د. يوسف رزقة

تعاني القطاعات الخدمية وبالذات القطاع الصحي الفلسطيني من فساد ومحسوبية عميقة تدوس بأقدمها على ما تبقى من ثقة المواطن في النظام الصحي، وبالجهات الإدارية التي تدير هذا القطاع الحيوي. ما من شك أن هناك جوانب مضيئة، وأداء مهني طيب لكثير من الأطباء وطواقم التمريض في مشافي الضفة الغربية، ولكن اتساع دائرة المحسوبية والفساد تطفئ المصابيح المضيئة للأفراد الذين يقدمون أداء مهنيا متخصصا وجيدا.

الفساد والمحسوبية عدو لدود للنجاح، الغارق في الفساد يريد كل الناس فاسدين، وإذا لم يكون فاسدين كما يريد اتهمهم بالفساد، وقال الفساد عم وطم، المحسوبية في أعلى الهرم أشرس من المحسوبية في قواعد الهرم. السارق يزعم أن كل الناس تسرق، وأنه ليس الوحيد في هذا العمل. لذا نحن مضطرون للقول لهؤلاء إن المرض يصيب من في قاعدة المجتمع، ويصيب من يتربع على قمة المجتمع، وهكذا أفادتنا جائحة كورونا، أصابت الوزير وأصابت الغفير، سكنت جسم الغني كما سكنت جسم الفقير، أصابت الشيخ الكبير وأصابت الطفل الصغير والشاب اليافع، قتلت من الرجال كما قتلت من النساء.

ما أود قوله إن جميع أبناء المجتمع في حاجة لتلقي التطعيم، وأخذ حقهم في لقاح جاء تبرعا من مانحين لكافة المواطنين، وقد نظم برتوكول الصحة العالمية برنامج أولويات المستفيدين من التطعيم، فأعطى الأولوية للطواقم الطبية، ثم لأجهزة الشرطة التي تتعامل مع الجائحة بشكل مباشر، ثم لكبار السن، وبالذات الذين لديهم أمراض مزمنه، ولكن برنامج الصحة العالمية لم يعطي أولوية لكبار رجال السلطة والمتنفذين، حيث تقول مصادر الضفة الغربية، وبالذات  تلك التي تنتقد من خلال وسائل التواصل الاجتماعي إن كبار رجال السلطة وعائلاتهم تلقوا التطعيم قبل غيرهم على خلاف برنامج الألويات، وناشد المواطنون في الصفة محمد اشتية رئيس الوزراء التدخل، وإجراء تحقيق، ومنع المحسوبية.

كبار رجال السلطة. الأغنياء بإمكانهم ماليا شراء اللقاح، بمكنتهم السفر لدول في الخارج وتلقى اللقاح فيها، ولكن الفقير والمواطن العادي لا يستطيع ذلك، وما يصل الضفة من لقاح هو بكميات محدودة، وبنظام التبرع، ولأنه كذلك فالفقير والضعيف، وكبير السن والمريض، أولى بأخذه مبكرا من كبار رجال السلطة الأشداء . وإذا كان في المقال تجنيا فلماذا تطالب أصوات فلسطينية الجهات المانحة للقاح أن تقدمها للمجتمع الفلسطيني عبر الأنروا، أو عبر مؤسسات المجتمع المدني؟! مطلوب من وزير الصحة، ومن رئيس الوزراء توضيح ما يجري، وإزالة الفساد. المحسوبية من هذ الملف الذي لا يحتمل السكوت والصمت؟!

د. يوسف رزقة

من د. يوسف رزقة

كاتب ومحلل سياسي، فلسطيني أستاذ الأدب والنقد في الجامعة الإسلامية بغزة ووزير الإعلام السابق