ولم يستطيعوا أن يتحدثوا صراحة عن الخائن الذي تسبب فيها!

الخيانة كانت سبب  نجاح انقلاب 2013

كل هذا سينكشف يوما ما، تاريخ الشعوب لا يبقى سرا للأبد..

لكن هذا يذكرني بأمر آخر.. وهذا هو مقصود المقال..

أن هذه الخيانة نفسها كانت هي السبب في نجاح الانقلاب العسكري 2013..

أن الخيانة التي كانت في قيادة الحركة الإسلامية المصرية هي المسئولة عن كل ما جرى بالدرجة الأولى..

عن الخونة أتحدث

ربما يكون فيهم مغفلون ومخدوعون..

ليس عن هؤلاء أتحدث.. بل عن الخونة..

الخونة الذين خدّروا كل الإسلاميين وخدروا الشعب حتى وقع الانقلاب..

ثم تركوهم بلا قيادة بعد الانقلاب..

وجمدوا كل طاقة جاءتهم متوسلة تسأل «ماذا تطلبون مني أن أفعل»؟

فيقال له: «رتب أمورك واعتن بنفسك وكل شيء تماما».

 

ولما التأم شمل الجماعة تحت رجال نذروا أنفسهم لله وضحوا بأرواحهم،

سعى هؤلاء بكل طاقتهم إلى تعطليهم وحربهم.. وكانوا طرف الوشاية بهم وأسباب قتلهم وتصفيتهم

الخونة والإخوان المسلمون

ولا يتحدثن أحد عن الاجتهاد الخاطئ ولا عن الغفلة ولا عن ضعف الإمكانيات.. أبدا أبدا أبدا..

ما من قيادة حركة مقاومة كانت تملك ما يملكه الإخوان المسلمون من البشر والمال والفرصة التاريخية والدعم الإسلامي العالمي في ذلك الوقت!

 

ولكن هذا التاريخ هو المعرض للطمس والإخفاء والتزوير..

تماما مثلما طمسوا من قبل كيف تسرب إليهم الخونة في قيادتهم..

حتى تمكن عبد الناصر (العيل الذي يبلغ من العمر 34 سنة) أن يمسح أكبر حركة إسلامية في وقتها!

فيجعلها بين قتيل وسجين وطريد..

وما كان يملك عبد الناصر ولو أمسك بالشمس أن يسحق الإخوان لولا الخونة..

الذين كانوا في صفوف القيادة وقتها فخدّروا له الجماعة وأمكنوه منها حتى ذبحها!

 

هذا هو التاريخ الذي يُخشى عليه الضياع والتلف.. هذا هو التاريخ الذي لا يُدَوِّنه أصحابه إلا ندرة نادرة..

 

ما كان لانقلاب مصر أن ينجح لولا هؤلاء..

وما كان لكل هؤلاء الأبطال الباسلين أن يموتوا مجانا بين الميادين والزنازين لولا هؤلاء..

وما كان لهذا السيسي أن يستمر منعما هانئا بحكم مصر لولا هؤلاء..

 

هؤلاء الخونة.. لا غفر الله لكم ولا عفا عنكم ولا أراكم خيرا في بقية أيامكم..

أوردتم الأمة المهالك ومكَّنتم عدوها منها.. وصار الممكن مستحيلا والقريب بعيدا واليسير عسيرا..

من محمد إلهامي

باحث في التاريخ والحضارة الإسلامية